الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاشفة التحرير ومناشفة مبارك

فؤاد ابو لبدة

2011 / 2 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أيام قلائل لم يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة هي عمر حكومة احمد شفيق ليسجل عليها التاريخ انغماس أيديها بدماء الأبرياء والقتل والترويع , تلك الحكومة التي أمر مبارك بتشكيلها واعدا جماهير مصر أنها الحكومة التي ستشرع في إجراء الإصلاحات والتغيرات الجذرية , وأنها ستنقل الشعب المصري إلي حالة نوعية جديدة تمحو آثار ثلاثة عقود من الظلم والقهر ووصل الأمر إلي حد القول أنها حكومة الفصل بين ما قبل تاريخ 25 يناير وما بعده ,وإنها الحكومة ذات الصدر الواسع الذي يتسع لسماع لألام ومعاناة وعذابات المضطهدين والمعذبين والمقهورين وإنها ستحمل أراء وتطلعات وأحلام قطاعات واسعة من الشباب , وإنها ستلاحق الفساد الإداري والمالي والسياسي الذي علق بالحكومات العشر التي سبقتها .
ان هذا التوصيف لا يرتقي إلي حد وصفها بالحكومة , فهي قيادات من الحزب الوطني الحاكم الذي اغرق مصر بالفساد ولعب دور محوري في إيصال من يريد إلي مجلسي الشعب والشورى عبر الصناديق الانتخابية الصورية والتي تكون أشبه بمسرحية هزلية , وتعيين الأشخاص في المجالس المحلية وأصبح بمثابة مؤسسة للامتيازات الخاصة لقيادات الحزب وأسرهم وآبائهم الذين يمتلكون كبري الشركات التجارية الرأسمالية وكبري المصانع واحتكار أنواع معينة من السلع التجارية في مصر والتحكم في وسائل الإنتاج .
غداة الخطاب الثاني لمبارك والذي امتاز بنوع من الحيلة والذكاء لشق صفوف المعارضة ما بين مؤيد ومعارض للخطاب ومحاولة الانفراد بكل طرف من أقطاب المعارضة علي حدا في خطوة لإحداث شرخ في موقف المعارضة الصلب الذي يدرك تمام الإدراك ان النظام الرئاسي الحالي انتهي من الناحية العملية والواقعية , كما ان الخطاب الذي انطوي علي لغة دغدغة المشاعر واللعب بالعواطف , إضافة إلي الخطاب الأمريكي الذي خدم مبارك بصورة غير مباشرة ليخرجه من صورة الحليف الاستراتيجي لإدارة البيت الأبيض والمحافظ علي حالة السلم والملتزم بالاتفاقيات الموقعة وإبرام اتفاقيات جديدة وتعاونات أمنية والصامت عن التفوق النووي لأكبر مصلحة أمريكية في الشرق الأوسط "إسرائيل" لبطل غير مرغوب فيه أمريكيا , والتشكيك بمن سيخلفه إلي كرسي الرئاسة بأنه سيكون أمريكيا بامتياز بإشارة إلي محمد البرادعي , تلك الأمور جعلت من مبارك أكثر عنادا بمواجهة أبناء شعبه , ليلجأ الي أسلوب ملتوي في محاولة للقضاء علي الثورة الملتهبة ليترك قيادة الحزب الوطني وباستغلال نفوذها المالي القوي بتنظيم مسيرات جماهيرية الشكل أمنية الجوهر لأنها تشمل المئات من رجالات الأمن المركزي يلبسون الزى المدني وأشخاص يتبعون جهاز امن الدولة إضافة إلي مئات المرتزقة لمواجهة المعتصمين بميدان التحرير وفق سياسة وخطط هجومية أعدت سلفا أشبه بعمليات اقتحام عسكرية , فما قامت به أفراد الشرطة باللباس المدني وامتطائهم للخيول والجمال ويحملون الهراوات ويشقون طريقا للاقتحام وسط الجماهير من نساء وأطفال وشيوخ وذوي احتياجات خاصة ليلحق بفرقة الاقتحام تشكيل آخر يحمل الهراوات والزجاجات الحارقة هو أسلوب حرب لا متناسقة وتبين من خلال الأفراد الذين تم إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم أنهم يتبعون للأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية وإنهم جاءوا مرغمين بناء علي تعليمات عليا ويعقبها فجر اليوم محاولة لاقتحام الميدان وسط إطلاق نار من قناصة تعتلي المباني المجاورة للميدان ليرتقي ستة شهداء للحرية والتقدم .
ان هذا التطور الخطير في سياسة الحزب الحاكم ورأس النظام المحتضر الذي يسعي لغرس بذور حرب أهلية من خلال فرض صراع دموي ما بين مؤيد ومعارض وصمت حكومة احمد شفيق الجديدة والتي لم تبدي اي تعليق علي ما ارتكبته تلك الفئة التابعة لوزارة الداخلية والتي اتخذت من بعض المرتزقة ستارا جماهيريا , ووقوف محمود وجدي وزير الداخلية موقف المتفرج لما يدور دون ان يدلي باي تصريح أو دعوة للفصل ما بين الطرفين , فهو كان ينتظر البشارة أن يأتيه خبر بهروب الثائرين وتركهم للميدان الذي يعتصمون به ليخرج بمؤتمر صحفي يعلن فيه إن المتظاهرين التزموا بيوتهم وحالة الهدوء عادت إلي الشارع من جديد , إلا آن السحر انقلب علي الساحر لتزداد الثورة اشتعالا في قلوب الثوار ويجد نفسه أمام ظاهرة جديدة في الوطن العربي , ظاهرة البلاشفة الثوار الذين يناضلون من اجل مبادئ وأهداف جديرة بالاحترام وستخلد ثورتهم بسجل التاريخ الثوري يمتلكون الإرادة والصمود والإيمان بعدالة قضيتهم التي يناضلون من اجلها بالتغيير والحرية ويدافعون عن الميدان كرمز لهم وليس لديهم غير بعض الحجارة يدافعون بها عن رمز ثورتهم وعن أنفسهم ويستمعون عبر مكبرات الصوت للاغاني والأناشيد الوطنية التي تشحنون بها هممهم ويخذوهم الأمل بالمستقبل وبإشراق شمس الحرية التي غابت عنهم ثلاثة عقود ومن جانب آخر تيار المناشفة الذي لا يعي لماذا ومن اجل من يقاتل فهو مجرد يمتثل لتعليمات وينفذ أوامر دون ان تشكل له قناعات فلا يوجد رسالة تاريخية يقاتلون من اجلها .
ان تلك الخطوة التي لجا إليها رأس النظام بتدبير وتفكير وتوجيه منه بتنفيذ بأيدي الحزب الوطني هو إشعال الحرب الداخلية لحرف مسار الثورة الشعبية العارمة عن أهدافها المنشودة والقضاء عليها بعد أن تأججت نارها والتهبت واشتعلت في اكتر من مكان من مصر وحركت مشاعر الشباب في الوطن العربي الذين ينظرون إليها بإعجاب وتقدير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و