الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دانات أسيفات ...

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2011 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


1. الرئيس التونسي الذي خلعه الشعب قال قبل الرحيل أنه "فهم الشعب". المشكلة في مصر أن رئيس الجمهورية "لم" و "لا" و "لن" يفهم أن الشعب (بعد ثلاثين سنة من الإستبداد و الفساد و الحكم العائلي) لا يريده رئيساً. و المأساة الكبرى أن الرئيس قد "عوّد" المقربين منه ألاَّ يقولوا له إلا ما يحب أن يسمع!

2. حكم حسني مبارك مصر لمدة ثلاثين سنة أي خمس مدد رئاسية (كل منها لست سنوات). المدتان الأولى و الثانية شهدت حكم حسني مبارك بدون مشاركة من أسرته. و خلال المدة الرئاسية الثالثة، أسس أفراد أسرة الرئيس وجودهم و مكاناتهم كمشاركين للرئيس في حكم مصر. و خلال المدتين الرابعة و الخامسة (1999/2011) كانت مصر تحكم عن طريق أسرة الرئيس. وإذا كانت المدتان الأولى و الثانية قد شهدتا جمود فكري و اقتصادي تمثل في عدم نمو الاقتصاد المصري على الإطلاق، فإن المدتين الرابعة و الخامسة قد شهدتا من الإستبداد و الإنفراد بالسلطة و الفساد و حكم مصر عن طريق أوليكارشيا (أوليكارجيا) هي ضفيرة من عنصرين: السلطة و الثروة.

3. خلال السنوات من 1999 إلى 2011 أدى إحتكار إبن الرئيس و الأوليكارجيا المحيطة به (و المساندة و المشاركة له في السلطة و الثروة) إلى حدوث "إنسداد سياسي نسبي". و لكن تزييف و تزوير الإنتخابات خلال سنة 2010 (إنتخابات مجلس الشورى ثم انتخابات مجلس الشعب) و حصول أحمد عز (مندوب إبن الرئيس) على أكثر من 90% من مقاعد البرلمان (بمجلسيه) قد تسببوا في "إنسداد سياسي مطلق" كان هو السبب المباشر لانفجار 25 يناير 2011.

4. التعديل الوزاري الذي أجراه حسني مبارك يوم 31 يناير 2011 دل بشكل قاطع على أن رئيس مصر "لم يفهم" معنى و مغزى و اتجاه و جوهر و رسالة الثورة الشعبية التي انفرجت منذ 25 يناير 2011.

5. عدد كبير من الوجود الجديدة (جديدة في مناصبها و ليس في معرفة المجتمع بها) هي لشخصيات ممتازة – و لكن يعيبها صلتها بالرئيس مبارك.

6. رغم أهمية ما حدث يوم 23 يوليو 1952 ؛ فان وصفه العلمي هو أنه كان "إنقلاباً عسكرياً" سرعان ما تحول إلى حقبة ثورية (سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً). أما الأحداث التي لا شك في كونها "ثورة"، فهي الأحداث التي بدأت يوم 9 مارس 1919 (ثورة 1919) و الأحداث التي بدأت يوم 25 يناير 2011 (ثورة الشعب) و لا شك عندي أن التاريخ سيعتبر أن ثورة يناير 2011 هي أكبر ثورة شعبية مصرية خلال المئتي سنة الأخيرة. فالأحداث التي بدأت يوم 25 يناير 2011 كانت ثورة شعبية لم يحركها قائد أو قادة أو حزب أو تيار أو جماعة، و إنما بدأ هذه الثورة و سهر على استمراريتها "الشعب المصري".

7. رغم الأحداث الجسام التي وقعت خلال تولي حبيب العدلي وزارة الداخلية ( من نوفمبر 1997 حتى أواخر يناير 2011 ) وعددها فوق العشر، و كل حادث منها كان يستدعي عزل هذا الوزير البغيض، فإن النظام السياسي إحتفظ به لأنه كان واضحاً: فقد فهم أن مهمته الأولى هي "حماية النظام" و ليس أن يكون في "خدمة الشعب". هذا الوزير الذي تعالى و تكبر و تجبر (رغم محدودية تكوينه العلمي و الثقافي و رغم سطحية شديدة اشتهر بها هذا الرجل الذي كان يخصص الكثير من وقته لتهذيب شاربه حتى أمام ضيوفه !) أغضبه أن يطلب رئيس الجمهورية من جيش مصر النزول لتدارك الحال التي أوصل وزير الداخلية مصر لها، فغضب حبيب العدلي، و أمر قوات الشرطة و الأمن المركزي بالإنسحاب الفوري في كل مواقعه في مصر (من شمالها لجنوبها) و هو ما تسبب في موجة السلب و النهب و هروب المساجين. و هو قرار يجب أن يحاكم عليه حبيب العدلي، و لا أظن أن محاكمته ستؤدي إلا لإعدامه بتهمة الخيانة العظمى.

