الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك السياسي في أقليم كردستان -مابين الفساد والإنهيار يكمن الحل في الإصلاح

هفال زاخويي

2011 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


دون شك لا يروق العنوان أعلاه للحكومة في أقليم كردستان ولا لقيادات الحزبين الحاكمين ، لكن دون أية مجاملة فأنا لا أكتب تقرباً وتزلفاً لحركة التغيير ، بنفس المقدار الذي ما تزلفنا وما تقربنا من خلال قلمنا للحزبين الحاكمين ، وذلك لأن هذا القلم الذي أكتب به لم يتروض وهو عديم الإستيعاب لدروس التقرب والتزلف والمجاملة والتملق لأحد ...!
إن البيان الذي صدر عن قيادة حركة التغييرمساء يوم السبت الماضي29 يناير 2011 والذي دعت فيه الحركة الى حل الحكومة والبرلمان ورحبت بالاحتجاجات التي تشهدها الدول العربية والتي بدأت تنجح فعلاً في الإطاحة بالأنظمة الفاسدة ، هو بيان يحمل رسالة واضحة جدية مفادها ان النظام السياسي القائم في كردستان هو نظام شبيه بالأنظمة الحاكمة في الدول العربية وانه أيضاً يعاني من الفساد وانه رغم التاريخ النضالي لأقطابه من الحزبين الحاكمين لكنه تحول على مدى عقدين الى نظام مستأثر بالمقدرات الإقتصادية لأقليم كردستان ، فرغم وفرة الموارد الإقتصادية ورغم الميزانية المخصصة من المركز (بغداد) لحكومة (أربيل) فإن هناك حالة واضحة وجلية من الفقر والبطالة الى جانب الثراء الفاحش لطبقة مستأثرة في ظل إختفاء الطبقة الوسطى التي هي لولب حركة التطوير في كل المجتمعات ...
كان من المفترض – ومازال الوقت مناسباً- لحكومة الحزبين الحاكمين تبني مبدأ العدالة في توزيع الثروات وفي فرص العمل في مؤسسات الأقليم الرسمية وكذلك تغيير الوجوه الإدارية التي غدت شبه أبدية كالمومياءات على الكراسي بدءاً من القادة السياسيين وانتهاءً بمسؤولي فرق التنظيف في مديريات البلديات .
مع اعتقادنا المطلق بأن عملية النهوض بالواقع الكردي كانت مهمة صعبة للغاية وما زال الوضع يتطلب عملاً مضنياً مستمراً مخلصاً نظراً للتركات الثقيلة التي خلفها النظام الديكتاتوري ، لكن كل ذلك ليس مبرراً تلجأ اليه قيادتا الحزبين الحاكمين وتدعي في كل مناسبة وأمام كل صوت منادٍ بالعدالة ( إن الوضع حساس وإن التوقيت غير مناسب)، هذه جملة تعودنا عليها من قبل أولياء الأمر في كردستان وهي مبرر واهٍ وفي غير محله ويقع أولاً وأخيراً في خدمة الشركاء في الحكومة الذين يحكمون قبضتهم على كل المؤسسات الحكومية، وقد تكون( كلمة حق يراد بها باطل ).
إن عملية النقد التي تقوم بها أجهزة الإعلام المستقلة في كردستان حالة وظاهرة صحية ولا يعقل أن يطل المسؤولون علينا بين الحين والآخر ليخونوا ويشوهوا وجه الصحافة المستقلة في أقليم كردستان ، فالنضال الذي كان يجري في كردستان وعلى مدى عقود مريرة من الزمن ليس حكراً على قائد أو حزب أو عائلة بل هو نضال ساهم فيه الشعب الكردي بشتى شرائحه فما زالت قمصان ضحايا الأنفال مبللة بالدم وهم بعشرات الآلاف ومازالت أطلال آلاف القرى التي دمرتها الآلة العسكرية القمعية البعثية شاخصة للعيان ،ولا يحق لأحد أن يدعي (السوبرمانية) وينسى ويستصغرمعاناة ونضالات الشعب الكردي الذي مازال الكثير منه من الثوار الحقيققين مقصياً مهمشاً كإقصاء أبي ذر الغفاري من قبل عثمان ابن عفان ومات دون ان يكون له كفن (وهذا مثال واضح وجلي ففي تلك المرحلة من الخلافة بعد انتصار الإسلام كان هناك صراع مستميت بين (الصحابة)على السلطة ومصادر الأموال وظهرت حالة من الثراء الفاحش مقابل حالة من الفقر المدقع والتاريخ يخبرنا الى أين سارت الأحداث فهل سنتقاتل ثانية في معارك كردية تشبه معركتي الجمل وصفين ، كما سبق وان قاتلنا على السلطة والأموال في منتصف تسعينيات القرن الماضي ؟).
