الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة تونس كانت استثناء

عدنان شيرخان

2011 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


توهم البعض منا ونسى وحشية ودموية انظمة البطش العربية وفارس صفها وملهمها بامتياز ديكتاتور العراق السابق، تصوروا ان سيناريو تغيير نظام ديكتاتور ممكن ان يتكون من بضع لقطات، يحرق بوعزيزي نفسه، تخرج مظاهرات غاضبة مرددة : (اذا الشعب يوما اراد الحياة)، يسقط حاجز الخوف الذي بنته اجهزة الامن القمعية لسنين، ترعب هذه التظاهرات الحاكم بأمر حرمه، يفكر قليلا، يتوصل الى قرار تأريخي التخلي عن الكرسي، يستدعي طائرته الخاصة ويغادر تونس بلا مقدمات، ترفض عدة دول استقباله، تنتبه (الجماعة) في الرياض ان حاكما لفظه شعبه تدور طائرته في سماء المنطقة يبحث عن مأوى، تحط طائرته بسلام في مطار مدينة جدة، التي تمتلك خبرة واسعة في استضافة الرؤوساء المخلوعين، يضاف الرئيس التونسي السابق سريعا رقما الى مأوى الحكام (العواجيز) السابقين، يتغير النظام بسرعة وسط ذهول الجميع، نهاية سعيدة على طريقة الافلام المصرية واستجابتها لمقولة (الجمهور عايز كدة).

انتفاضة تونس انتفاضة محظوظة بأمتياز، عرفنا الظاهر، ولا نعلم ماذا حدث وراء الكواليس؟ هل اجبر جنرالات الجيش التونسي بن علي على المغادرة؟ هل رفضوا استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين؟ ام ان بن علي غادر طوعا لانه وزن الامور بميزان العقل، واهتدى الى ترك البلد حقنا للدماء، ان كان فعل ذلك فحري ان يوضع في (فاترينة) المستبد الطيب على غرار الشرير الطيب.
ما حدث في مصر مؤخرا كان دليلا واضحا على ان الخروج على حاكم مستبد ليس نزهة او سفرة مدرسية، بأمكان حاكم مصر ان يحوله الى سيناريو فيلم رعب بامتياز، يدخل جمال وحصن وسيوف ومولوتوف وكرات نارية الى الكادر ويصرخ (اكشن .. اكشن)، وفي قرارة نفسه يردد انا (ربكم الاعلى .. لانسفنكم نسفا). الحاكم الذي تعوّد منذ ثلاثين عاما على رؤية شعبه منبطحا يهتف بوجهه اينما حل ومهما فعل ( بالروح بالدم نفديك ياريس)، لايمكنه قبول ان يرفع المتظاهرون في ميدان التحرير الاحذية سخرية وتحقيرا خلال القاءه خطابه الاخير، وان يرددوا : ( يا حسني بره بره).
الحل الامني مطروح دائما، يحن له ويلجأ أليه اي حاكم عربي مهما كان كلامه معسولا، ومهما اعطى من عهود للافرنجة باحترام حقوق الانسان والديمقراطية. (بلطجية وكلاب مبارك ينكّلون بالمتظاهرين تحت أعين الجيش)، (النظام اطلق العنان لبلطجيته)، (المتظاهرون يتعرضون الى مذبحة في ميدان التحرير)، (احصنة وجمال تقتحم ميدان التحرير .. ومئات الجرحى)، (مبارك يفجر حرب شوارع)، (مبارك يخوض معركة البقاء في ميدان التحرير)، ( تنفيذ خطة جمال لهجوم البلطجية وفرار ماما سوزان) هذه هي اهم عناوين الصحف العربية صباح الخميس الماضي.

لقد خبرنا (وعجنا وخبزنا) الحكام الطغاة خاصة نحن اهل العراق، ما فعله الرئيس المصري ( برغم انه انتهى سياسيا) كان مزيجا من التودد والتحايل انتظارا لفرصة البطش بالمتظاهرين، تحول مبارك الى (اسفنجة) يمتص غضب المصريين لايام، خرج بخطاب عاطفي حاول دغدغة مشاعر ابناء البلد الطيبين مذكرا انه يريد ان يموت على ارض مصر، وانه لن يرشح نفسه لانتخابات ايلول القادمة، ولكنه قد يتراجع وسط الحاح انصاره الذين سيظهرون في ميدان التحرير.
بعد الخطاب مباشرة اوعز لكلابه ان يمتطوا الجمال والخيول والبغال والحمير، وان يصولوا على المعتصمين العزل في ميدان التحرير، ويفرقوا الملايين التي لا تريده في الحكم. وهو بفعلته هذه يثبت بانه ينتمي باصالة الى جيل الحكام العرب الحاكمين بالحديد والنار.

ان ما يحدث في مصر يثبت بلا جدل بان الذي حدث في تونس كان امرا استثنائيا وخروجا على المالوف العربي، وهو قتال الحاكم العربي من اجل كرسي العرش كقتال البدوي عن شرفه وعرضه، وما فعلته كلاب مبارك هو المتوقع، لان نظاما بوليسيا كنظام مبارك شرعن طوال عقود عمل عصابات وبلطجية يطلق عليهم اسماء دوائر تابعة للامن والمخابرات، تمارس عملها بمنتهى الحرية بعيدا عن ابسط معايير احترام البشر. ( قرة عين) اميركا ورئيسها الهمام حامي الديمقراطية والوكيل الحصري لحقوق الانسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق بين مفاوضات الهدنة ومعركة رفح| #غرفة_الأخبار


.. حرب غزة.. مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس| #غرفة_الأخبار




.. قراءة عسكرية.. معارك ضارية في شمال القطاع ووسطه


.. جماعة أنصار الله تبث مشاهد توثق لحظة استهداف طائرة مسيرة للس




.. أمريكا.. الشرطة تنزع حجاب فتاة مناصرة لفلسطين بعد اعتقالها