8. العالم كله يعرف الكثير (بل و الكثير جداً) عن فساد حكام عدد كبير من الدول العربية. فمتى ستقوم "البلدان المتقدمة" بفتح ملف فساد حكام العالم الثالث على الملأ؟

9. لا شك عندي أن رئيس مصر الحالي و أسرته لن يبقوا جاثمين فوق صدر مصر حتى نهاية العام الجاري. و كلما أسرعت هذه الأسرة بالرحيل كلما كان الثمن الذي ستدفعه مصر أقل.

10. كان الملك فاروق رجلاً شهماً. كان بوسعه أن يسحق انقلاب الجيش يوم 23 يوليو 1952، و لكنه قال أنه لن يسمح بإراقة دماء المصريين. و رحل فاروق، رغم أن مكالمة واحدة منه لقائد القوات البريطانية في منطقة قناة السويس (80 ألف جندي ) كانت كافية لسحق إنقلاب الضباط الأحرار، إلا أن فاروقا كان أكثر مصرية من غيره من أولئك الذين لا شك عندي أنهم سيتمسكون بكراسيهم حتى لو كان ذلك على حسب آلاف الأرواح المصرية.

11. همس لي لواء شرطة قام وزير الداخلية ( الذي فر يوم الجمعة 28 يناير منسحباً هو و جنوده من مهمة حفظ أمن المصريين ) بإنهاء خدمته لأنه عارضه في اجتماع عام. همس لي بالتالي: إن وزير الداخلية الفار قد بدَّل أثناء مدة توليه وزارة الداخلية "عقيدة الشرطة" ، فبعد أن كانت لعقود طويلة هي أن "الشرطة في خدمة الشعب"، فقد جعل هذا الوزير الفار عقيدة الشرطة هى "خدمة الحاكم" و ليس "خدمة المحكومين". بل و جعلها واضحة أن تحقيق هذه المهمة (أي خدمة الحاكم) هي المهمة الرئيسية لرجال الشرطة بصرف النظر عن طبيعة أدوات تحقيقها، فسواء كانت قانونية أو غير قانونية، أخلاقية أو غير أخلاقية، فهذا لا يهم. إنما المهم هو "خدمة الحاكم" بأي شكل و أي أدوات و أي طرق. و بالتالي، فإن تزوير الانتخبات (مثلاً) تصبح مهمته شريفة (!!) بل و من حق من يقوم بها أن يفتخر بمهنيته (!!) فقد خدم عقيدة وزيره و هي "خدمة الحاكم". و سيكون من الضروري عندما تؤول كل الأمور في المستقبل القريب لشرفاء من أبناء و بنات مصر أن يعملوا على إعادة تأسيس و ترسيخ العقيدة القديمة أي عقيدة أن الشرطة في خدمة المحكومين و ليس في خدمة الحاكم.

12. سؤال يوجه لي كل يوم عشرات المرات: هل ستنجح ثورة المصريين في إنهاء حقبة مبارك و أسرته (و روح عهده)؟ و كان (و سيكون) جوابي دائماً: نعم... و خلال هذا العام، بل و خلال أسابيع محدودة. ** كتبت هذه الدانات يوم 31 يناير 2011 ، أي قبل الجريمة التى أقدم عليها نظام الحكم المتهاوي فى مصر يوم الأربعاء 2 فبراير بالتعاون مع عدد من كبار رجال الأعمال فى مصر والتى تمثلت فى هجوم رعاع الحزب الحاكم بالسيوف والأسلحة النارية وهم فوق جياد وجمال على زهور مصر الثائرين بميدان التحرير - طارق حجي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا