الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الحريرية

حسن عماشا

2011 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


نهاية "الحريرية"
لم تكن ظاهرة "الحريرية" السياسية في لبنان، وليدة إرادة ذاتية للسيد رفيق الحريري. ولم تنتهي بإغتياله في الرابع عشر من شباط من العام 2005.
بداية: تكونت هذه الظاهرة في مطلع العام 1989. في وقت تشكلت فيه ظواهر مشابهة في العديد من البلدان العربية أبرزها: في مصر، الإردن والعراق وفلسطين المحتلة. أما في سوريا رغم وجود شخصيات عدة تتماهى مع هذه الظواهر، إلا أنها لم تتوفر لها الرافعة الشعبية ولا الحضانة السياسية، فضلا عن الظروف والخصائص التي تميز النظام السياسي – الاجتماعي في سوريا.
مع سقوط جدار برلين وإطلاق "عملية التسوية" للصراع العربي- "الاسرائيلي". وإنهيار المنظومات السياسية التي كانت تشكل الإطار العام لإنتظام للحركة الثقافية والسياسية العربية ذات التوجهات القومية واليسارية، التحررية والتقدمية. كان لا بد من سد الفراغ في هذا المضمار وأن يتجلى في تيار فكري- سياسي، يلاقي التحولات الجارية على الصعيد العالمي وتبني المقولات والتنظيرات المتماشية مع "النظام العالمي الجديد".
مم لا شك فيه أن "الحريرية" تميزت عن أقرانها في المنطقة العربية، بأنها كونت لنفسها منظومة متكاملة لتكوين حركة سياسية نجحت في إستقطاب شرائح إجتماعية مختلفة ساعدها في ذلك وجود إرث من كوادر وعناصر سياسية وإعلامية هم أيتام الحركة القومية واليسارية السابقة؛ إضافة إلى "رجال دين" من الطوائف والمذاهب المختلفة. والذين بدورهم وجدوا في الحريري، مظلة يستظلون بها ويحققون من خلالها مكاسب توفر لهم نمط من الحياة الرغيدة ويضعون خبراتهم في خدمته.
كانت الرعاية السورية للحريرية، تشكل حاضنة قوية أتاحت لهذه الظاهرة الظروف النموذجية لتنموا وتتبلور كتيار سياسي جارف إجتاح كل مواقع التقليد السياسي اللبناني على العموم وفي الطائفة السنية على وجه الخصوص. وقطعت الطريق على إمكانية تجديد البنى السياسية في البيئة السنية. في حين أن هذه البنى كانت تتغير في الطوائف الاخرى. (الشيعية بشكل بارز والمسيحية بشكل كبير).
في المقابل وجدت سوريا في الحريري رمزا تتقاطع فيه جملة من المصالح السعودية والغربية (الفرنسية خصوصا). لجهة إستمرار الدعم السعودي- الغربي، لرعاية سوريا "إتفاق الطائف" وإمساك الوضع اللبناني. وكان الحريري واحدا من أبرز الرموز السياسية النموذجية التي كان مقدرا لها أن تكون المثال للزعماء السياسيين الذين يتربعون على مقاعد السلطة في النظام الآقليمي الجديد. والـمسمى "الشرق الأوسط الجديد". بعد أن تكون "التسوية" للصراع العربي – "الاسرائيلي"، قد تمت.
كانت سوريا في حاجة ماسة إلى هكذا ظاهرة. توفر لها التغطية لتحقيق إستراتيجيتها في تجاوز المرحلة التي ساد فيها إتجاه تحقيق "التسوية" عربيا ودولية كيفما إتفق. بإنتظار أن تتبلور ويتصلب عود قوى المقاومة والممانعة. واستفادة إلى أقصى مدى من الهوامش التي أتاحتها "عملية التسوية". ومنحت في ظلها الحريري حصانة سياسية وقدمته في محطات كثير على أقرب حلفائها في لبنان إلى أن أخذت الهوامش تضيق مع سيطرة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة وإطلاق الاستراتيجية الأميركية الجديدة تحت شعار بوش الشهير "من ليس معنا فهو ضدنا". وكان أبرز عنوان للمواجهة هو رفض سوريا للتوصيف الأمريكي للإرهاب وسعيها للتمييز بين المقاومة والارهاب. ففي حين كانت سوريا تقدم أعلى درجات التعاون مع الأمريكيين في حربهم على "الارهاب". كانت أيضا تصر على دعم المقاومة المشروعة في مواجهة الاحتلال وخصوصا في لبنان وفلسطين.
وعلى خط آخر كانت المقاومة تحقق إنتصارات متتالية في لبنان وتتبلور أكثر المقاومة في فلسطين ما أدى إلى توسع دائرة التأثير للخيار المقاوم وصولا إلى تبني المقاومة في العراق وتأييدها.
ومع إنسداد أفق "عملية التسوية" كانت تتداعى وتضعف القوى التي ربطت مصيرها في تلك العملية من دول وقوى. ومن بين هذه القوى كانت الحريرية التي فقدت مبرر وجودها ليس بالنسبة لسوريا أو قوى المقاومة والممانعة بل على العكس كانت لا تزال مفيدة جدا لهذه القوى أقله على الصعيد الدبلوماسي. أما بالنسبة للأمريكا وحلفائها؛ خصوصا بعد الوهن الذي أصاب الكتل والشرائح الاجتماعية المتماهية في مصالحها معها. نتيجة الاخفاقات التي منيت بها وحالة الاستنزاف التي تواجهها، في كل المناطق التي غزتها بالعالم وحاجتها الماسة إلى قوى تجاهر بعلاقاتها معها وتتبنى خياراتها في مواجهة قوى المقاومة. والخضوع الكامل لما ترسمه من سياسات وبرامج.
إذا كان زمن التسوية يستدعي قوى تتماهى في فلسفتها السياسية ومصالحها الاقتصادية والمالية مع المشروع المرسوم لمستقبل المنطقة. فكان من الطبيعي أن تفقد هذه القوى مبرر وجودها مع إنسداد أفق هذا المشروع. وكلما كانت هذه القوى على قرب من خط التماس في المواجهة بين مشروع التسوية- أو بالأحرى مشروع التصفية- كان الهوامش تضيق وتحتم التحديد الدقيق للخيارات إما مع المشروع أما مع المقاومة والممانعة، والتحديد مفروض هنا من قبل الولايات المتحدة بسبب إنكشافها أمام قوى المقاومة والممانعة.
تجتاح رياح التغيير عالمنا العربي هذه الأيام وأخذت الجماهير المبادرة في كسر حاجز الخوف من بطش النظم وقهرها. وباتت الشرائح الاجتماعية اللاهثة خلف قيم الاستهلاك. وتعبيراتها الثقافية والسياسية لا تجد لها مكان بعد اليوم. والحريرية بكل تجلياتها أضحت هيكلا بلا مضمون وفقدت القدرة على الاستحواذ الذي مكنها في الظروف السابقة من توظيف طاقات وإستغلالها خصوصا بعد ثبوت عجزها عن تقديم شيئا عمليا إبان المواجهة المباشرة مع العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006 . في صورتها (السنيورية) لتتحول إلى عبئ غير ذي نفع بعد المحاولة البائسة اليوم الخامس من أيار عام 2007 لإستهداف شبكة الاتصالات للمقاومة ما إستدعي ردا حاسما في السابع منه من قبل المقاومة وحلفائها أدى إلى كنس جهود إستمرت حوالي ثلاث سنوات من قبل العديد من القوى الدولية والعربية بقيادة أمريكية خلال ساعات معدودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عفارم
درويش السيد ( 2011 / 2 / 5 - 06:35 )
ولكل هذه الاسباب والشروحات كان المطلوب الانتهاء منها والاستعداد بعد خلط الادوار لتمهيد الارضية واستغلال الوضع الناشئ لتثبيت من هي المرجعية الحقيقية على الساحة المخلخلة ...وتقول احدى الاحتمالات ان القاتل ضرب اكثر من عصفور واحد باغتيال الحريري فحسم المرجعية لحزب الله المتنازع عليها لصالح فارس مساعدا في نفس الوقت على توجيه الانظار للمهزوم وهو نظام دمشق في هذه الحالة و بعدها جاءت سلسلة الاغتيالات بين الحلفاء الممانعين من اغتيال رجل فارس (عماد مغنية) في دمشق والرد السريع باغتيال رجل الرئيس السوري في ساحل وساحة الرئيس السوري لاعادة تثبيت المرجعية لاصحابها ووضع النظام السوري كليا تحت باط المرجعية الفارسية ...واذا صح هذا الاحتمال فمن يكون هذا المتخفي وراء اعدام الحريري يا ترى؟

اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24