الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية قبل الخبز

عبد علي عوض

2011 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لقد برهنت رياح التغييرالتي أطاحت بعرش طاغية تونس وهزَّت وأرعبت عروش ما تبقى من طغاة الإستبداد ، أنَّ ما جرى في تونس ويجري الآن في مصر هو نتاج التراكمات الكمّية ولعقود من السنين في مصادرة حريات الشعوب من قِبل حكّامها المستبدين ، والتي أدت الى هذا التراكم النوعي المتمثل بحالات الإنتفاض الشعبي العارم ، تعطشاً للحرية والإنعتاق وإسترداد الكرامة الإنسانية . فقدان الحرية وإمتهان كرامة المواطن هو الذي دفع بالملايين من المقهورين والمظتهَدين الى رفع صرخاتهم سلمياً ، متحدّين أجهزة القمع الحامية لأنظمتها الفاشية ، وها نحن نشاهد كيف تجابَه إعتصامات الشعب المصري السلمية بالهراوات ، والتي تعكس حالة الهستيريا لنظام مبارك ، الذي أخذ يعد أنفاسه الأخيرة ، غير آبه بمناشدات شعبه والأسرة الدولية .
البعض يتصور أنّ الوازع الرئيسي لتصاعد تلك الإعتصامات هو تفشي البطالة وإنتشار الفساد ، وهذا غير صحيح ، لأنّ مصادرة أقدس شيء يمتلكه الإنسان ( حريته الفردية وفكره ) هي جريمة أكبر من سرقة ومصادرة المال العام وثروات البلد . لذا فإنّ تجريد الإنسان من ذهنه وحصر تفكيره قسراً بين معدته وغريزته الجنسية ، هو سلاح لضمان إدامة نظام الحاكم المستبد . ما زلنا نتذكر نظام الأبارتايد العنصري في جنوب أفريقيا ، وكيف كانت الأكثرية السوداء تُساق الى مزارع الأقلية البيضاء كالعبيد ، بالرغم من توفر الغذاء لهم ، لكنهم كانوا رقيق فاقدين حريتهم ، ونظام البعث الفاشي الصدامي أكثر تجسيداً وفضاعة في بطشه و مصادرته لحرية الإنسان العراقي .
إنَّ الأنظمة الدكتاتورية سواء كانت علمانية أم دينية ، تعيش في أبراجها مع أجهزتها القمعية بعيداً عن هموم شعوبها ، فهي غير معنية بالقضاء على الأمّية والبطالة والفساد والجريمة المنظمة وإنتشار الأمراض الصحية والإجتماعية والبيئية ، بل أنّ تلك الظواهر هي إفرازات حتمية وملازمة لحكومات الطغاة ، وتبيّن العلاقة الجدلية فيما بينها ، فالتغلب عليها ( الظواهر ) وزوالها مرهون بزوال تلك الأنظمة الشمولية الإستبدادية .
إنّ ما جرى في تونس ويجري حالياً في مصر ، ما هو إلاّ رسالة تحذير وإنذار الى الكتل السياسية العراقية المساهمة في حكومة الشراكة المحاصصاتية الغنائمية ، التي أثبتت غلو ساستها في أنانيتهم غيرمكترثين بالمسائل المطلبية والملحة للشعب .
إنْ إستمرت عملية بناء الديمقراطية على المنوال الذي نراه ، فلن يُكتب لها النجاح وستكون وليد مشوَّه الشكل والمضمون ، فهي تملك أساساً بعثياً ( الإغتيالات وبث الرعب ) وقواماً إسلامياً طائفياً شمولياً ( فرض مفاهيم ولاية الفقيه ) وما يجري من هجمة ظلامية شرسة بحق الثقافة العراقية من تحريم الغناء والموسيقى الى مداهمة الأندية الإجتماعية والثقافية الى المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب في الجامعات ، ما هي إلاّ بدايات عودة الحُكم الشمولي الفاشي وبمسمّيات مختلفة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