الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح لدى المثقفين السعوديين واعادة انتاج الاصولية

خلف علي الخلف

2004 / 10 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يلحظ المتتبع للخطاب الاصلاحي الصادر عن غالبية المثقفين السعوديين هو مخاتلة بنيته وفقدانه لجرأة طرح نفسه التي تضمر قولها اكثر مما تفصح والمدقق في هذا الخطاب يجد انه في غالبيته ينهل من نفس بنية الخطاب الاصولي الذي انتج التطرف وصاغه غير انه يختلف عنه بالدرجة وهو ما يجعله يقف على نفس الارضية التي يقف عليها الخطاب الاصولي بتشعباته المتوارية والمعلنه.

واذ يبدو مأزق هذا الخطاب في مداراته للبنية الاجتماعية السائدة ومحاباتها وتقليم الافكار التي يطرحها وتشذيبها لتناسب هذه البنية وتماشيها واذ يلامس هذه البنية فهو يلامس اطرافها دون الولوج الى مركزها وتفكيكها او حتى مسائلتها

واذ يجنح هذا الخطاب الى ثنائيات الخطاب الاصولي نفسه (الانا / الاخر، الحاضر / الماضي، الصواب / الانحراف، النقاء / التلوث، الخصوصية / العولمة ...الخ ) فانه لا يعيد تدوير منتج الخطاب الذي يتشاكل معه فحسب بل يمارس ماضوية ينكرها في الخطاب الاصولي، ففي الوقت الذي يرى اصحاب الخطاب الاصولي ان ماضويتهم (الماضي هو الاكتمال) هي الحل وان الحاضر بانحرافه عنها هو الذي جعل الامة (الاسلامية ) تغرق في هذا الوهن الذي تعيشه فان الخطاب الاصلاحي هو ماضوي بامتياز اذ انه يقول ايضا ان الماضي هو الاكتمال ايضا وان سبب التطرف هو الانحراف عنه كما انه يحيل النقاء الى الماضي ايضا ويتهم اولئك بان افكارهم تلوثت بفتاوى لم ترد عند السلف(الماضي) الصالح .

واذ يرى الاصوليون ان الاندماج في السياق الحضاري الراهن يفقد الامة جوهرها وخصوصيتها ويجعلها نهبا للغريب من الفكر الذي انتجه غيرنا (خارجنا) فان الاصلاحيين يرون اننا يمكن ان ناخذ من هذا السياق الحضاري منجزه التقني والتعليمي ...الخ مع الحفاظ على روح هويتنا/ اصالتنا (الملتبسة المفهوم) التي تتسم بخصوصية متشكلة ومتلبورة ولا يضيرها ان تأخذ من هذا السياق ما يفيدها وعدا ان هذا الخطاب يعيدنا الى ما قاله اصلاحيو ما اصطلح على تسميته بداية عصر النهضة (العربية ) مثل محمد عبده ومحمد رشيد رضا (...) فانه ينظر الى هذا السياق كمنفصل عن تكويننا وبالتالي فان الاخذ هو علاقة مصلحية وهو بهذا يعمد الرؤية الاصولية نفسها ولا يناقضها

واذا كان احتجاج الاصوليين بالاصول هو منبع ومتن افكارهم فان الاصلاحيين ايضا يحاكمون هذا الخطاب بأصوليتهم هم التي ينتجونها ايضا من ذات الاصول والاحتكام يصبح هنا على ماورد وما لم يرد على تأويل وتأويل اخر لتصبح المرجعية واحده وهي استنادها الى كمال الماضي واذا كان الخطاب الاصولي ينزع بشدة الى تكفير الاخر المختلف خارج الدين ككتلة واحدة متشابهة متراصة لا فروقات بينها والاخر المختلف داخل الدين (ما هو خارج مذهب اهل السنة ) فان الخطاب الاصلاحي يلجأ الى التقسيم نفسه انا / اخر دون الجنوح الى التكفير وفي كل هذا الخطاب لا يمكن ان تتلمس ما يشير الى عدم تجانس هذه الانا واختلافها عن بعضها البعض وانها ليست كتلة واحدة متشابهة متراصة لان تلمس هذا الاختلاف يفتت هذه الانا ويصيرها الى انوات متعددة هي اخر لكل انا جزئية لان الاشارة الى عدم تجانس الانا سيحيل الى فقدان ركيزة اساسية يستند اليها الاصلاحيون في مقارعتهم الاصوليين(وليس فكرهم) وهي ان هذه الانا المتجانسة الصالحه النقية تتعرض للفرقة والتضليل بسبب افكاركم غير الصالحه وغير النقية..الخ

ومن هنا يبدو لنا لما هذا الخطاب الاصلاحي مرتبكا وحذرا حيال (العولمة) وتجلياتها على اعتبار انها منجز اخر لا يمكن التورط به دون فقدان اصالتنا و / او خصويتنا ولا يناقشها وفق سياقها الكلي الحضاري الانساني الذي يشملنا ايضا لان الانا المتجانسة تتطلب آخر ايضا هو متجانس ليس لانه هو كذلك بل لانه خارج هذه الانا

ويبدو الحياء حيال فكرة الديمقراطية (بمفهومها الانساني المتشكل في سياق سعي الشعوب للتحكم بشؤونها على اختلاف تطبيقات هذا المفهوم وانتاجه لادواته ) ليس نتاج رؤية تستجيب لموالاة الفكر الاجتماعي المتشكل حيال الديمقراطية وحسب بل لاعتبار ان مفهوم الديمقراطية هو نتاج الفكر الاخر الذي انتجه في سياق بلورة تعاقداته الاجتماعية التي تقوم عليها الدولة، وهذا كان خارج سياق الا نا/ نحن وتاليا فهو ليس ملزم لنا بشكله الذي استقر عليه في غالبية الدول (الاخرى) ليس لانه خارج سياق اصالتنا فحسب بل لانه يصبح مثله مثل المنجز الحضاري في سياقه الانساني(آخر) منظورا اليه من خلال اصالتنا وخصويتنا

واذا كان الاصوليون يحولون فكرهم الى منتج سلوكي يومي معاش في حياة الناس (حرمان المرأة من التوظيف المختلط / قيادة السيارة / فكرة المحرم / تكفير الديمقراطية / منع تداول ما هو خارج سياقهم الرقابي كتبا ومطبوعات وانترنت.... تكفير الاختلاف الخ ) فان الاصلاحيين يبدون حياءا شديدا اتجاه المجاهرة بما ينتظرونه من تجليات لما يطرحونه من افكار لتصير سلوكا معاشا لانهم يخشون النفور الاجتماعي العام من السلوكيات التي تعكس هذه الافكار وهذا (الاجتماعي العام) يستند الى بنية فكرية (هي نتاج الخطاب الاصولي) لا يخاصمها الاصلاحيون ولا يجاهرون بتفكيكها بل لا يختلفون معها الا بدرجة القياس للانحراف من عدمه

واذ لا يمكن تجاهل ان الخطاب الاصلاحي ليس كتلة واحدة ولا متجانسة ايضا الا اننا نرى ان الفروقات داخله هي بالدرجة ايضا ولم يخط الاصلاحيون (الا فيما ندر) بنقد المرجعيات نفسها التي يستند اليها الاصوليون فان هذا يبدو لنا هو محاولة لمداهنة الذائقة الاجتماعية وبنيتها التي تحدد لهذا الخطاب مساره عبر محاولته خطب ودها واقناعها بمشروعيته المستندة الى هذه البنية اكثر منه التزام بهذه البنية والاعتقاد بها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يمكن للإرهاب أن يضرب الأمريكيين في ألمانيا؟ | الأخبار


.. فرنـسـا: هـل خـسـر مـاكـرون الـرهـان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. فشل إسرائيل يقوّي قبضة حماس.. ونتنياهو يحدد موعد نهايتها! |


.. إسرائيل تعلن إحباط تهريب أسلحة من الأردن إلى الضفة الغربية |




.. الناتو يقحم الصين في الحرب مع روسيا.. وأوروبا قريبا وحيدة |