صحيح ان الاحتجاجات الجارية في البلدان العربية هي معركة الأهالي ضد قوى الطغيان المتمثلة بالأنظمة الحاكمة، هي معركة الفقر ضد الثراء ، هي معركة العدالة ضد الظلم، هي معركة المساواة ضد التفرقة، هي معركة الإنسان ضد الطغيان ، وأنا اسميها بمعركة المظلومين المقهورين لإستعادة كرامتهم التي اهينت بفضل السياسات الخاطئة والظالمة للأنظمة الحاكمة ،ويبدو ان هذا الوقت يشهد ظاهرة يقظة حقيقية ، لذا نتمنى من القيادات الكردستانية عدم تخوين المناوئين وعدم الصاق التهم بهم جزافاً فهذه نغمة قديمة تعودنا عليها في شرقنا البائس ...
من الجانب الآخر نتمنى من حركة التغيير أن تكون صادقة في نواياها وان يكون خطابها الإعلامي والسياسي متوافقاً ومتناغماً مع عملها ، لاأن تتحدث وتصرخ متخذة من معاناتنا قميص عثمان ومن ثم ينكشف ان جل جهدها يصب في خانة الوصول للحكم فهذه الذرائعية موجودة لدى أغلب الحركات السياسية ، والحركة الكردية بمجملها وبمجمل تياراتها ليست شاذة عن هذه القاعدة ...سيما ان قيادات التغيير كانت من قيادات الحركة الكردية وساهم أقطابها في النضال ضد الديكتاتورية الى جانب مساهمتهم مع اخوتهم ورفاقهم في قيادتي الحزبين الحاكمين في الحرب الداخلية الكردية التي ذهب ضحيتها ما يقارب من خمسة الاف من قوات البيشمركة اولئك الشباب الذين خلفوا وراءهم امهات ثكلى وارامل وايتام مازالوا يلعقون جراحهم...!
نعتقد ان الوقت مناسب جداً لإقدام الحزبين الحاكمين في كردستان على سياسة إصلاحات جادة ، اصلاحات سياسية واقتصادية وديمقراطية وادارية واجتماعية ، وكما يقول المثل ان (رأس الحكمة مخافة الله)، نعتقد ان رأس الإصلاحات هو تحقيق (العدالة )، وهذا ما نفتقده في اقليمنا الجميل الهاديء الساحر ، نعم نفتقد العدالة ومن ثم العدالة ، فهناك اقصاء وهناك تهميش وهناك جفاء من قبل القيادات والأحزاب الحاكمة لمخالفيهم في الرأي.
نعتقد ان قيادتي الحزبين الحاكمين ( الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) تتحليان بتجربة سياسية ثرية وبعقلية تتيح لهما استيعاب (ان النقد هو مساهة فعالة لمد يد العون لهما وتشخيص الخلل والأخطاء الحاصلة بغية معالجتها) ، ونتمنى منهما عدم تصنيف كل ناقد في جوقة العمالة والخيانة ، فالوطنية ليست شهادة حسن سلوك تمنحها الأحزاب والقيادات والحكومات لمواطنيها .
ان قلقنا من مد شعبي عارم عنيف لتغيير الأوضاع في كردستان قلق ينطلق من كون هذا الأقليم الجميل لا شكل سياسي له ، فالدول التي تشهد الاحتجاجات هي دول معترف بها لا خوف على مصائرها كدول قائمة بذاتها ، اما الأقليم فهو يستند على رجل واحدة وهو مهدد دائماً، وإن لم يكن كذلك فعلى القيادتين ان لاتدعيا( ان الظروف حساسة والتوقيت غير مناسب) ...الأقليم مركب مهدد وسط بحر هائج متلاطم الأمواج ، وعلى القيادتين كما على حركة التغيير المعارضة أن يتعاملوا بعقلانية وهدوء وروية وحكمة مع التطورات والواقع...أن تقدم الحكومة فوراً على الإصلاحات ، وان لاتكون دعوة التغيير جسراً للوصول الى هرم السلطة ، ونعتقد ان ما ورد في بيان حركة التغيير فيما يخص حل البرلمان والحكومة وسحب مسودة دستور أقليم كردستان في غضون ثلاثة أشهر هو مطلب لا يصب في خدمة الحل الجذري بقدر ما يعقد الأوضاع أكثر ،ونعتقد أن التروي والحوار البناء والشفاف والمكشوف والمعلن بين هذه القيادات المتنافسة ( الحزبين الحاكمين ومن معهما من جهة والمعارضة من جهة أخرى) هو السبيل الأمثل لتجاوز مشاكل الجميع وعلى رأسهم الشعب الكردي في غنى عنها ، وستكون الدعوة الى الإصلاحات أكثر نفعاً وحلاً ناجعاً للمشاكل التي بدأت تتسارع في الظهور على أرض الواقع في أقليم كردستان...وكل الأطراف تتحمل مسؤولية جسيمة فيما يخص مصير أقليم كردستان.

