الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسم الرؤوس المتدحرجة : ما قبل السياسة وما بعد الديكتاتور

جمال سواعد

2011 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



سقط ديكتاتور تونس زين العابدين بن علي مفتتحا موسم الرؤوس المتدحرجة على لوحة الشطرنج العربية التي يشترك في تحريك ملوكها وقلاعها اكثر من لاعب بين ظاهر وخفي ودولي واقليمي لا نستثني منه اسرائيل بطبيعة الحال. لكن اللاعب الذي يبدو انه اكثر اللاعبين قدرة على التأثير واشدهم براعة في خلخلة منطق اللعب وقلب المعايير على رؤوس اصحابها ,اللاعب الذي أجل لسنوات والذي لم يحسب حسابه احد من المنظرين والمنجمين وفتاحي الفأل هو الذي تحرك هذه المرة وهو الذي حمل اللافتات واشعل الاطارات واغلق الشوارع فأطاح بالديكتاتور.
اللاعب _ الشعب لم يكن غائبا بل تم تغييبه بفعل فاعل وبمؤامرة تتاخم حدود الجريمة الانسانية والسياسية ,تم تفتيته الى طوائف وتجزئته الى مذاهب وملل حوصرت الاحزاب وقمع نظامها الاجتماعي قبل السياسي فانهارت اطر التضامن الضرورية والحيوية لكل مجتمع حديث تلك الاطر القادرة على انتاج مواطن ينتمي لبلده وامته وشعبه قبل انتمائه للطائفة او للعشيرة ,وفي السياق نفسه تمت تغذية الانتماء الاقليمي على حساب الانتماء القومي لعزل شعوب الامة عن بعضها البعض ثم تفتيتها الى طوائف متناحرة تماليءالفساد وانظمة القمع وتشكل بنية تحتية ملائمة لتقسيم المنطقة الى كانتونات اثنية تدور في الفلك الاسرائيلي.
بعكس تونس, تحتل مصر مكانة اكبر على خارطة الوجدان العربي لقربها من بؤرة الصراع ولذاكرتها الوطنية الحافلة بمشاهد مقارعة الاحتلال الاسرائيلي ..لكن هذا بالذات قد يشكل خطرا اكبر على الثورة سواء من خلال محاولة البعض وضع العصي في دواليبها او محاولة تحريف وجهتها وافقادها البوصلة من خلال تدخلات مشبوهة قد تحاول اغراق مصر بالفوضى فمركزية مصر في الوطن العربي قد تجعل البعض يحاول اغراقها في مشاكل داخلية ومشاغلتها عن لعب دورها في الساحة العربية التي كانت ساحة مصرية بامتياز . لكن نجاح الثورة وضمان تقدمها يعتمد على مهارة اللاعب الذي كان مؤجلا والذي خرج من القمقم مفاجئا العالم بأسره بشجاعته منقطعة النظير وببراعته الفائقة.
لقد كانت مصر مرشحة منذ فترة طويلة للتغيير على طريقة الكاوبوي وكثيرا ما وصفها منظرو الفوضى الخلاقة بالجائزة الكبرى في شرق اوسط جديد ترسم حدوده جنازير الدبابات الامريكية بما يضمن تفوق اسرائيل..فالقمع السياسي ومصادرة الحريات وأفقار الطبقة الوسطى ومحاربة اي تحرك حقيقي للمجتمع المدني اعادت المجتمع المصري الى مجتمع ما قبل سياسي مقسم اثنيا وجغرافيا وعرقيا ومجتمع كهذا يشكل بيئة خصبة ومساندة لكل انواع الاقتتال الداخلي والحرب الاهلية..
قفزت مصر مرتين الى صدارة النشرات الاخبارية هذا العام: الاولى بعد تفجير الاسكندرية الذي اريد له ان يكون صاعق التفجير الطائفي ممهدا للتغيير على الطريقة السودانية ذات الاسلوب الامريكي في الفصل الديني والتقطيع الدموي ونسف اسس شرعية الانتماء الى هوية وطنية جامعة..والمرة الثانية كانت مع انطلاق يوم الغضب حيث تجاوز الشعب آثار الاحتقان الديني وسائر الامراض التي يخلفها العيش تحت انظمة العسكر المدعومة بالمخابرات والفساد والرأسمالية الرثة ..اريد لشعب مصر ان يعود الى مرحلة ما قبل المجتمع حيث يتحول الى مركبات متناحرة يجمع بينها الخوف من الرئيس واجهزة مخابراته وعيون بصاصيه فاذا به يخرج واحدا متحدا ملتفا حول هويته الوطنية والقومية الجامعة مطالبا بكنس النظام وأزلامه مرة واحدة وللابد .
مصر هي حجر الزاوية لاي تحرك عربي وهذا ما يرعب الكثيرين الذين سيحاولون اجهاض الثورة كما اسلفنا .. لكن النقلة النوعية فوق رقعة الشطرنج يقودها هذه المرة لاعب حاذق مسلح بذاكرة قومية ارادوا لها ان تموت وان تتفتت لكن الشعب الذي تجاوز امراضه واحزانه ودموية جلاديه وتجمع في ميدان التحرير وجد لكي ينتصر ووجد لكي يستمر وخرج لهدف واحد لا شريك له : يسقط الديكتاتور.
(صحفي من فلسطين)









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع حالة التأهب في إسرائيل ومنع التجمعات في الشمال


.. ما حدث في الضاحية يهدف لتحييد حزب الله والمقاومة عما يجري ف




.. أهم المحطات في مسيرة حزب الله اللبناني • فرانس 24 / FRANCE 2


.. حالة من الذهول والصدمة في بيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين.. إليكم من قد يخلف حسن نصرالله