الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الريس بين التنحي الرحيم .... والتنحي الرجيم ؟!!

الطيب آيت حمودة

2011 / 2 / 5
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الأمم التي لها مراس في السياسة والحكم ، صاغت لنفسها ملامح لدساتيرها تضمن لشعوبها الإستقرار والثبات عند الشدائد والهزات التي تعترض سبيلها ، ورسخت لنفسها قيما لم نصلها بعد في عالمنا المتهالك ، منها :
* أن الشعب هو أساس كل سلطة .
* المناصب مهما كانت علية فهي تكليف وليست تشريف .
* التداول الرحيم للمناصب السيادية بين أبناء الشعب .
* الشعوب هي التي تصيغ لنفسها دساترها وبإرادتها ووفق طموحها ورغباتها وليس العكس .
* قوات الأمن الداخلية هدفها حفظ النظام ، وحماية المواطنين ، وليس ممارسة القمع والحجر على الشعب وترويعه عبر الإعتقال وكتم الأصوات الحرة ، أوالسجن والقتل العمدي .
***الحالة السياسية عندنا في العالم العربي شذت عن هذه القواعد ،وأخسرت ميزانه ، فأرادت تقليد الغرب بنصيب ، فأنتجت النظم الشمولية والشرعية الثورية ، والتي سادت منذ أوائل منتصف القرن العشرين بفضل المد الثوري الناصري بسلبياته وايجابياته ، وأهم ما ترآى إلى زمن قريب من تناصر وتماهي الأنظمة العربية في أسلوب مركزة الحكم وتوريثه ، فكانت الصورة جلية في تنافس حكامنا في الإستيلاء على السلط بما يتبعها من مقدرات وخيرات لصالحهم ،وصالح ذ ويهم ،ومن سار في ركبهم ، وذاك واضح جلي في مصر ، وتونس ، وسوريا ،و ليبيا ، والجزائر ، واليمن ، دون الخوض في سياسات النظم الملكية الفاسد ة التي أرهنت الأوطان لشخص وحيد ، يستمد سلطته غالبا من طقوس دينية قرو- وسطية ؟.
***مصر للمصريين ، أم هي لمبارك ؟
لا أنكر بأن طول مدة حكم مبارك الطويلة بلا ايجابيات وحسنات ، فهو كثيرا ما أصاب ، وكثيرٌ ما أخطأ ، وخطأه عبر عنه الشعب بعد انكسار القيد بوضوح، وكانت الحكمة تقتضي أن يتنازل الرئيس بسلاسة ويسر ، دون إحداث شروخا في المجتمع يصعب التؤامها وبرؤها ، غير أن نرجسية مبارك وذاتيته فاقتا كل الحدود ، حتى بلغت ( مصر أنا ، وأنا مصر ) ، وظن أن تنحيه عن الرئاسة ، يعني فوضى مصر وخرابها دون أن يعلم بأن بقاءه واستمراره في السلطة هو أكبر الخراب ؟؟؟ وذاك ما نشهده من عطالة في الإقتصاد ، وخسائر بالجملة والملايير ، وأخطرها الفتنة بين شعب واحد ، وقد تتحول إلى ممارسات عنيفة مسلحة لا نتمناها ، وقد بدأت بوادرها فعلا تطل علينا عبر تفجير أنبوب الغاز في العريش ؟ ولو عدنا وراء لثاني رئيس لمصر ( جمال ) لوجدنا أنه ركز في أحد خطبه على الفكرة قائلا ( إن الأمة هى الباقية، وأن أي فرد مهما كان دوره، ومهما بلغ إسهامه فى قضايا وطنه، هو أداة لإرادة شعبية، وليس هو صانع هذه الإرادة الشعبية)[ 1] .
***لماذا لا يتنحى حسني مبارك ويستقيل ؟؟
جميع القرائن لا تبرر بقاء مبارك على رأس البلاد ، حتى الدول التي كان يُؤتمر بأوامرها ، ويطبق أجندتها تخلت عنه و ضغطت عليه بضرورة التخلي فورا عن السلطة استجابة لإرادة الشعب ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، فهو ساع إلى إستحداث فتنة بين الشعب الواحد ، كان الأحرى به أن يعالج الموقف سريعا ، لأن كل تأخر سيؤدي إلى بروز ضغائن ، ويبعث على العنف المستديم ، فأن يضحي ببضعة شهور أفضل له ولمصر من زجها في أتون حرب أهليه ، بين معارضين ومناصرين له ، وقد سبق لعظماء كبار تخلوا عن مناصبهم الرئاسية بمرونة وسلاسة ويسر ، فهذا جمال عبد الناصر يطلب الإستقالة من منصبه من هذا الميدان ( ميدان التحرير) على رأس الدولة بعد نكسة جوان 1967 قائلا ( فإننى على استعداد لتحمل المسئولية كلها( مسؤولية الهزيمة )، ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه: لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى ،وأى دور سياسى، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر..) [2]، وهذا عظيم فرنسا ( شارل ديغول ) الذي حرر فرنسا ، وصاغ لها طريقا تنمويا ناجحا وأدخلها في حظيرة الكبار ، لم يتوان عن الإستقالة من منصبه الرئاسي سنة 1968 بسبب هبة طلابية قادها طالب يهودي ( كوهين بانديت )، وهذا اليمين زروال الجزائري تنحى بإرادته عن رئاسة الجزائر سنة 1998م بسبب ضغوط الجنرالات عليه ، وهاهو رئيس الوزراء الياباني ( يوكيو – هاتوياما) يستقيل من منصبه بسبب إدارته الكارثية لملف قاعدة أمريكية في جزيرة أوكيناوا ، إلا مبارك حسني !!! فإن حكمه مستمد لاشك من طقوس الإله ( أمون) أو حسب نفسه رمسيسا ( فرعونا) عن طريق التقمص في زمن الفايسبوك.
*** مفصل القول أن حسني مبارك لا زال يفكر بعقلية قديمة قدم عمره ، فمصلحته ومصالح زمرته تفرض عليه البقاء في منصبه وفي وطنه مصر إلى آخر نبضة ونفس في حياته ، ليتسنى لهم إلتهام ما يُلتهم ، وسرقة ما يُسرق ، وتهريب ما يُهرب ، ليتركوا البلاد بعد رحيلهم قاعا صفصفا ،لهذا لا يستبعد أن تحاكمه الأمة بالخيانة العظمى ويصلب أو يرجم أو تقطع أرجله من خلاف ، على شاكلة ما وقع لشاوشيسكو الروماني ،أو لويس الساد س عشر الفرنسي ، أو صدام حسين العراقي ، أو بوضياف الجزائري ، فمخاصمة الشعوب أمر مستعصي متعدد الوجوه والمخاطر ، فالوقت لا زال متسعا له ، للإ ختيار بين الخروج الرحيم والخروج الرجيم .

---------------------------------------------------------
[1] ،[2]جمال عبد الناصر في خطاب له بتاريخ 9 جوان1967.في ميدان التحرير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب وجها لوجه | #أميركا_اليوم


.. منذ 7 أكتوبر.. أميركا قدمت مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5




.. السباق إلى البيت الأبيض | #غرفة_الأخبار


.. بدء الصمت الانتخابي في إيران.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب ال




.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات استمرار احتجاجات كينيا رغم تراجع ا