الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- مصرُ البهيّةُ ، أُمُّنا ، جاءتْ إلى الساحةْ - *

صادق البلادي

2011 / 2 / 2
حقوق الانسان


" مصرُ البهيّةُ ، أُمُّـنـا ، جاءتْ إلى الساحةْ " *

لقد جسد الشعب التونسي بثورة الياسمين صحة ما قاله الشاب التونسي أبو القاسم الشابي أن القدر لا بد أن يستجيب إذا ما الشعب يوما أراد الحياة. فانتفض الشباب ،غير المُسيس، يتظاهر في الشوارع من مدينة الى أخرى،
يعلن عن غضبه على ما حل بالشاب محمد بو عزيزي من إهانة لكرامته من شرطية ،وفي مجتمع ذُكوري، تَجَسد فيها له كل عُتُو البيروقراطية الفظة، المُتَشِّربة بعبودية الخنوع لمن فوقها خيطا واحدا، والتسلط والتعجرف على من هو دونها خيطا، فكيف بمن لا يلبس بزة السلطة. وهذا في دولة تونس التي ترعاها، وتطبل لها الدول الغربية ، وحقوق الإنسان، فهي دولة عَلمانية أو عِلمانية، إختر ما تشاء، فهي ، وهتلر وصدام أبعدا سلطة المؤسسة الدينية عن شؤون الدولة أيضا، فهذه ليست بالضرورة صنوَ الديمقراطية التي يكون الظَفر بها الخُطوة الأولى الشرط الأول، للسير نحو مجتمع الحرية والعدل، الذي حلم به الانبياء، و الفلاسفة ، والذين ما عاد تفسير العالم تفاسير مختلفة وحده كافيا ، بل السعي لتغييره مهمتهم أيضا، كي يستعيد الإنسان حريته، متخلصا من غربته وإستلابه. كانت الشعلة التي أنارها جسد صاحب عربة الخضار المتجول، الذي حرم نفسه من حق التعليم ليقي عائلته غائلة الموت جوعا في عالم يفيض بالثروات، لكنه مصاب بفرط سوء التوزيع الذي يفرضه الحاكمون ، المالكون الذين صار يتجسد في نفوسهم وحدهم “تكبّر إبليس ، وحسد قابيل ، وعتوّ عاد ، وطغيان ثمود ، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وقحة هامان”، لا في كل نفس كما ظَنَّ واهما إبن القَيِّم.
إنتصار الشعب التونسي هذا أكد مرة أخرى أن الناس إن استيقظوا من غفلتهم، التي يوقعهم فيها وعاظ السلاطين و مثقفو السلطة، وإن بِصَمتِهم عن
الظلم والعسف، إن استيقظ الناس، أَحَرَّكهم النُزُوع الى الحرية أو تفاقم الحاجة ، أو تنامي الوعي أنهم على حق وعازمون على إستعادة كرامتهم المسلوبة تتفجر آنذاك قوتهم برا كينا وسيلا يجرف الطغاة إن رفضوا ، أويتركهم يذوون في مزابل مع خَضراوات الدِمن.

الحرية نزوع و عدوى، ولذا ما كان لإنتصار ثورة الياسمين أن يوقف إنتشارها أحد. بات الكل ينتظر أين سينطلق لهيب الغضب فالشرارا ت تتطاير في كل بقاع البلاد العربية، الغارقة بالثروات وبالإملاق و بالفساد. بلاد بات ليس لأهلها ما يفقدوه سوى القيود والأغلال ، وتنفتح أمامهم فضاءات الفرح والحرية ، ويبدأوا السير للتمتع بثمار ما ينتجون، إن عرفوا و تغلبوا على نشوء لِصُّقراطية جديدة تَتستر بطِلاء الديمقراطية.
و أدرك الحكام ذلك فسارعوا من ملوك وأمراء و جَمالـِكَة ( جمع جملوك –رئيس جمهورية مدى الحياة ووريثه، يمكن أن يكون أيضا رئيس طائفة أوحزب) الى توزيع المكرمات من عطايا ومنح ورواتب وتخصيصات للبناء.
وراحوا ، من مبارك الى علي صالح وسيسرع الأسد ، أنهم ماكانوا ينوون تجديد الترشيح بعد لكن وقتهم قد فات وآن أوان الناس. وحَقَّ لسعدي يوسف أن ينادي :

في ساحة التحريرِ
ما أبهى النضالَ
وأقبحَ الراحةْْ!
مصرُ البهيّةُ ، أمُّـنا ، جاءتْ إلى الساحةْ
يا أحمد فؤاد النجم...
هاهي ذي القيامةُ آذَنَتْ :
مصرُ البهيّةُ ، أُمُّـنـا ، جاءتْ إلى الساحةْ !*
ومنذ أسبوع وشعب مصر، الذي ما استطاعت السلطة بشرطتها _ رغم مئات الضحايا_ أن تثنيه يعتصم في ساحة التحرير مطالبا برحيل النظام ، إن لم يكن طواعيةً ، فمُكرها يوم جمعة الرحيل.
ها هي مصر العروبة يتجاوب معها الواعون من شعب العراق تضامنا و تعاطفا، فما سيحدث فيها سيكون له التأثير الكبير في إستنهاض قوى التحرر العربي لتتخلص من حكامها الفاسدين ، المستبدين ، ومن الهيمنة الإمبريالية ، ولا تبقى تستورد بمليارات الدولارات أكداس السلاح ، التي لا ينتفع منها غير تُجار الموت وعاقدي الصفقات، مهما علت أصواتهم بالصراخ أنها للدفاع عن الوطن وإستقلاله، فأي كذب صارخ تفضحه الأراضي، والمياه، والأجواء العربية المفتوحة من الخليج الى المحيط، و الميادين المكشوفة والآمنة لغطرسة القوات الأمريكية والإسرائيلية، لعملاء السي آي أي و الموساد وغيرهما.
هذا التضامن من العراقيين مع شعب مصر يبين أن بذرة إبعاد العراق عن العالم العربي ،التي سعى الأمريكيون لإنباتها في أفراد من المعارضة العراقية، لم تُثمر وتُأتِ بأُكلها كما إشتهوا و تخيلوا.
الخشية من الزلزال دعت أوباما للطلب علنا في مؤتمر صحفي أن يقوم مبارك وفورا بنقل السلطة سلميا الى الشعب. فالخشية ناتجة عن إدراك واقعي أن الزلزال إن أحدثه مبارك فسيكون وباله ليس عليه وحده ، و إنما على مصالح كل أصدقائه، في الجوار وعبر البحار والمحيط. إن كان حسني عسكريا يفخر بـ " شرفه العسكري "، فلا يقبل بالفرار من "خدمة العلم و الوطن"، ويريد أن يموت ويدفن في أرض مصر فلينتحر وحده ، كما فعل أنفار من عساكر قبله، فيضمن له قبرا في تربة مصر، وينقذها من أن ترتوي ،ومجددا، بدماء مصرية طاهرة، شريفة. وهذا يتطلب من الجيش أن لا يسمح بتلطيخ صفحته بالأنحياز الى جانب حسني مبارك ، وأن ينادي أو حتى يجبر الفرد المستبد العنيد على التنحي فورا ، بدل أن يناشد ، باسم حب الوطن، الملايين الصامدة، الصابرة ، المسالمة على التفرق و العودة الى أماكنها قبل رحيل الفرعون، الذي لم يعد لبقاء مثله معنى في القرن الحادي والعشرين.
و في وقت إنتفظت وتنتفظ في البلاد العربية جماهير الشباب بالملايين تنشد الحرية والخبز فإن من الغريب أن تُسَّوِدَ أقلامُ بعض الكتاب ممن يدعي اللبرالية، وكان بعضهم ينتسب للثوريين ، وحتى للمتياسرين منهم ، صفحاتٍ يعبرون فيها عن تمنياتهم لو لم تقع هذه الإنتفاضات خشية منهم أن يسيطر عليها الإسلاميون من حزب النهضة في تونس أو الإخوان في مصر، كما فعل المعممون في إيران الخمينية، الذين أقاموا فاشية معممة أرادوا تصديرها، ولكن الى حين فعاصفة الديمقراطية التي تهب ليست كعاصفة الصحراء التي أعلنت بداية نظام عالمي جديد .
* من قصيدة للشاعر سعدي يوسف، منشورة على صفحته. 30.01.11








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي


.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل




.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل


.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق




.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا