الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكبرياء و التاريخ:رسالة أيمن نور، خطاب أوباما و موقع ويكيليكس

بودريس درهمان

2011 / 2 / 5
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الإحاطة بوثائق ويكيليكس من طرف باحث أكاديمي تحتاج إلى سبعين سنة من القراءة، لكن مفعول وثائق ويكيليكس في منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط لم تحتاج إلا إلى بضعة أسابيع لكي تؤتي أكلها. السؤال المطروح هنا هو هل وثائق ويكيليكس وظيفتها الأساسية هي إعادة بناء الأنظمة السياسية في منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط. الولايات المتحدة الأمريكية حذرت كل حكومات العالم من التأثير المحتمل لهذه التسريبات ليبقى السؤال الثاني المطروح هو لماذا الأنظمة السياسية لمنطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط بقيت تنتظر إلى أن فاجأتها الثورات هل هو سوء التقدير للتأثيرات المحتملة لهذه التسريبات أم هو فقط العناد الذي يستأثر عادة بالأنظمة و الحكومات التي تستكين إلى منجزاتها و تستهين بقيم الحرية و الكرامة و حقوق الإنسان.
بداية تسريبات ويكيليكس تعود إلى يوم 28 نونبر 2010 لكن قبل هذا التاريخ و بالضبط شهر فبراير 2006 أيمن نور زعيم حركة مصر الغد - الذي كان يتهيأ سنة 2005 لخوض الانتخابات و في حالة الفوز عبر صناديق الاقتراع كان سيشكل حكومة وطنية بديل لحكومة حسني مبارك- أرسل من سجنه الذي وضعه فيه حسني مبارك تحت ذريعة تزوير وثائق انتخابية رسالة تسلمتها وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك السيدة كوندوليسا رايس عبر السفير الأمريكي في القاهرة. الرسالة التي دونها الزعيم الصاعد أيمن نور جد عادية و هي ضمن مجريات الأحداث آنذاك لكن وقعها على كبرياء الأمريكيين كان قويا و لا يتصور.
في استهلال الرسالة رحب ايمن نور بقدوم كندوليسا رايس و ذكرها بأنه ليس باستطاعته تقديم الزهور لأنه يقبع في السجن و لكن بدل تلك الزهور سيقدم لها ثلاث إيحاءات تساعدها على فهم خطورة تجاهل الولايات المتحدة الأمريكية للحالة المصرية الميئوس منها ديمقراطيا. أول هذه الإيحاءات هي حكم قاس لأحد الدبلوماسيين الروس في حق الولايات المتحدة الأمريكية التي قال في حقها بأنها ليس باستطاعتها بتاتا إنقاذ رجل يغرق. الرجل الذي يغرق المقصود هنا ليس أيمن نور الذي يقبع في الزنزانة التي وضعه فيها حسني مبارك بل هي الجمهورية المصرية الميئوس منها ديمقراطيا.
الإحاءة الثانية التي أوحى بها ايمن نور لوزيرة الخارجية الأمريكية و بالتالي للسياسيين الأمريكيين هي صراخ المصريين خلال شهري مارس و أبريل سنة 1919 إبان الثورة الوطنية المصرية حينما كانوا يرددون في صراخاتهم إسمين اثنين لا غير: الإسم الأول هو للزعيم المصري المنفي سعد زغلول الذي كانوا يمجدونه لأنه من الأبطال الوطنيين الذين كانوا يطالبون باستقلال مصر عن الإنجليز و الإسم الثاني هو للرئيس الأمريكي وودورد ويلسون صاحب المبادئ الأربعة عشرة و الذي كانوا يستنجدون به من اجل مساعدتهم على نزع حق الاعتراف بالاستقلال الوطني المصري؛ لأنه يوم 11 أبريل 1919 شارك الزعيم الوطني سعد زغلول في مؤتمر السلام بباريس من اجل نزع الاعتراف بالحقوق الوطنية المصرية في الاستقلال و رغم ذلك لم يستطع الزعيم الوطني المصري إقناع العالم بعدالة قضيته في الحصول على الاستقلال الوطني فما كان من الشارع المصري غير الاستنجاد بالرئيس الأمريكي لأنه هو من وضع يوم 8 يناير 1918نقطه الأربعة عشرة، بالخصوص النقطة الخامسة المتعلقة بتسوية كل مناطق الاحتلال الدولية.
الإحاءة الثالثة هي للكاتب و الناقد المصري مصطفى أمين الذي قال بأن الأمريكيين مولعون بالسرعة و هذا هو سر تحالفهم مع الدكتاتوريين، لأنهم يرغبون في الكسب بسرعة لكن يقول مصطفى أمين ينسى الامريكيون بأن من يكسب بسرعة يفقد بسرعة كذلك. الأمريكيون يصدرون الأسلحة و الطائرات و غيرها و لكنهم ينسوا أن أهم ما يجب تصديره هي الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان.
رسالة أيمن نور للأمريكيين التي أعادت إليهم أجواء سنة 1919 التي لعب فيها الرئيس الأمريكي ويلسون بنقطه الأربعة عشرة الخلفية الروحية للنظام العالمي لما بين الحربين ذكرتهم بتلك الأجواء واستلهموا منها بالخصوص النقطة الأولى التي تنص على الدبلوماسية الدولية الحرة و الشفافة.
هذه الدبلوماسية الحرة و الشفافة انطلق موقع ويكيليكس لكي يثبت دعائمها الأساسية المتمثلة في الواقعية السياسية و الصراحة الدولية بدل التستر على المافيات و الشبكات الدولية المنحرفة المهينة للكرامة الإنسانية.
لما كان الرئيس الأمريكي أوباما يلقي خطابه بالجامعة الأمريكية بالقاهرة يوم 4 يونيو 2009 و الموجه إلى العالم الإسلامي كان الجميع يتمحص كل كلمة ينطق بها الرئيس الأمريكي، لكن الجميع أهمل سؤالا صحافيا ألقاه صحافي أندونيسي يقطن بالقرب من المدرسة الابتدائية التي كان يدرس بها أوباما و هو طفل صغير، الصحافي الاندونيسي سأل الرئيس أوباما قائلا: سيادة الرئيس لماذا اخترتم القاهرة كمكان لإلقاء خطابكم للأمة الإسلامية مع العلم أن العرب لا يمثلون إلا 20% من المسلمين في العالم؟ الرئيس الامريكي أوباما فهم مغزى الخطاب و عمل على إفراغه من محتواه مجيبا الصحافي الاندونيسي انك تريدني أن ألقيه من أندونيسيا اليس كذلك؟.
محتوى السؤال هي أن المنطقة التي لا تمثل إلا أقل من 20% من المسلمين و التي فضل الرئيس أوباما إلقاء خطابه منها هي المنطقة التي لا تساير فيها دولها التحولات الدولية الجديدة و هي المنطقة التي تعرف حاليا التحولات الضرورية المتمثلة في الثورات الموجهة عن بعد. الدولة الإسلامية الوحيدة التي ذكرها أوباما بالاسم في خطابه هي المملكة المغربية و أثناء اجتماع مجموعة العشرين قدم الرئيس أوباما انحناءة متميزة لعاهل المملكة السعودية فهل ستشكل هاتين الدولتين الاستثناء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