ملاحظة:عمليات التجميل التي تقوم بها أجهزة الإعلام الحزبية وجوقة الإعلاميين السلطويين لن تنجح في إخفاء العيوب أبداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجذور اولى من السطح
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 2 / 2 - 16:23 )
مقال متوازن يحمل الجميع المسئولية لما تقع علية من واجبات لتقوم بها بدون مجاملة او مواربة عسى الجميع ان تتحرك قبل فوات الاوان لتقوم بافضل ما ليديها ومن نية صافية وهدف نبيل تصب في النهاية في مصلحة شعب واقليم كوردستان لتصحيح المسار للوصول جميعا الى الهدف المنشود في شعب حي وقوي وكردستان حر يعيش فيه الانسان بكرامة وعدالة وقابضا على مصيرة ومتحكما في مستقبل اجياله ليعيش الجميع احرار وفي سلام


2 - مجلس حكماء
سرسبيندار السندي ( 2011 / 2 / 2 - 19:13 )
تحياتي لك يا عزيزي هفال وعلى حرصك الوطن الجميل الذي لازال مع ألأسف الضعيف فيه يئن والفقير ... وليس على القيادات بعد ألأن من عذر فنواقيس الموت والخراب تدق في كل مكان وهم سيكونون أول ضحاياها ... فكفي سبع سنين عجاف وما يلتحف به المواطن لازال كلام ووعود ووجوه نحاف ...!؟


3 - وضوح الشمس
راستي البدراني ( 2011 / 2 / 2 - 19:25 )
اخي هفال لماذا هذا الغياب الطويل؟؟؟؟ نرجو منكم ان لا تحرمنا من قلمكم الكريم والحكيم , على كل , اود ان اعرج الى موضوع واحد وهو نضال وتضحيات البارزاني الخالد وعائلته الكريمة ( مستثني منها الجهلة والسراق) حيث انهم لن يستفيدوا من دروس السابقين مثل المقبور ( ابو الجرذان) وعائلتة الساقطة بدون تشبيه عندما اعتمدوا على مستشارين منحرفين وساقطين ودجالين واللحمد لله هم كثر في الوقت الحاضر وببلاش!!!!،وللأسف قد رأوا الفلوس ونسو النا..... ودماء الشهداء الذين وصلوهم الى هذه المرحلة, ولكن الواقع اكبر من الحال وان الحياة غير مسيطرة ولكن مسيرة وان الفايروسات قد تنوعت وكثرت ( مثل فايروس الخنازير وفايروس الطيور وفايروس جنون البقر واخيرا فايروس جنون وازالة الرؤساء، وانه معدي وخطير والله يطول عمر ومن عمرنا على عمر هذ الفايروس الحكيم الكريم ( فايروس الؤساء * وانشاء الله هو في نضاله مستمر ونحن له فداء الى ان يقضي على كل الدكتاتوريين والشموليين والمنحرفين والجهلة ، الذين يعملون ،اللا _ نعم ، غصبا ، على ارادة الشعوب ، ومرة اخرى الف شكر للأخي الكريم هشيار كني


4 - تشخيص سليم وحريص على التجربة الكوردستانية
كامل الشطري ( 2011 / 2 / 2 - 21:13 )
تحياتي للاخ الكاتب هافال زاخويي
كلامك رصين وحكيم وعقلاني وحريص ويحمل مضامين نظرية و عملية لطبيعة عصرنا الحالي والذي يتطلب منا الانفتاع على الاخر والاعتدال والوسطية والحفاظ على السلم الاهلي والتعايش السلمي وفي اجواء ديمقراطية وفسحة اوسع من اطلاق الحريات السياسية والمدنية واحترام الشعوب وحماية حقوقها المدنية وتوفير الحياة الحرة الكريمة لها وتبني مطاليبها اليومية والاصغاء اليها كونها صانعة الخيرات المادية وصاحبة القرارات الشرعية في الحياة السياسية والحكومية
مع الاعتزاز الاخوي
كامل الشطري


5 - القلم الشريف
راضي حمزة الراضي ( 2011 / 2 / 3 - 05:51 )
قالها من قبل رواد الستينات القلم الشريف مقابل الف سيف
عشت يا سيد هفال وعاشت كردستان وعاش شعبها الاّبي
الساعي للعيش الرغيد الرافض للفقر والجهل والمرض

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -