الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السمات المشتركة والمختلفة لثورتي تونس ومصر ؟؟ - 2

جريس الهامس

2011 / 2 / 5
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في دراستنا للثورتين التونسية والمصرية في عصرنا نفتح باب التحليل العلمي لهما لأن الثورة السعبية ليست حدثاً عادياً أوعابراً , بل مدرسة ففكرية وعملية , وعنواناً كبيراً للتحولات الجذرية والحضارية في تاريخ الشعوب الطامحة للتحرر والتغيير ..
.......

كلا الثورتين كانتا حصيلة حتمية للتناقض الحاد الذي بلغ الذروة بين الطبقة الكومبرادورية
الحاكمة المستولية على الثروة والسلطة بهمجية واستبداد القرون الوسطى وما قبلها .. الذي تحول مع استمرار النهب واتساعه واتساع الحرمان والفقربالمقابل حتى حدود المجاعة العمومية .. وخرج من إطار الخنوع العام للإستبداد إلى صراع طبقي حاد استخف الطغاة وأجهزة قمعهم المزمنة به وبرموزه الفقراء الذين كانوا يودعون السجون ويجلدون ويخرجوا منها أشد صلابة وتمسكاً بحقهم في الحياة ولو بعد سنوات بين قتيل شهيد أو يحمل علته الدائمة أو يهجرإلى الخارج أو يوضع تحت رقابة دائمة محروماً من أبسط حقوقه المدنية ..
وعلى النطاق العالمي : بعد أزمة الطبقة الطفيلية الوسطى التي تحكم العالم اليوم بزعامة الولايات المتحدة .. هذا العالم الذ ي تحول إلى نظام الإستهلاك والخدمات . على حساب الإنتاج الوطني الصناعي والزراعي ...وانهيار النظام الرأسمالي كله المبني على قاعدة – بضاعة – نقد – بضاعة -- في قدس أقداس الرأسمالية في الولايات المتحدة التى تحولت إلى دولة خدمات واستهلاك لاتنتج سوى 30 % من استهلاكها .. ومثلها بريطانيا حتى لندن التي كانت تسمى مدينة الضباب نظراً للغازات التي كانت تقذفها المصانع في سمائها .. لم تعد مدينة الضباب لأن الصناعة البريطانية الكبرى نقل الكثير منها إلى جنوب شرق اّسيا والصين حيث اليد العاملة الرخيصة والمواد الأولية متوفرة إلى جانب التهرب من الضرائب ...ولم يبق سوى ربع الصناعات تقريباً في بريطانيا وغيرها .. وتختلف النسبة من بلد لاّخر في أوربا ...
وبعد معاهدة رامبويه في فرانسا عام 1975 للدول الخمس الكبرى برئاسة الولايات المتحدة ألغيت التغطية الذهبية والإقتصادية وسندات الخزانة العامة للنقد في العالم التي كانت تفرضها معاهدة بريتون وودز التي وفعتها الدول الرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945
وهكذا أضحى النقد العالمي غير مغطى بأية قيمة ثابتة كالذهب وغيره من المعادن الثمينة كما لايضمنه إقتصاد البلد الذي يصدره أوسندات خزينته وملاءتها ... واكتفي بضمانة الدول الخمس الموقعة على إتفاقية رامبوية وبضمانة الدولار الذي أضحت قيمته الحقيقية تمن الورق والحبر الذي يطبع به وجعلوه الإله الأوحد المعتمد لضمان الاّلهة النقدية لجميع الدول الدائرة في تلك الرأسمالية المتوحشة المتحولة إلى نظام إستهلاك وخدملت ..
.. وهكذا استعبد هذا الوحش الأمريكي الذي لايشبع العالم بدولاره المزيف وقوته العسكرية وعدوانه المستمر على الشعوب وسلط عليها قواعده الثابتة كإسرائيل وأنظمة الإستبداد التي زرعها في بلادنا وغيرها من شبكات الإرهاب العالمية ....أو الجيوش المتحركة المنتشرة في العالم كله ... لأن الحروب وحدها تشكل هيموغلوبين الدم في كيانه وبدونها سيبموت حتماً.. وبعد تشريح مقتضب لهذه اللوحة السريرية للنظام الأمريكي الطفيلي الجديد ...
.........

كان هدفنا الوصول لأنظمة وكلائه بالعمولة كأنظمة تونس ومصر وسورية وليبيا والجزائر واليمن والسودان والسعودية والخليج وسائر الأنظمة العربية المشابهة وغيرها . لنبلغ حتمية الثورات الشعبية ضدهذه الأنظمة .. بعد بلوغ الصراع الطبقي مضيق الطفرة للتحول الحتمي إلى مطهر الثورة التي تشكل قاطرة الشعوب المضطهدة الجائعة من مستنقعات الإستبداد والجهل والمرض والجوع والعبودية إلى قمم الحرية والنور والعمل والديمقراطية والشفاء ....وهنا صدقت نبوءة المعلم لينين ( عندما يصبح الذين فوق لايستطيعون الإستمرار بحكمهم كما كانوا – بالبطش والنهب --- والذين تحت لايستطيعون الإستمرار بالعيش كماكانوا في الجوع والإستغلال والعبودية ستندلع شرارة الثورة التي تشكل القابلة القانونية التي تولد من المجتمعات القديمة مجتمعات جديدة متحررة وقابلة للحياة – الدولة والثورة )
وكانت الثورة في تونس وانتقال لهيبها كالنار في الهشيم إلى مصر واليمن والأردن والجزائر والسودان وغيرها ...هذه الثورة التي فاجأت العالم كله هي حصيلة كل هذا التخريب والإنهيار الإقتصادي والسياسي والثقافي والأخلاقي المغلف بأباطيل الإعلام الأمريكي والغربي عموماً وسفالة عملائه المحليين المتاجرين بالقومية حيناً وتقدمية اللصوص والقتلة أحياناً أخرى ... وإذا كان سيد اللصوص في البيت الأبيض والبنتاغون أضحى مقامراً في سوق البورصة العالمية لاينتج مايحتاج شعبه إليه ويعيش على البلطجة في العالم فلماذا نستغرب أن يعيش عملاؤه الصغار كإبن علي و حسني مبارك وعلي عبدالله صالح وبشار الوريث وبشير السودان وقذافي زمانه وكل ما في "" القفة "" أن يعيشوا على البلطجة والكذب واللصوصية والسفالة ؟؟؟؟؟
ثورة تونس :
الثورة كما قال المعلم ماوتسي تونغ : ( ليست دعوة إلى مأدبة , أو تطريز ثوب جميل - أو دعوة نخبة بورجوازية .. إنها نضال شعبي دؤوب وإتحاد تام مع الشعب إنها إرادة شعب وقناعاته في التحرر الطبقي والوطني ) ...
ومن هنا جاءت ثورة تونس ومثلها مصر من قلب الجماهير المحرومة والبائسة المضطهدة .. في تونس من شرارة الشهيد البطل محمد بوعزيزي الذي قدم جسده قرباناً للثورة التي شملت البلاد كلها .. وهكذا سبقت الجماهير وثورتها قياداتها وأحزابه التقليدية ..وحققت ركائز وقواعد في علم الثورة جديدة قديمة أهمها :

 انبثاقها من الريف من محافظة بوزيد وامتدادها للحقل المنجمي في الجنوب ثم إلى سوسة وصفاقس وجربا ثم للقيروان والحمامات والشمال حتى حزام الفقر حول العاصمة وصولاً إلى قلب العاصمة وقصر قرطاج .. رائعة مسيرة مفاجئة وسريعة صنعها شغيلة تونس الشجعان دون تنظيم وتنظير مسبق انضم لها المثقفون وشغيلة الفكر والثقافة دون تردد وفبل الجميع بما فيهم التنظيمات الحزبية السير خلف الإتحاد العام للشغل – أي إتحاد نقابات العمال – الذي شكل رافعة الثورة الصلبة ( وهذا ما افتقدته ثورة مصر مع الأسف ) مع القوى اليسارية التقدمية التي ضمدت جراحها بسرعة وسارت مع الثورة بوعي وشكلت اللجان الشعبية في كل مكان لحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة ..

 كانت الثورة مفاجأة كبرى للقوى الإستعمارية الكبرى التي لها مصالح حيوية ورساميل وشركات في تونس خصوصاً أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا .. ولم تترك لهم الثورة الفرصة ليدعموا بقاء الديكتاتور ..


 كانت قيادة الجيش التونسي أكثر نقاء ومصداقية إلى جانب ثورة الشعب فرغم استنجاد الطاغية به لم يدافع عن مقرات الحزب الحاكم التي ألغتها الجماهير من الوجود في جميع أنحاء تونس ..المهم تحطيم جهاز الدولة المعادي للشعب والديمقراطية القديم ...

 لم تقبل المعارضة التونسية بالحلول الوسط وأسقطت الوزارة الأولى وعدلت الثانية وتتابع جماهير ولجانها المختصة رؤوس النظام السابق وتحيلهم إلى القضاء وتصادر أموالهم التي نهبوها من الشعب . وتنتقل من نصر إلى اّخر حتى موعد الإنتخابات التشريعية ووضع دستورجديد وديمقراطي للبلاد ...فألف مبروك لرفاقنا وأصدقائنا وللشعب التونسي الشقيق في تونس الخضراء لإنتصار ثورتهم الرائدة نشد على أياديكم ونشكر تجربتكم الرائدة في الصبر والتضحية وتاكتيك النضال في الليل والنهار التي قدمتموها علناً على النت لثوار مصر ورفاق مصر ..


 وإن كان لكل ثورة خصائصها وواقعها الموضوعي وواقع أعدائها وأسيادهم مع اختلاف مناخ كل ثورة (الجيو بوليتيكي ) رغم الخط العام للثورة السلمية رغم الفوارق التكوينية التي سنتناولها في البحث القادم .. في ثورة مدن وادي النيل ومصر كلها المستمرة التي ترغم إمبراطورية حسني مبارك وأسياده في تل أبيب وواشنطن على التراجع خطوة خطوة رغم أنفهم حتى السقوط التام أيا كان البديل ..؟؟؟؟
 جريس الهامس - لاهاي -- 5 / 2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا -غارقة في المجهول-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان، من س


.. هل فرنسا قادرة على تشكيل -ائتلاف حكومي-؟ • فرانس 24




.. -مواجهات محتدمة- وإطلاق الغاز المسيل للدموع في ساحة الجمهوري


.. رفع علم فلسطين على جسر موستار الأثري بالبوسنة والهرسك




.. عاجل| 10 شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي على جباليا النزلة