الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة الشعوب العربية الى اين تسير

أحمد راهي صالح

2011 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


انتفاضة الشعوب العربية الى اين تسير؟


ما ان انتفضت الجماهير التونسية واطاحت بزين العابدين بن علي حتى تسربت العدوى الى مصر ، ليترنح حكم مباركها والذي حكمها بالنار والحديد لمدة ثلاثون عاما في اقل من اسبوعين، ... فما الذي يجعل تلك الانظمة والمعروفة ببطشها ،تتردد في استخدام قوتها الحقيقية اتجاه تلك المجاميع ؟ لا احد يستطيع اقناعي من انها محرجة من شعوبها او من شعوب العالم، فكلنا يعرف وقاحة تلك الانظمة ،وعدم بخلها في استخدام اكثر الاساليب وحشية سبيلا في الحفاض على السلطة ....فما قيمة مئة او مئتين من القتلى امام كبرياء الكراسي، ومنذ متى تهتز العروش لمجرد سقوط عشرات القتلى ،ومنذ متى تستحي تلك الانظمة من شعوبها، وما الذي يجعلها تختبئ في جحورها خوفا وهي التي استخدمت وبكل وحشية حتى الطائرات والمدفعية لاخماد حركات شعبية تساويها قوتا ان لم تكن اعتى منها في السابق .!
وبالمقابل ايظا الم تكن تلك الانظمة مدعومة ولعقود من الزمن من قبل امبراطورية الشر امريكا ! فما الذي تغير وما الذي غيَّر، وهل من عاقل يصدق النوايا الامريكية ؟ .... فاميريكا لم تسحب يدها من تلك الانظمة التي زرعتها وروتها ودعمت تسلطها لعشرات السنين وحسب ،وانما اخذت تطالب تلك الانظمة بضرورة تنفيذ مطالب الجماهير الثائرة ،وترك الحكم لابناء الشعب، يختارون ممثليهم بكل حرية وباسرع وقت ، فالاتحاد الاوربي يجمد ارصدة زين العابدين بن علي وزوجته واقربائه، وكبريات الصحف الاوربية والامريكية تتسارع في فضح ممتلكات حسني مبارك والتي تقدرها بالملايين، فيما اسرائيل تلتزم الصمت وكأن الامر لايعنيها بتاتا ؟
فما الذي يجري .. أهكذا ومن دون اي مقدمات تتحول الدول الامبريالية ،من دول داعمة للانظمة الاستبدادية، الى دول تساند وتدعم نضال الشعوب المقهورة ،واتجاه مَنْ ..حُلفائها ؟
ألم تدعم الولايات المتحدة سوهارتو عام 1965 ، والذي تسبب انقلابه بمقتل مايقرب من المليون من الفلاحين المعدمين في اندونيسيا ؟
ألم تدعم بينوشيه عام 1973 والذي تسبب بمقتل آلاف المواطنين الشيليين؟
أين كانت من مذابح القوميين في شباط الاسود ؟
أين كانت حينما حلّ صدام حسين جميع الاحزاب السياسية في نهاية سبعينيات القرن المنصرم واعدامه لاكثر من عشرون شيوعيا وفي ليلة واحدة ،هذا عدا من سُجن واعدم لاحقا والذين يعدون بالآلاف؟
أين كانت حينما استخدم حافض الاسد المدفعية والطائرات ضد حماه وحمص ؟
وهل يعقل ان تكون اميريكا اكثر مصريتا من المصريين
أم ان الشمس باتت تشرق من مغربها ؟

حينما عزمت امريكا وبدفع من الصهيونية العالمية احتلال العراق، تصور غالبية العراقيين من ان كل ماتريده من العراق هو النفط + أمن اسرائيل ،وبالمقابل فانها ستقيم نظاما ديمقراطيا (وان كان عميلا) ، مع توفير الرخاء الاقتصادي كما هو جار في دول الخليج، الا ان ماكانت تخطط له امريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية ابعد من مسألة الاستيلاء على الحقول النفطية ، او تامين الامن لاسرائيل ، سيما وان صدام حسين بعد ان هرم لم يعد يشكل تهديدا حقيقيا على المنطقة، والذي كان على استعداد تام لتسوية المسالة مع اسرائيل مقابل بقائه في السلطة ، ويبدوا ان الادارة الامريكية استطاعت ادارة اللعبة وباتقان ،وهذا ما بينته وثائق ويكلكس الاخيرة والتي كشفت كيف غضت القوات الامريكية الطرف لتنظيم القاعدة في الاستيلاء على اظخم مخزون للاسلحة ، سبيلا في نشر الارهاب في كل مكان من العراق ،مع ادخال ايران الشيعية كلاعب قوي ومسيطر في المنطقة ، صحيح ان القوات الامريكية تكبدت خسائر فادحة في الارواح والمعدات ، وعلى يد الاخوة الاعداء ،كل من تنظيم القاعدة وقوات جيش المهدي، الا انه وكما يبدوا فان ستراتيجيتها في المنطقة تتطلب تلك التضحية سيما اذا علمنا ان اغلب الخسائر البشرية كانت في صفوف المرتزقة وهم من جنسيات مختلفة ، والملفت للنضر ان اغلب التحليلات السياسية انذاك كانت تتنبا من ان اميريكا واقعة في المستنقع العراقي لامحالة ، وانها اي امريكا قد اهدت العراق من دون اي مقابل، وعلى طبق من ذهب ،الى ايران ،وبالتالي فان عصر الهيمنة الامريكية قد ولى ،خصوصا وانها تقف عاجزة ليس امام النموا العسكري الايراني وحسب، بل وأمام انتشار العقائد الشيعية في المنطقة ،وتهديدها لدول الخليج العربي وهي المعروفه بتبعيتها السياسية لامريكا .
الا ان الاحداث الاخيرة تثبت لنا من ان تلك التوقعات لم تكن في محلها بتاتا، ذلك ان الاحداث الاخيرة ،ووقوف الهرم الاكبر وتوابعه من الدول الاوربية بصف الانتفاضات الشعبية تلك ، يؤكد وبما لايقبل الشك من ان المخططات الامريكية ومن ورائها الصهيونية العالمية ابعد من مسألة احتلال منابع الطاقة ، فلوا كان قصد اميريكا تأمين منابع النفط وحفض امن اسرائيل لما احتاجت لكل تلك التضحيات ، فقد كان بامكانها وكما اسلفنا تسوية المسألة مع نظام صدام ، والذي كان على استعداد تام للتوقيع على ورقة بيضاء مقابل ابقائه في سدة الحكم .

اسرائيل الكبرى

يمكن القول من ان اسرائيل، تمتلك اغلب مقومات الدولة العضمى باستثناء الارض، اذا ماعلمنا ان اغلب رؤوس الاموال ، في دول العالم تحركها الصهيونية العالمية ،وبالتالي من الممكن نقلها الى اسرائيل في الوقت المناسب، وعليه وفي سبيل تحقيق هذه المطالب لابد من تحقيق حلم اسرائيل الكبرى، لاعن طريق الاحتلال والتهجير المباشرين ،مثلما حصل مع فلسطين، وانما من خلال اضعاف المنطقة وايقاعها بحروب اهلية طويلة المدى ، ليتحقق من خلالها فوضى عارمة ، وانتشار للاوبئة والامراض، سبيلا في تقليص عدد السكان، الى الحد الذي يجعل منهم اقلية لاحول لهم ولا قوة ، وبالتالي من السهل ابتلاع المنطقة ، ولاجل ذلك تحديدا تم التخطيط لاحتلال العراق ، ومن ثم تهيئته كمختبر خصب لتاجيج وتنمية الصراعات الطائفية ، مع غض الطرف لايران في تصدير ثورتها خارج ايران، لتمتد الى دول الخليج واليمن والمغرب العربي (تشييع المنطقة)، لادخال الرعب الشيعي بنفوس الطوائف السنية ،والتي هي اساسا مهيئة فكريا ومنذ زمن لصد التوسع الشيعي، ولان التوسع الشيعي بدأ يطفوا على الساحة وبشكل ملموس ، لابد اذن من افساح المجال للتطرف السني في ان يضهر نفسه الان وبقوة ، وبما ان اغلب الانظمة الدكتاتورية في العالم العربي ذات نزعة علمانية شيئا ما ، فبالتالي سوف لن تسمح باي شكل من الاشكال لنمو الحركات الدينية المتشددة، حفاضا على كراسيها، اذن لابد من تغيير الوضع القائم ، وعليه فقد تم استغلال الاحداث الشعبية في تونس ، من خلال تسليط الاضواء عليها وتضخيمها اعلاميا، سبيلا في تأجيج المواطنين الابرياء، مع الضغط بالوقت نفسه على نظام بن علي لترك سدة الحكم ، والذي ورغم فهمه للعبة ، وخروجه السريع ، الا ان اصدقائه التقليديين لم يتركوه يتهنى بما يمتلكه من اموال مسروقة ،بل عمدوا الى تجميد الارصدة المالية له ولزوجته ، لا حقدا عليه ،ولا حرصا على اموال الشعب التونسي ، وانما اريد بها رسالة تطمين، من انهم يدعمون المطالب العادلة للجماهير الثائرة، سبيلا في انتشار الغضب الجماهيري الى باقي الدول العربية ، وهذا ما هو حاصل الان ،فلوا لا سقوط حكم زين العابدين السريع ، لما تجرأ الشعب المصري وانتفض ضد مبارك ،وبطبيعة الحال فان المسالة لن تقف عند مصر، وانما ستشمل الدول العربية برمتها ،حتى ان الحكام العرب اخذوا يتفهمون اللعبة ، ذلك ان اي استخدام مفرط للقوة اتجاه المعارضة من شانه ان يغضب اصدقائهم الامريكان ، فامريكا لم تعد ذلك الشيطان الذي يغطي جرائمهم مثلما كان في السابق ، فقد لبس قناع الحمائم ، وبالتالي ليس لهم الا ان يهادنوا شعوبهم ، من خلال الترغيب بالمال تارتا ، او بالاصلاح السياسي تارتا اخرى ، مثلما هو جارٍ في الكويت ، والذي اخذ اميرها يغدق على شعبه بآلاف الدولارات ، وبتموين غذائي مجاني لسنة كاملة ، وكذلك الوعود المتسارعة التي اخذ باقي الحكام العرب يتسابقون في الاعلان عنها ، كالاردن ، واليمن ، والجزائر ، والمغرب . وهي بطبيعة الحال اجرائات يائسة ، فالتغيير لابد له ان يسلك طريقه ، وان مهامهم ، سواء اكانوا عملاء ،ام مهادنين، قد انتهت، فالمصالح الامريكية ، تريد للشعوب العربية ان تنتفض على حكامها ، ولكن على طريقتها الخاصة ، وليس غريبا ان التيارات الدينية المتشددة لم تُضهر انيابها في الوقت الحاضر، لا في تونس ، ولا في مصر ، وأرى بان هنالك اتفاق امريكي ضمني ، مع الحركات الاسلامية ، يقضي بعدم ضهور تلك الحركات لثقلها الحقيقي في الساحة ، سبيلا في تطمين الجماهير الثائرة ،ذات التوجهات الليبرالية واليسارية ، من ان الاسلاميين سوف لن يقدموا على سرقة ثورة الشعب ، وان حكما معتدلا ديمقراطيا نزيها سيمسك بدفة الحكم ، ولكن هيهات ،ذلك ان المد الاسلامي المتشدد ، لابد وان يستلم مقاليد الحكم ، سواء عن طريق الاقتراع ،او عن طريق القوة ،وباسناد امريكي ، وان يكن غير مباشر ، اما حكومات عربية متحضرة تستمع لمطالب شعوبها ،وتنعم بالامن والاستقرار والحرية ، فهذا مالايمكن ان يخطر ببال لا اسرائيل ولا الغرب ولا امريكا ، وعليه فنحن على اعتاب خارطة طريق جديدة ، تختلف عن كل الخرائط ، خارطة طريقها مليئ بما لايسر ، بحيث يأكل الاخوة بعضهم بعض، حيث الشيعي ياكل السني، والسني يأكل الشيعي ،والسني ياكل السني ، والشيعي ياكل الشيعي ، اما الاقليات فستكون تحت الاقدام لامحالة ، وسوف لن تقوم للعرب ،ان تحقق ذلك، اي قائمة ، تماما مثلما حصل لمملكة سليمان ، حينما دب فيها الخلاف ، كنتيجة لانحياز سليمان لقبائل الجنوب ، على حساب القبائل الشمالية ،والذي ادى الى قيام ثورات داخلية ادت الى تقسيم المملكة الى مملكتين متصارعتين (مملكة يهودا ومملكة اسرائيل) تحركهما خيوط المصريين والاشوريين والبابليين مما جعلهما فريسة سهلة ، لتسقط السامرة بيد الاشوريين عام 721 قبل الميلاد واورشليم بيد البابليين عام 587 قبل الميلاد لينتهي بهم المطاف كعبيد .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم
سمير بنيامين ( 2011 / 2 / 9 - 23:10 )
تحية لكاتب المقال
لقد اصبت صميم الموضوع


2 - ثورة الى الوراء
سوزي مبارك المندلاوي ( 2011 / 2 / 10 - 03:41 )
مايجري في الدول العربية هو ثورة شعبية بدون شك

الا انني اتفق مع كاتب المقال في شكه بنوايا امريكا واسرائيل وما تسعيان له من تاجيج للصراع في المنطقة العربية


3 - لا اتفق
بوران العزازي ( 2011 / 2 / 10 - 17:35 )
ارادة الشعوب هي من تقرر المصير


4 - لا اتفق
بوران العزازي ( 2011 / 2 / 10 - 17:35 )
ارادة الشعوب هي من تقرر المصير


5 - اسرائيل الكبرى
نازك منير اللامي ( 2011 / 2 / 10 - 23:39 )
الحق الحق اقول لكم ان المد الصهيوني قادم
اشاطر المحلل البارع احمد راشد الرأي في ان المنطقة في طريقها الى الانهيار وليس للديمقراطية
مع الود
نازك اللامي


6 - تجزئة التجزئة
صباح انيس جلوب ( 2011 / 2 / 11 - 00:26 )
المنطقة مقبلة على صراعات دامية وسيقسم الوطن العربي الى دويلات بعدد النجوم


7 - مخاوف ليس لها مايبررها
بشرى سلمان حسين ( 2011 / 2 / 11 - 00:33 )
لما كل هذه المخاوف من ثورة الشعب؟

اخر الافلام

.. صور أقمار اصطناعية تظهر النزوح الكبير من رفح بعد بدء الهجوم


.. الفيفا يتعهد بإجراء مشورة قانونية بشأن طلب فلسطين تجميد عضوي




.. مجلس النواب الأمريكي يبطل قرار بايدن بوقف مد إسرائيل ببعض ال


.. مصر وإسرائيل.. معضلة معبر رفح!| #الظهيرة




.. إسرائيل للعدل الدولية: رفح هي -نقطة محورية لنشاط إرهابي مستم