الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء في استوكهولم2

شهناز أحمد علي

2011 / 2 / 2
الادب والفن


شعرت بدفء غريب يحضن روحها, رائحة الياسمين يفوح من أيدي ابنتها الصغيرة التي تستعجلها الذهاب إلى بيت الثقافة حيث هناك قسم مميز لأطفال ( رسم, قراءة, أعمال يدوية)," من هؤلاء ؟ لماذا سنقف معهم؟" لا تقتنع الصغيرة بأجوبة الأم وتقول لها "سأرسم الشمس" مذكرة إياها بأن اليوم هو يوم العطلة وقد وعدتها بالمجيء إلى هنا لممارسة هوايتها في الرسم .
تقترب من الجموع المحتشدة في الساحة المركزية للمدينة حيث لا يمر أي يوم عطلة دون تجمع بعض من الناس هنا في قلب مدينة الديمقراطية استوكهولم . القادمين من بلدان الجوع حيث لا الحرية ...لا الخبز... لا أيام مخصصة لفرح الأطفال.
لم يكن تجمع اليوم من أجل التضامن مع الكرد أو مسيحي العراق أو القاهرة ولم يكن من أجل الدفاع عن الإسلام المضطهد في الغرب كما يدعون. بل كان احتفال بالثورة الياسمين ثورة محمد بوعزيز الشاب الذي أشعل جسده ثورة ليعيش شعبه عزيزا"وحرا", ما لفت انتباهها تلك الصباياالصغيرات اللواتي ولدن في سويد ولم يعشن في ظل القهر والقمع حاملين اللافتتات أمل والفرح , ربما كن أكثر الناس معرفة بمدى معنى الغربة والمنفى الموجود في أعين أمهاتهن.
ذكرها صوت الرجل الذي يحمل المكرفون وشعاراته بالمسيرات( الوطنية)الإجبارية للطلبة المدارس في سوريا بالرغم من الفرق الشاسع بين الحدثين, من شدة تكراره للكلمات ( العالم العربي), فلسطين, الشعب العربي. لكن بالرغم من ذلك كانت رائحة الياسمين تفوح من تلك الساحة الباردة جدا حيث الزمهرير والظلمة الحالكة يلف المدينة في الشتاء. حضنت ابنتها وابتسمت متذكرة الصور التي بثتها القنوات الفضائية للطائرة بن علي وهي تجوب سماء الدول من مالطا إلى إيطاليا إلى فرنسا باحثة عن مأوى للرئيس الهارب ولاحت في الأفق صور بوعزيز و غيفارا في أيدي التونسين, غادرت المكان حالمة بالمشاركة بإحتفال آخر.

**************************************************************

كانت متعاطفة معها كثيرا فهم أكثر الناس معرفة بماهية أن يجبر اللإنسان على ترك وطنه , لكن لم يمنع ذلك من الصدام بينهم بين الفينة والأخرى " أقسم لك بالله العظيم إنهم يفرقون بينه وبين الأطفال الاخرين في روضة الأطفال......نعم اسمه محمد هذا هو السبب". ترد قائلة:" تبقى عدالتهم مكان احترام , اسأل نفسك ما هو سبب لجوءك , من يسمع انتقاداتك اللاذعة لهم سيظن إننا من بنينا حضارتهم" يرتفع صوتها غاضبة " نعم حتما" سيكون هذا موقفك حصلتم على أكثر من حقكم في العراق .... تشتم الأمريكيين وتذهب تاركة زميلتها في مدرسة تعلم اللغة السويدية في صمت.
شتاء استوكهولم قاس قسوة الغربة , الثلج وحده قادرا" على إعطاء القليل من النور في ظل الغياب الشبه الدائم للشمس. يلتقون ثانية" ومعها ابنها محمد حيث اليوم الاحتفال بأعياد الميلاد في المدرسة, حضنت الطفل وأخذت معه صورة تذكارية قائلة لأمه مازحة" أهو أيضا" معترض على كردستان". بعد إنتهاء الاحتفال أخبرت أم محمد زميلتها بوجود خبز التنور في المطعم القريب من المدرسة , اتفقوا على الذهاب لشراء خبز , قالت لها " أتعلمين إن اسم المطعم كان " كردستان" وقد تم الهجوم عليه ليلا" من قبل مجهولين". ابتسمت لا بأس الأن لنذهب, وفاحت رائحة الخبز, ربما وصلت الرائحة الى أزقة القرى المنسية في الشمال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع