الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل الواقع العربي قبل الانتفاضة التونسية والمصرية

رفعت نافع الكناني

2011 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


من خلال تتبعنا لمراحل تاريخ الحركات السياسية الوطنية في منطقتنا العربية ، نلاحظ ان الصفة التي تميز مسيرتها الطويلة هو الملاحقة والضربات القاسية والتصفيات الجسدية لها من قبل السلطات الحكومية ( ملكية او جمهورية ) واجهزتها القمية على مدار اكثر من سبعة عقود . واستطاعت هذة المنظومات الحكومية من صنع احزاب تابعة لها ، وانتاج مؤسسات امنية وبوليسية ومخابراتية ، دربت في الداخل وفي بلدان مختلفة النظم ، سواء كانت شرقية ام غربية على مختلف الاساليب القمعية والوان التصفيات الجسدية وشتى انواع تشوية السمعة لمعارضيها ، الى الحد الذي باتت هذة الانظمة نموذج سيئ لدول فاشلة اهم ملامحها ، الدكتاتورية والحكم الفردي والعائلي وانتهاك حقوق الانسان ومصادرة الحريات ، نظام اداري وقضائي فاسد ، ديكور دساتير لم يلتزم بها يغير وفق مشيئة الحاكم ، وبعض الدول لم تمتلك دساتير لحد الان ، لا وجود للعدالة الاجتماعية ، خنق كل بادرة لحياة ديمقراطية حقيقية ، انتخابات مزورة موديل اكثر من ( 90 %) والشواهد كثيرة واخرها انتخابات مجالس الشعب المصرية ، والتصرف بالمال العام والكسب غير المشروع ، وكأنة ملك شخصي لهم ولعوائلهم ومناصريهم ، زيادة كبيرة في اعداد اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة من قبل المسؤولين وعوائلهم نتيجة استغلال مصادر الثروة الوطنية وعمليات غسيل الاموال الكبيرة والتصرف بها لخلق طبقة منتفعة تدعم وتدافع عن استمرار تلك الانظمة ، وانتهاج سياسة التوريث والاحقية العائلية في كافة مجالات الحياة من مناصب الصف الاول في الدولة والحكم الى رئاسة الاحزاب الى الوظيفة العامة ، الى قيادة الاندية الرياضية ونوادي الفروسية والقمار .

نتج عن كل ذلك انتشار البطالة بشكل مخيف بين الخريجين والطبقات الاخرى من المجتمع ، هبوط وتدني مستوى الاجور والرواتب ، الفقر والجوع والمعاناة السمة المميزة لغالبية هذة الشعوب ، تفشي الامراض والاوبئة الكثيرة ، نقص حاد في الخدمات ، فساد مالي واداري واخلاقي ، هبوط في مستوى التعليم بمختلف مراحلة ، ازمات في مشاكل السكن وانتشار المساكن العشوائية وانتشار ظاهرة السكن في المقابر الذي يقدرها البعض بحوالي مليونين شخص في مصر ، وقلة وقدم في ابنية المدارس والمستشفيات والمرافق العامة ، تخلف القطاعات الاقتصادية وخاصة الصناعة والزراعة والخدمات ، ما عدا قطاع السياحة الذي تسيطر علية طبقة مستثمرة منتفعة لا يجني المواطن العادي منها اية منافع ، هوة تكنولوجية ومعلوماتية وتقنية كبيرة بيننا وبين اغلب دول العالم ، جيوش جرارة تزج في حروب خاسرة داخليا وخارجيا لا فائدة منها ، وتدهورت اقتصاديات تلك الدول بحيث ان غالبية مصادرها المالية والمساعدات المالية الامريكية تذهب لاغراض التسليح وادامة الاجهزة الامنية القمعية وشراء الذمم وانشاء مؤسسات اعلامية وواجهات حزبية مزيفة ، اسهمت في استمرارها لعقود طويلة . هذة الديمومة لتلك الانظمة وبقاء قادتها ومحاولة توريث ابناءهم رغم معارضة شعوبهم ، اسهم بشكل رئيسي لتخلف تلك الدول عن مثيلاتها في البلدان الاخرى التي انتهجت النظام البرلماني والتدرج السلمي للسلطة واحترام الانسان باعتبارة قيمة عليا في المجتمع .

لقد استعملت وجربت هذة الانظمة كل انواع البطش والقسوة والابادة ضد خصومها السياسيين وكبلت شعوبها برعب الخوف وشبح المخبر السري والمصير المجهول الذي ينتظر من يحيد عن خطوط سيرها المرسومة للناس ، هذا الزيف من التضليل الحكومي عن واحات الحرية والديمقراطية وكذبة احترام كرامة الانسان في تلك البلدان ، قد خلق وأسس انظمة تفتقر الى الحيوية والتجديد ومواكبة العالم في تقدمة في كافة مجالات الحياة ، وخاصة ونحن نجتاز العقد الاول من القرن الواحد والعشرين . ان محاولة التشبث بحكم تلك البلدان من قبل مجموعة من الرؤساء والقادة المخضرمين لعقود عديدة ، ومنهم من عدًل دساتير بلادة بصيغ تعبر عن امكانية بقاءة في حكم البلاد الى اخر دقيقة من حياتهم ... لم يتمكنوا من دفع عجلة التقدم والحداثة والمدنية والعدالة طوال تلك الفترات الزمنية الطويلة التي حكموا بها ، بل ان التميز الواضح على ديمومة بقائهم على كراسي الحكم الوثيرة ، هو العمل على فرقة اطياف شعوبهم وبث آفة الطائفية بين ابناء البلد الواحد وخلق اسباب الفتن والتصادم بين القوميات والاديان المختلفة التي تعايشت منذ الاف السنين . والواقع العربي يكشف بشكل واضح ما تعانية هذة البلدان من نمو حركات دينية متطرفة فرضت على الشارع العربي مختلف الوان الاضطهاد ومارست شتى انواع القهر والارهاب لتسويق نهجها وفكرها المتطرف بسبب غض الطرف عنها من قبل دول كثيرة في المنطقة ، سعيا منها لكسر شوكة الاحزاب والحركات السياسية الوطنية والديمقراطية . وباتت العلامة الفارقة لهذة الانظمة هي الشيخوخة العقلية والجماد الفكري والترهل البدني والخرف المبكر .

من هذا الواقع العربي وما نالت شعوبها من الضيم والتغييب وسلب الارادة ... الانتفاضة العظيمة قد بدأت ، ولم تكن وليدة الفراغ او ترفا فكريا ارادة البعض ، انها الصدمة الكبيرة التي احدثها البركان الشعبي الجارف ، ابتدأ من تونس الخضراء الباسلة واسقط الحكم الفاسد والدكتاتوري لزين العابدين ابن علي في انتفاضة مجيدة خلال اقل من شهر واحد عرفت بثورة الياسمين ، كان قداح الفتيل لها الثائر الشهيد محمد بوعزيزي الذي نال الخلود الابدي . بعد هذا الانتصار الكبير للشعب التونسي الذي اخترق جدار الخوف وكسر قيود الذل وتحدى الموت والبطش وحقق الانتصار .... انطلقت الانتفاضة رقم ( 2 ) في شوارع مصر وحاراتها لتعلن ميلاد فجر جديد ، ووقف شباب مصر الابطال ليقولوا بصوت واحد ( ارحل مبارك ) ولن نحيد عن مطالبنا الا باسقاط الحكم الفردي وطمس نظرية التوريث سيئة الصيت . لقد صعق النظام من هول الصدمة التي احدثتها الانتفاضة الباسلة ، والتي عكست ما كان يجري داخل مصر من تزييف لحقيقة وطبيعة الحكم . ولم تفيدة قواتة الامنية والسرية التي يزيد تعدادها عن المليونين من الصمود ليوم واحد امام صلابة الشباب المصري الثائر . اتجهت هذة القوات المنهزمة والتي كانت يد النظام الضاربة للنظام الى عمليات سلب ونهب للممتلكات العامة والخاصة وترويع المواطنين في بيوتهم ، وحرق المباني وسرقة المستشفيات والمصارف ، والاخلال بالنظام والامن الاجتماعي من خلال فتح السجون واطلاق سراح المجرمين والارهابيين . والايام القادمة سوف تشهد الوجهة الحقيقي الفاشي للنظام المصري من خلال اجهزتة الامنية والسرية بلباس مدني تنزل للشوارع كما فعلها نظام صدام خلال انتفاضة العراقيين الباسلة في آذار 1991 . كل هذة الاعمال لم تفت في عضد الشعب الثائر ... انة في الميدان لم يتحرك خطوة الى الوراء عن هدفة الاوحد وهو رحيل الطاغية وصنع مستقبل جديد يليق بمصر الحضارة . وما هي الا ايام ليغادر الطاغية ذليلا مدحورا ، ليتماسك ويتعاضد كل شباب مصر وحركاتة الوطنية للوقوف امام اعمال شق الصف والنيل من انتفاضتهم العظيمة ، لان حكم مبارك فقد شريعتة يوم انطلقت الشعب المصري عندما قال كلمتة بوضوح . ختاما على القادة العرب ان يفهموا ويستوعبوا الدرس جيدا فالانتفاضة رقم (3 ) على الابواب !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة