الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة الثقافية

أحمد صقر

2011 / 2 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن القارئ والدارس لتاريخ المسرح العالمى لقادر بحق أن يتعرف على تاريخ وأحوال الشعوب التى عرفت المسرح دون حاجة إلى القراءة التفصيلية المتأنية لتاريخ هذه الشعوب. فنحن عندما قرأنا أعمال كتاب المسرح الإغريقى تعرفنا على الكثير من القضايا التى تمحورت فى معظمها حول علاقة الإنسان بآلهة الأولمب، وكيف أن القدر كان هو المحك والمحرك لصراع الإنسان مما جعل الصراع محتوم ومحسوم لصالح القدر وهكذا وجدنا قضايا أخلاقية، اجتماعية، دينية، اقتصادية، عقائدية، فكرية وفلسفية وقضايا تطرح بعضاً من الأفكار التقدمية التى عرفناها فى القرن العشرين مثل الفكر الاشتراكى الذى طرحه ارستوفاينس أو مبدأ الشك للوصول لليقين كما قدمه يوربيديس تجاه المعتقد الدينى.
إن دراسة مسرحيات شكسبير أيضاً تعرفنا على الكثير من القضايا الخاصة بأنظمة الحكم والصراع الفكرى حول نظام الحكم الملكى الوراثى، هذا إلى جانب كثير من القضايا المستمدة لمضامينها من التاريخ وتطرح قضايا اجتماعية، وسياسية، وأخلاقية ونفسية تجعلنا نلم وندرك ما هى القضايا التى شغلت إنسان عصر النهضة وما هى القضايا التى شغلته وشغلت فى المقابل الكثير من أبناء الإنسانية عامة ممن عرف المسرح فى هذه الآونة.
يدرك الدارس للمسرح المعاصر فى الربع الأخير من القرن العشرين أن تحولاً وتغيراً قد اعترى مضامين أعمال كتاب المسرح خاصة عندما ارتبطوا بفكر التجريب وعدم ثبات ما كان ثابتاً لسنوات وعقود فى حقل المسرح. أعنى بذلك أن المسرح العالمى عاد إلى القضايا الإنسانية- وهو فى هذا يحقق أهم وأكثر أهداف العولمة- التى تشغل الإنسان العالمى، فقد شهدت مسارح أوروبا وأمريكا قضايا تتناول أبعاداً اقتصادية، أو اجتماعية أو عقائدية أو قضايا العنف والجريمة والأقليات والاضطهاد والمرأة .
كذلك أقدم الكثير من المبدعين على تناول قضايا عامة لا تشغل مجتمعاً بعينه، وكأننا نعود إلى إبداع الأقدمين الذين قدموا قضايا إنسانية لا تزال تشغل الإنسان المعاصر غير أن توجههم لم يكن عولمة فكر وثقافة العالم وإنما جاءت أعمالهم متضمنة لكثير من الفكر المحلى الصادق الذى تصادف التقائه مع فكر غيرهم من الشعوب، وهكذا تلاقت الأفكار وتبادلت الثقافات مما جعل كثير من دول العالم تنتهج نهج المسرح الإغريقى ومسرح شكسبير ولم ينشغل أحد بقضية أن الإغريق عولموا مسرحهم، بل الحق أن كثير من شعوب العالم طرحوا أفكارهم الإنسانية فى وعاء غربى المنشأ ولم يقابل ذلك بالرفض لإنه جاء محل اختيار وليس فرض.
مما سبق نستطيع القول أن القضايا الثقافية التى اعرض لها إنما ستوضح لنا تباعاً إمكانية احتواءها وظهورها فى الكثير من الأعمال المسرحية العالمية والمحلية دون أى توجيه أو تسييس، والمحك فى ذلك أنها قضايا إنسانية ممكنه الوجود فى أى مكان من العالم. ولكن يبقى السؤال لماذا يسعى الغرب وخاصة أمريكا لأمركة وعولمة ثقافة وعادات وتقاليد الشعوب مع أنهم يدركون أنه من الصعوبة بمكان أن تحدث العولمة باستخدام نفس المقدمات التى استخدمت فى الفكر السياسى والاقتصادى اللذين عولما العالم فى العقدين الأخيرين؟
إن المسرحيات التى سنعرض لها بالتحليل والتفسير سوف تؤكد أن كتابنا قد استخدموا هذا الوعاء المسمى بالمسرح وصبوا فيه كثير من قضايانا التى قد تأتى متوافقة مع التوجه العالمى، إلا أن بعضها قد نجح بينما ظل البعض الآخر عسير على هضمه من قبل المتلقى العربى مثلما حدث واستورد بعضنا أعمال العبث واللامعقول وفشلت كعروض مسرحية مترجمة وكأعمال مسرحية محلية مؤلفة سلكت درب اللامعقول توجهاً فكرياً فى مضامينها.
شُغل المهتمون بالحركة المسرحية العربية باصطلاح ظل يتردد بين الفنية والأخرى ألا وهو المسرح بين الأصالة والتجديد وقد تجلى هذا التيار منذ معرفة العرب لفن المسرح الأوروبى- أى منذ وصول الفن المسرحى من خلال الحملة الفرنسية على مصر والعالم العربى- حقيقى أن التنظير لهذا الأمر قد جاء متأخراً ويكاد يعود إلى نهايات الألفية الثانية حتى عرفنا فن المسرح الأوروبى منذ النصف الثانى من القرن العشرين ووصل إلى ذروة نضوجه فى النصف الأول من القرن العشرين.
اعتمد هذا التيار الذى تحدثت عنه د. نهاد صليحة وعن التيارين الآخرين- إذ قسمت حركة المسرح المصرى إلى ثلاث تيارات جاءت متوافقة مع ما ساد المنطقة العربية فى حديثها عن قضية التأثير الثقافى أو ما يسمى بالغزو الثقافى فى ظل العولمة وأكدت أن المسرح نشاط جماعى فى مرحلة الإعداد والتنفيذ، ونشاط جماعى أيضاً فى مرحلة التلقى- لهذا نجد أن قضية الأصالة تبرز فيه بشكل واضح، بل أنها تمثل المفتاح الأساسى لفهم ما يدور على الساحة المسرحية فى مصر الآن .
تسمى د. نهاد صليحة التيار الأول بتيار الاقتباس والتعريب، والمحاكاة للأشكال المسرحية الأجنبية، خاصة التقليدى والراسخ منها ومثله فى مصر فرقة رمسيس وفرقة جورج أبيض، وفرقة فاطمة رشدى وعزيز عيد. وقد التزم الجميع تقنيات وأساليب العرض والتلقى المسرحى التى عرفتها هذه الأشكال فى بلدها الأم هذا من ناحية، من ناحية أخرى نقرأ فى أعمال أحمد شوقى وعزيز أباظة ما يقربهما- فى إبداعاتهما الشعرية المسرحية- من الدراما الغربية الكلاسيكية التى تركز على المحافظة على الشكل الغربى وابتكار مضمون محلى.
وعلى الرغم من ما سبق ذكره فإننا نؤكد أن دعوة العولمة التى وصلت دون المصطلح إلى حركة المسرح المصرى والعربى منذ بداياته ووجدت صدى لها وترحيب من القائمين عليه لم تتجاوز عولمة الشكل دون عولمة المضمون، إذ عرف العرب المسرح عن طريق الترجمة والتعريب والاقتباس والتمصير ولكن جاءت جميع المضامين عربية فى إطار أشكال غريبة لم تفسد على المتلقى خصوصيته ولا أصالته فى التعرف على هذا الفن الجديد دون أن تحرمه من فرصة ملاحقة التجديد والتجريب على الساحة العالمية والمحلية.
اجتاح المسرح العربى فى النصف الثانى من القرن العشرين التيار الثانى فكان أكثر مغامرة وابتكاراً. حين بلغت الثورة على الأشكال المسرحية التقليدية فى أوروبا ذروتها. وقد تأثر هذا التيار بموجة التجريب التى اجتاحت المسرح الغربى، واستوعبت تجارب رواد التجديد مثل بسكاتور وبريخت وبيكيت ويونسكو ودورينمات وغيرهم وهكذا يمثل التيار الثانى مرحلة لاحقة فى حلقات التجريب أو فى محاولة محاكاة التجديد على الساحة العالمية محققاً بذلك طوراً من أطوار العولمة على مستوى المحاولة دون إطلاق المصطلح عليها.
شهدت فترة الخمسينات والستينات تحديداً فى عمر المسرح المصرى والعربى انفتاحاً على التجارب المسرحية الغربية ولاقى المسرح الملحمى صدى ونجاحاً ترجم فى العديد من الأعمال المسرحية العربية المتأثرة والآخذة والناقلة لمنهج المسرح الملحمى البريختى وهنا نستطيع التأكيد على أنه إذا كانت المرحلة الثانية طوراً من أطوار العولمة فإننا نرى أن المسرح لم يعولم على مستوى المضمون أو الثقافة أو الهوية، وكل ما تم هو استيراد أشكال مسرحية غربية مع التمسك بالمضامين والقضايا والهموم الوطنية العربية. من ناحية أخرى فإن التعامل مع الأشكال الغربية قد أثبتت فشل كثير منها حين استقدمت كترجمات أو محاولة محاكاتها وتقديم نصوص عربية تنهج نهج العبث واللامعقول، وهنا نؤكد أنه حتى ولو سعى البعض إلى تقديم هذه الأشكال فى إطار التثاقف فإنها رفضت وفشلت على الساحة العربية لافتقاد المتلقى الخلفية المرجعية الخاصة بثقافات هذه الأشكال المسرحية.
أيضاً نجح التيار الثانى فى تقديم جيل من الكتاب أمثال الفريد فرج ونجيب سرور ويوسف إدريس ومحمود دياب ويسرى الجندى وابو العلا السلامونى ورأفت الدويرى وعبد العزيز حموده وفوزى فهمى وغيرهم نجح هؤلاء فى صهر الأساليب المحلية والغربية لطرح مضامين محلية وشعبية وتاريخية، بحيث تصبح الأساليب الغربية الحديثة جزءاً لا يتجزأ من نسيج مسرحى مصرى صميم، لكنه يتخطى حدوده المحلية الضيقة ليصبح فناً عالمياوهو ما يمكن رصده فى أعمال سعد الله ونوس والطيب الصديقى وسعد الفرج وغيرهم كثير.
مما سبق يتضح لنا أن عولمة الثقافة المصرية والعربية فى هذه المرحلة- إن كانت قد تحققت على مستوى المضمون دون الشكل- طرحت حقيقة مفادها أن المتلقى المصرى والعربى يستطيع أن يفرق بين إعجابه بالأشكال الغربية وبين محاولة نقلها وتقديمها ليلاحق بحركة التطور المسرحى العالمى دون أن يلزم نفسه بالمضامين الغربية التى لن تتوافق على طول الخط مع المضامين والأصالة والثقافة العربية.
يمثل التيار الثالث- الذى تسعى دراستنا لتغطيته - المرحلة الحقيقية التى توافقت وتوازنت مع إطلاق مصطلح العولمة وانتشاره على المستوى العالمى والمحلى، أقصد مرحلة توخى الأصالة عن طريق نبذ كل ما هو أجنبى، والتركيز على أنماط التعبير الشعبية ذات الصبغة المسرحية، وتطويرها من داخلها. وهذا النوع من العروض يستخدم خامة شعبية قد تكون تجربة تاريخية محددة مرت بها الجماعة.. ويعتمد على مبدأ الارتجال الجماعى المنظم فى صياغتها صياغة مسرحية تتفق وتقاليد التعبير الشعبية المتوارثة والسائدة فى الجماعة .
إن هذا التيار يمثل مرحلة الرفض من قبل بعض القائمين على الحركة المسرحية المصرية أو العربية، أقصد مرحلة نبذ كل ما هو أجنبى لأنه أصبح ضد أصالتنا، وأنه يمثل إلغاء لهويتنا وأصالتنا وثقافتنا واستحداث هوية جديد هى بالكاد هوية مستجلبة إلى أرضنا. إن هذا الرأى- الرأى السابق- إنما يشكل فى عمومه ما ساد حركة الثقافة عامة والفن خاصة حينما أمكن كثير من القائمين على أن النقل عن الغرب إنما هو ضد ثقافتنا وهويتنا وكان المسرح أحد هذه الأشكال الفنية الأخرى التى لابد أن لا تتأثر بهذا التيار فتقوقع بعضنا على تجارب تستمد أصولها ومقوماتها من الاحتفالات الشعبية لكنها مع ذلك لم تغفل التجارب الغربية الجديدة، وهو ما يجعلنا نقول أن مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى كان هو التيار الأخير- من وجهة نظرى- الذى سعى إلى فرض العولمة الثقافية، إلا أنه مع كل ما سبق يثبت لنا عجز هذه العولمة عن اختراق خصوصيتنا الثقافية.
وعليه فإن عولمة الثقافة عامة والمسرح خاصة أثبتت الآراء السابقة بإمكانية عدم تحققه بسهولة ويسر فى مجال الإبداع المسرحى خاصة على مستوى المضمون ومحو ثقافتنا وخصوصيتنا الثقافية، إنما يتحقق من منطلق الاستفادة من الأشكال الغربية التجريبية الجديدة والمحافظة على مضامينها المحلية أو ما أسميناه بقضايانا المحلية وهو ما أراه قد تحقق فى مجال المسرح كما أنه قد يتجلى فى أفرع الثقافة الأخرى بتفاوت بين الدراما التلفزيونية أو الأغانى الفيديو كليب أو الصحافة أو غيرها من أفرع الثقافة المختلفة.
إن الباحث يرى أن عولمة الثقافة ستتحقق وبشكل جلى من خلال استيراد تقنيات الغرب وهذا ليس مرفوضاً كما نسمح لأنفسنا باستيراد أشكال المسرح الغربى فليس هناك ما يمنع من استيراد تقنياتهم وأحدث مبتكراتهم على ألا يتعارض هذا مع الرسالة الخاصة بالخطاب المسرحى العربى الذى له خصوصية مثلما للغرب خصوصيتهم فى خطاباتهم المسرحية.
نقطة أخرى على مستوى الإبداع النقدى الذى أرى من بين مناهجه ما جاء ملاحقاً للتطور الفكرى والفنى على مستوى الفنون والآداب العالمية، أقصد به مناهج النقد المعاصر وخاصة منهج النقد السيميولوجى الذى جاء مركزاً على الدلالة اللفظية ودلالات النص إلا أنه أهتم وبشكل أوضح وأعمق بدلالات الصورة البصرية والمعادل المرئى وهو ما جاء ليتوافق مع توجهات العولمة المركزة على الصورة البصرية أكثر من الكلمة المقروؤة لذا من السهولة القول أن عولمة المناهج النقدية قد تحقق ولاقى قبولاً عند كثير من المتخصصين ووظف على المستوى المحلى وما يحقق احتياجاتنا النقدية.
تثير الموضوعات والقضايا المعولمة على الساحة العالمية عامة، وعلى الساحة المحلية خاصة الكثير من التساؤلات، ذلك أن طرح قضايا الإرهاب والمرأة والبطالة والفقر والأمراض والمجاعات، والأقليات العرقية والاضطهاد الدينى فى العقدين الأخيرين من القرن العشرين خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أمر يثير أيضاً بعضاً من التساؤلات السابقة، ذلك أن أمريكا التى كان يعانى داخلها الزنوج سنوات وعقود طويلة من العبودية وإلغاء الحريات والاضطهاد الدينى، بل أكثر من ذلك كانوا يعزلون فى أحياء فقيرة لا تتمتع بأية خدمات آدمية ولم تتحرك أمريكا وقتها إلى أن أعلنها "مارتن لوثر كنج" دعوته الصارخة فيقول " دعونا نعيش معاً كأخوة وإلا فسوف نموت جميعاً كأغبياء " وتلقى هذه الدعوة صدى وتتراجع سياسة التفرقة العنصرية- ولو مؤقتاً- وتساهم أمريكا فى هذه النقلة بعد أن أدركت أن عليها أن تستجيب لدعوة لوثر كنج وإلا ستفنى أمريكا والأمريكيين.
لم تراع أمريكا أيضاً من قبل حقوق الشعوب الأصلية والسكان الأصليين وإنما محتهم ومحت ثقافتهم ولغاتهم وإبادتهم من الوجود ولم يتحرك العالم وقتها لانشغال القوى الكبرى منذ القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر وصولاً إلا العشرين فى تحقيق- وبكل قوة- أطماعهم على خريطة العالم وقتذاك. كذلك لم يتحرك المجتمع الدولى حين طُرد الفلسطينيين وهجروا من أراضيهم وقدم المجتمع الدولى لليهود أرضاً ووطناً من الفلسطينيين.
هنا نعرض بإيجاز رأى وموقف العلماء والمفكرين من هذه الهجمة الشرسة للعولمة وقضاياها ليس فقط على اقتصادنا ولا على سياستنا لأنهما أضحيا معولمين بحجة أن علينا أن نستجيب للتطور الفكرى والاقتصادى وكذا السياسى فى إطار ملاحقة بعضنا البعض والتوحد فى نظرتنا إلى الغد فيما يتعلق بانظمتنا السياسية والاقتصادية ولكن فى الجوانب الاجتماعية والثقافية إذ ظل موقفنا من الفكر الاجتماعى والثقافى محل رفض ليس فى مجتمعنا ولكن فى كافة المجتمعات الدولية فلا تزال الكثير من دول أفريقيا وأسيا وأوروبا وجنوب أمريكا تتمتع بخصوصيات فى الجوانب الاجتماعية والثقافية لن تنجح العولمة فى إضاعة ملامحها وخصوصياتهما المتفردين.
إن هجمة العولمة الثقافية المتمثلة فى طرحها الكثير من القضايا التى كانت فيما مضى محل تجاهل وتعالى من قبل من يعلنها اليوم- الاجتماعية والإنسانية وربطها بالقضايا الثقافية الغير مبررة. إذ كيف يمكن لمجتمع يعانى من مثل هذه القضايا أن يقبلها ويرضى عنها ويعلنها من خلال وسائطه الإعلامية دون أن يحرك ساكناً لمعالجتها. كيف يمكن ذلك فى ظل عصر الحريات الذى ينادى به اليوم من كان يتجاهل ويتعمد تجاهله لواقع الآخرين بالأمس.
شكلت المواقف الإنسانية العامة والخاصة حيال أياً من قضايا العولمة أشكالا لا يمكن أن تخرج عن هذه المواقف الثلاثة:-
‌أ- موقف الموافق على العولمة والساعى إلى الانغماس فيها.
‌ب- موقف الرافض للعولمة والساعى إلى تجنبها.
‌ج- موقف الوسط بين الموافقة المعلنة أو الرفض الجهور.
وبين هذه المواقف الثلاثة يتجلى موقف الأدباء والمفكرين حيال قضايا العولمة الثقافية التى أثيرت على ساحتنا العربية فى العقود الأخيرة وشكلت آراء الكثير من الأدباء والمفكرين والمثقفين بين هذه المواقف الثلاثة فمنهم من يرى أن العولمة إنما هى الحرية فى أبدع صورها وهى نهاية الأسوار والحدود والقيود فهم يرون فيها عصر التحرر من القيود التى تفرضها الدول والأنظمة المحركة لهذه الدول، وعليه تمكنا العولمة من تحقيق طموحات الشعوب الساعية إلى التفاعل وتحقيق قيمها الإنسانية. ويقابل هذا الفريق المؤيد للعولمة فريق أخر رافض لها وغالباً ما يتمحور رفضهم فى أغلب الأحوال دفاعاً عن البيئة، أو حقوق العمال والمستضعفين فى مواجهة القيم المادية والاستهلاكية، وأخيراً قد يكون دفاعاً عن الانتماء والهوية والسيادة الوطنية فى مواجهة غزو العولمة أى أن الرأى الثانى لا يختلف عما ذكرناه من قبل من خوف البعض من العولمة على اعتبار أنها ستلغى الهوية والسيادة الوطنية والخوف من العولمة الاقتصادية التى ستأتى على حساب العمال الفقراء فى مقابل ازدياد أصحاب رؤوس الأموال ثراء.
أما أصحاب الرأى الثالث فهم قد يعلنون موافقتهم على استيحاء فى بعض جوانب العولمة ليصبحوا مشاركين غير منفعلين بينما لا يجرؤا على إعلان رفضهم الواضح والجلى للعولمة لاقتناعهم بقدرية العولمة، على أننا نرى موقفنا قد يختلف عن الآراء السابقة فنحن نؤكد بأنه رغم سعى العولمة والقائمين عليها إلى زرع أفكارهم بيننا وقيام بعضنا بالترويج لها إلا أننى أرى أن العولمة التى تحققت على المستوى الاقتصادى والسياسى لن تحقق غايتها على المستوى الثقافى والاجتماعى وستظل نسخة باهته عن العولمة الغربية الثقافية مثلما سعى الرومان إلى النسخ عن المسرح الإغريقى فجاء نسخاً باهتاً لم يدم طويلاً، لذا نرى أنها لن تستمر- أى العولمة – لخصوصيتنا الثقافية وأنها ستواجه بتمسكنا بقيمنا التى لن تقل قوة عن قيم شعوب اليابان والصين والهند وغيرهم ممن فشلت العولمة فى عولمة ثقافاتهم. مع تحيات أ.د أحمد صقر جامعة الإسكندرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف