الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .

الطيب آيت حمودة

2011 / 2 / 4
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


رافقت شباب الغضب الشعبي كباقي المتعاطفين ، ليس حضوريا بالجسم ، وإنما مرافقة لهم وجدانيا عبر الفضائيات ، متابعا لأخبارهم وتحركاتهم واستبسالهم ، شباب ميدان التحرير الذين قدموا درسا لن ينساه العالم في وجه بلطجة النظام وزبانيته والمستفيدين من ريوعه ، ورفعوا بنود التحدي عاليا بلا وجل ، ورفعوا سقف مطالبهم إلى المنتهى ( إزاحة رأس النظام ) .
** الشباب المعجزة ......
عجز الأباء في تحقيق الحلم لأنهم لم يعرفوا السبيل الأقوم لزحزحة الأنظمة ، ولأنهم تربوا على الإمعية والخنوع والخضوع ، ولم يدركوا بأن الأنظمة خلقت لخدمة شعوبها وليس العكس ، وغذت الأدلجات و الدين المؤول ، والتنفذ الخارجي دوره الأكبر في بسط قناعات الإخضاع والخضوع ، مثل (كما كنتم يولى عليكم ) ،( وأطيعوا أولى الأمر منكم )، وتحريم الخروج عن السلطان وإن عصى .
شباب اليوم انفتح على العالم واكتسب لنفسه قناعات جديدة استلهمها من تعامله مع الغير عبر وسائل الإتصال الحديثة من تلفزة وانترنيت وجوال ، ولعبت وسائل التواصل الحديثة والمجانية مثل ( الفايسبوك والتويتر ) ومواقع الشات والمدونات ، درها في التثقيف والمثاقفة سلبا وإيجابا ، وأدرك الشباب أخيرا أنهم نقطة في بحر ، وأن تفكيرهم بحاجة إلى تنمية وترقية وتفاعل مع الآخر ، فانكشفت الأخطاء ، وبانت العيوب ، واتضحت فلتات الأنظمة وعيوبها بعد أن أصبح الجميع قادرا على ترصد عثراتها وفهم نزوعها لوجود الفكر والفكر المضاد، ناهيك عن المواقع المتخصصة في كشف المستورات والمتخفيات ، وأخرى غاصت بلا منتهى في استجلاب توثيقات في غاية السرية تُظهر مدى بشاعة الأنظمة وخطورة وجهها الخفي ضد شعوبها ، مثل ما يفعله موقع ( وكيليكس )، أوتفعله قناة الجزيرة عبر عرضها لوثائق سرية خطيرة تضرب مصداقية ممثلي الشعب الفلسطيني في المقتل .
*** الأنظمة التي تخاف من الشباب .
الأنظمة المارقة ،الأنظمة المستبدة النابذة للحوار ، المستبعد ة للديمقراطية وإن لاكتها ألسنتها ، والتي تسعى إلى جعل الشعوب في خدمة الحكام وليس العكس ، هي أنظمة رعديدة وخائفة من أي هبة لشبابها بعد ثورة تونس ، وأعجبتني صورة شيخ تونسي يتضرع للسماء شاكرا الشباب على فعلتهم قائلا ( إنكم أفضل منا ، لأنكم حولتم أمانينا إلى واقع ).
***شباب ميدان التحرير .... قمة في الشجاعة والعطاء .
ما يعجبني في الشباب المحتج المتظاهر في ميدان ( التحرير) وقفتهم الشجاعة في وجه المناوئين ، خدام ملكية مبارك من المرتزقين والمستفيدين ، كدت أن أفقد الأمل بعد أن أدركت أن الفعلة وراءها نظام ببلطجته و قواته بلباس مدني ، هدفها طرد المتظاهرين الشرفاء من الميدان بالعصي والحجارة وزجاجات المولوطوف الحارقة ، وعبر ترسانة من الخيل والإبل المستنفرة على شاكلة ما وقع في حرب داحس والغبراء ، وارتسمت في ذهني سيناريوهات عدة لإنهاء الموقف ؟، غيرأن وقوف الشباب في وجه المعتادين بعث الأمل من جديد ، واتضح أن الحق لا يذهب هدرا ،وأنه يعلى ولا يعلى عليه ، وقاوموا مقاومة لم أشهد لها مثيلا ، وأبانوا عن شجاعة مثيلة لشجاعة أسلافهم أيام العبور أيام إختراقهم خط بارليف ، وما أثلج صدري هو عدم تبنيهم لأي توجه ديني ، أو حزبي ، أو طائفي ، أو جهوي .... كل ما في الأمر هو حراك شعبي أجندته الوحيدة هي ( تحقيق الإرادة الشعبية في التغيير ) ، وهي ظاهرة أثبتت نجاحها وسؤددها وهي محط اعجاب وتقدير من الأعداء والأصدقاء في الداخل والخارج رغم محاولات وسائل الإعلام العميلة للنظام تشويهها ورميها بأقدح الأوصاف ، دون أن يعوا مقدار الإنقلاب الذي سينقلبه الظالمون .
*** النظام في حالة احتضار .. اليوم سيرحل ؟!! .
مقابلة مبارك مع شبكة ( أي ، بي ، سي ) ، وتصريحه الهزيل بأنه عدل عن الإستقالة خوفا من الفوضى ، وأي فوضى أشد من فتنة بين الشعب الواحد ، وأي فوضى يريدها بتهديده ووعيده في تخيير الشعب بين ( الإستقرار والفوضى ) ، وهو ما يعنى أن سيادة الريس يقول ( إما أن تخضعوا لسلطاني وإرادتي و تهدأوا ، أو أني سأدخل البلاد في فوضى عارمة ) ، فلم تنفع مع هذا الريس لا أصوات الغلابى ، ولا أنين الجرحى ، ولا دعوات العُّبّاد ، ولا نصائح وتوجيهات الحق والصواب الآتية حتى من أنصاره الغربيين والأمريكان ؟ ،أما نائبه ( عمر سليمان ) ، ورئيس حكومته ( أحمد شفيق) ، فقرارتهما تجاوزها الزمن ، وهي فاقدة المصداقية لا تأثير لها ، لأن مطالب الشارع تجاوزها ولا يمكن إعادة عجلة التاريخ للوراء لتلبية رغبات حكام ،همهم الأوحد الحفاظ على عروشهم، فالغضب الشعبي جارف لكل الشرعيات ، فلا شرعية مبارك ، ولا شرعية حكومته نافعة الآن ، فقد تحرر المارد من قمقمه فلن يرضى إلا بتحقيق أقصى المطالب وهي (رحيل مبارك ونظامه الإستبدادي بلا رجعة ) ، وما وقع الأربعاء هو انقلاب السحر على الساحر ، فما دبره النظام من دسائس ليلا أوضحت مخططه ، وقُبر سعيه نهارا وأدرك العالم جميعا دناءة النظام .
***يوم جمعة الرحيل .... الفيصل بين الحق والباطل .
أعتقد جازما بأن اليوم سيُسجل في الطروس بحبر ذهبي ، حتى لا تنساه الأجيال ، فهو يوم انتصار الحق على الظلم ، يوم ستبزغ فيه عصر الحريات والديمقراطية ليس على مصر وحدها ، وإنما على كافة بلاد المشرق العربي ،وبلاد المغرب الكبيرالذي سيهب بلا شك بدوره من جديد ، أسوة حسنة بما وقع في تونس ومصر، لكنس بقايا الديكتاتوريات الجرادية التي التهمت مقدرات البلاد والعباد ، وكل المؤشرات تشير إلى أن زمن مبارك قد ولى ، وأصبح من حكم الماضي ، وأنه آن الأوان أن يحكم المصريون أنفسهم ( باسم الشعب ) .
الخلاصة :
مهما كانت جبروت الأنظمة وطغيانها ضد شعوبها ، ومهما كانت عظمتها وقوتها البوليسية ، ومهما برعت في التخطيط والقمع فإن إرادة الشعوب الهادرة قوة ربانية لا يردعها رادع ، ولا يوقفها بطش ، لأن إرادتها من إرادة العلي القدير ، وذاك ما عبر عنه الشاعر الشابي أصدق تعبير بقوله :
[إذا الشعبُ يوما أراد الحياة ***** فلا بد أن يستجيب القدرُ. ].








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي