الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبارك يُحرق مصر والامريكان - كعاتهم - يفضلون مصالحهم على مبادئهم ويخذلون الشعب المصري

محيي المسعودي

2011 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



يذكرني موقف الحكومة الامريكية من الاحداث الجارية في مصر الآن, بموقفها اتجاه الاحداث في العراق عام 1991 عندما سمحت لصدام حسين بقمع انتفاضة الشعب العراقي بالنار والحديد وذهب ضحية ذلك القمع عشرات الاف من الشعب العراقي مابين القتل في الشوارع والبيوت او الاعتقال والقتل ثم الدفن في اكبر مقابر جماعية عرفها تاريخ المنطقة . وكان هذا القمع بمباركة ودعم الامريكان الذين طردوا صدام من الكويت بجيوشهم التي دخلت انذاك بعض الارضي العراقية وكان الهدف هو حرمان العراقيين من الشعور بالنصر على الدكتاتور وحرمانهم من الثقة بالنفس في القدرة على تغيير الواقع الذي يعيشونه, وتأجيل رحيل صدام حتى يكون على ايدي الامركان انفسهم مما يحقق لهم اهدافهم في نزع نشوة الانصار والثقة بالنفس من العراقيين ويرتب عليهم دينا لامريكا, على انها هي التي اسقطت لهم اعتى دكتاتور في العالم . اليوم يبدو ان الامريكان يعودون الى نفس اللعبة والموقف ولكن هذه المرة مع حليف قوي لهم . وتشير تصريحات السياسين الامريكان المتذبذة بانهم يدعمون الرئيس المصري على حساب انتفاضة الشعب . وانهم قد تفاجأوا مثلهم مثل الرئيس المصري بهذه الانتفاضة . فسارعوا الى البحث عن بديل لمبارك فيما لو اسقطته الانتفاضة . وعكست هذه التوجهات السياسية الامريكية قناة الحرة التابعة لهم والتي نقلت قبل انتفاضة مصر احداث تونس مباشرة حتى سقوط زين العابدين بن علي , طبعا, لانه حليف فرنسا وليس حليفهم , وهكذا فعلت هذه القناة في الايام الاولى للانتفاضة المصرية وكأن مبارك ليس حليفهم مما اعطى انطبعا ان الامريكان مع حرية الشعوب ومع حرية الاعلام . ولكن الامر اختلف وتراجع الامريكان وقناتهم "الحرة" . بعد ان اتصلوا بمبارك الذي وعدهم بقمع المظاهرات , تلك المظاهرات التي ازداد اصرارها على اسقاط النظام . وبعد هذا الاتصال بقليل عادت قناة الحرة الى النقل المباشر للاحداث , وكان ذلك على ما يبدوا قد جاء بعد استطلاع امريكي جديد للموقف للساحة المصرية التي تدخّل فيها الاسرائليون والامريكان معا وقرروا اسقاط الرئيس فقط , ككبش فداء على ان يظل النظام نفسه ولكن بشخوص مختلفين, مثل عمر سليمان الذي يتردد على اسرائيل بشكل مستمر وهو يخبرهم ويتفاوض معهم حول الاسلام والفلسطنيين الذين يقلقون اسرائيل من غزة . ولا يختلف البرادعي عن سليمان فالبرادعي هو من رشحته امريكا للملفات النووية في الشرق الاوسط كملف العراق وايران وقد اخلص الرجل لهم , اما نائب الرئيس الجديد لمبارك فهو نسخة من مبارك نفسه او الوجه الاخر له . ويبدو الى اليوم ان الامريكان لا يريدون اسقاط النظام المصري . وللاهداف نفسها التي كانت ابان انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 او الاحداث الايرانية الاخيرة . والهدف دائما لدى الامريكان هو سلب ثقة الشعوب بنفسها وزرع اعتقاد شعبي عالمي بان امريكا وحدها قادرة على تحرير الشعوب . وبهذا السلوك في قضية مصر وقضايا سبقتها ينكشف الوجه الحقيقي للسياسة الامريكية . الذي سيعمّق ويُرسخ الاعتقاد لدى شعوب المنطقة بان الامريكان ليسوا هم كما يدعون بانهم دعاة حقوق الشعوب بتقرير مصائرها والحصول على حرياتها وحقوقها . كما يفعلون في بلدهم امريكا خاصة او في الدول الغربية عامة . من هنا يبرز لنا ان الغرب وعلى راسه امريكا يفضلون مصالح بلدانهم على حساب المبادئ التي اقاموا عليها بلدانهم نفسها , وعلى حساب الايدلوجيات السياسية التي يتبوننها وعلى حساب المبادئ الاخلاقية والمواثيق الدولية التي تحكم الامم المتحدة . وبعد ان قرر الامريكان بان يكون مبارك كبش الفداء للنظام , ادرك مبارك هذه اللعبة . فقرر بان يخوض الحرب ضد شعبه بقواته من الشرطة والجيش والموالين له . فكانت الاحداث الدموية بين انصار مبارك والمتظاهرين المصرين في ميدان التحرير ثم تدخل الجيش لصالحه . ومن ينظر الى المظاهرات التي تؤيد مبارك يدرك انها مسيّرة من قبله ومجهزة بالاسلحة والخطط التي سوف تحاصر من خلالها المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس . وسوف تنتقم منهم شر انتقام خاصة وانها انطلقت في اللحظة التي كان المتظاهرون ضد مبارك باقل عدد منهم في ميدان التحرير وكان تناقصهم بسبب كذبة الرئيس في خطابه الاخير . وبسبب التعب الذي المّ بالجماهير المتظاهرة ضد الرئيس نتيجة الاستمرار بالتظاهر لايام عديدة . ربما نجد للامريكان عذرا في في مساندة مبارك ضد شعبه لان الاخير يوفر لهم ضمانة لحماية ومصالح بلدانهم وحماية امن حليفتهم الابدية اسرائيل . وينسجم دعمهم لمبارك مع برجماتيتهم السياسية . ولكن المثر للالم هو ما يقوم به الرئيس المصري الذي الذي فضّل نفسه على الشعب المصري كله وهو مستعد لان يحرق مصر باكملها مقابل بقائه على سدة الحكم كي يفعل ما يشاء ويأخذ ما يشاء . وهذا ليس غريبا على الحكام العرب الذين هم دائما اغلى من الشعوب والبلدان التي يحكمونها . فصدام كان اغلى الف مرة من العراق وشعبه "طبعا" عند نفسه وازلامه . ولم يخرج منه حتى احرقه من شماله الى جنوبه وسلم الركام لاسياده الامريكان الذين غدروا به كما قال هو نفسه . وهكذا الحال في جميع البدان العربية ومن ينظر الى لبنان مثلا سوف يجد ان الراحل رفيق الحريري ظل اغلى من لبنان حتى اليوم . اذ نجد ان ما دفعه ويدفعه لبنان على خليفية قضية مقتل الحريري قد اصبح اغلى من لبنان كلها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مطالب في ألمانيا بترحيل مرتكبي الجرائم الخطيرة حتى إلى الدول


.. بلجيكا.. لماذا لا يهتم البلجيكيون من أصول مهاجرة بانتخابات ا




.. ألعاب باريس: روسيا متهمة بشن -حملة تضليل- مكثفة لتشويه سمعة


.. ثلاثة مجالس في أوروبا.. اثنان منها فقط من مؤسسات الاتحاد الأ




.. إسرائيل: الحرائق في شمال البلاد تعمق خلافات الحكومة