الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا شيخ امام جاءوك بالبشارة

فؤاد ابو لبدة

2011 / 2 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عاش الشيخ امام ورحل عن الدنيا جسدا وبقيت روحه ترفرف في سماء الحرية تبشر جميع الثوار بان الثورة علي الظلم والقهر آتية لا محال , وما زالت كلماته خالدة في قلب كل ثائر وينشدها كل من تذوق معاناة الفقر والاضطهاد والظلم والقهر , كل من انتمي لقضايا الطبقة العاملة والكادحين والثوار وعشق جيفارا وهوشي منه وجياب وماوسي تونغ وعبد الخالق محجوب وهاشم العطا والثورة الفلسطينية بشهدائها وأسراها ومناضليها وانتفاضتها وحجارتها وشجرها , كل من ضم فلذة كبده الي عظام صدره وهرب بتفكيره متخيلا أي مستقبل سيواجهه ابنه وخائفا عليه الموت قهرا , كل من دكت زنازين السجن مضجعه , كل من التصقت رطوبة السجن بجسده , كل من وقف بشباك الزنزانة يتنفس هواء الوطن ويتمني ان تداعب نسمات الهواء خصلات شعره وتلامس حرارة الشمس خده كل من امن بالحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية وثورات الشعوب وحمل قضايا الوطن وهمومه بصدره .
الشيخ إمام واسمه بالكامل إمام محمد احمد عيسي من مواليد قرية أبو النمرس في محافظة الجيزة لشهر يوليو من العام 1918 , لم يكتب له القدر ان يري النور منذ السنة الأولي لولادته ويختار له القدر ان يعيش كفيفا لتبدأ معه منذ طفولته رحلة المعانة والفقر والقهر ويكبر وتكبر معه الثورة التي تترعرع وتزدان علي الأمل بداخله بأنها سوف تنتصر ,وارتفعت أماله وطموحاته بعد ان تعرف علي رفيق دربه شاعر المقاومة احمد فؤاد نجم عام 1962 تلك الفترة الزمنية التي امتازت بالمد الثوري في مصر وباقي الدول العربية التي شهدت سلسلة من الثورات الشعبية أفضت إلي استقلال الدول العربية من براثن الاستعمار إضافة إلي تعملق المعسكر الاشتراكي علي الصعيد العالمي وإعلانه الدعم اللوجستي الكامل لثورات الشعوب في محاربتها للاستعمار , لتلتحم قلوبهم المؤمنة بعدالة القضية وإيمانهم بان الكلمة الصادقة النابعة من القلب تؤثر في المجتمع وان الحقوق العادلة لا تموت مهما تمر عليها الزمن فهي لا تسقط بالتقادم فهو لم يراها بعينيه لكنه كان يشاهدها يقلبه الكبير الذي يتسع لملايين الفقراء بالعالم يسمعهم بقلبه قبل ان يسمعهم بأذنيه , وكأن نبضات قلبه تنادي المعذبين وتقول لهم تعالوا القوا بهمومكم لقلبي لأخرجها علي أوتار عودي .
انطلق نجم وإمام يحملون الثورة في قلوبهم ويدعون لها الأول بقلمه والثاني بصوته وأوتار عوده لترهب الأغنية والقلم أركان نظام بأكمله وهنا تظهر قمة الروعة حينما تصدح حنجرة تزعج نظاما وتهز جدران مكاتبه الأمنية وتحديدا بعد هزيمة 1967 حينما حاول أركان النظام التنصل من أسباب الهزيمة والالتفاف علي نتائج الحرب وأسباب الهزيمة ومحاولة التبرير , وتناولهم بأسلوبه الغنائي الساخر حينما غني لهم " الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا ___ يا محلا رجعة ضباطنا من خط النار " ومع عودة الجيش لمسرح القتال وابتدأت حرب الاستنزاف بادر الشيخ إمام بالأغاني الوطنية التي ترفع من الحالة المعنوية وتحثهم علي النضال وحب الوطن والتضحية من اجل الحرية والتحرير وغني لهم مصر يمة يا بهية وغني لهم يا مصر قومي وشدي الحيل كل الي تتمنيه عندي لا القهر يطويني ولا الليل امان امان يا بيرم أفندي وغني لهم أغنية انأ الشعب العربي وغني لهم ثور يا إنسان وتحرر , لم يشفع لهم دورهم الوطني والمميز في تلك الفترة لمجرد أنهم انتقدوا وحرضوا الجماهير علي معاهدة روجرز ليصدر النظام أوامره للأجهزة الأمنية باعتقال الاثنين لأكتر من مرة في عهد عبد الناصر ومن بعده السادات الذي تعرض لانتقاد لاذع من قبل نجم وإمام بسبب تحوله الي النظام الرأسمالي وميوله للارتباط والتماشي مع سياسة البيت الابيض وما ان أعلن الرئيس الأمريكي زيارة رسمية لمصر حتى كان الشيخ إمام باستقباله بأغنية شرقت يا نيكسون بابا يا بتاع الوتر غيت عملولك قيمة وسيما سلاطين الفول والزيت وأغنية يا خواجا يا ويكا يا خواجا يا بتاع أمريكا يا خواجا مما اثأر غضب النظام ليطلق العنان للأجهزة الأمنية التخلص من الاثنين ويتم تلفيق لهم تهمة الحشيش ويحاكوا بالسجن المؤبد ليكون هو أول إنسان يحكم بالسجن بسبب الأغاني الثورية , ولكن هذا السجن لم يثني عزيمتهم لتنطلق حنجرة إمام بالغناء " تجمع العشاق في سجن القلعة __ تجمع العشاق في باب الخلق " بإشارة منه الي مديرية امن القاهرة التي تتواجد في باب الخلق وكانت نقطة الانطلاق لاعتقال المناضلين وأصحاب الفكر والرأي وهي لا تبعد كثيرا عن ميدان التحرير الذي يعتبر رمزا للعزة والكرامة لكل المصرين الأحرار . ومع استلام مبارك للحكم وحرصا منه علي الظهور بالمظهر الديمقراطي اصدر أمرا بالإفراج عن إمام ورفيق دربه نجم , وفي منتصف الثمانينات توجهت لهم دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء حفل أقيم في فرنسا ولقي نجاحا كبيرا وإقبالا من الجالية العربية , وأقام حفل في تونس وغني به أغنية " شيد قصورك عال مزارع من كدنا وعمل أيدينا " ولم يقتصر أداء الشيخ امام علي أشعار رفيق دربه نجم , فهو غني للشاعر التونسي ادم فتحي وغني للشاعر الفلسطيني توفيق زياد , وبأواخر الثمانينات قرر الشيخ امام ان يكمل باقي أيام حياته في منزله بمنطقة الغورية وهي احد أحياء القاهرة بعيدا عن الغناء لتأتيه المنية صبيحة يوم السابع من شهر يونيو لعام 1995 .
رحل الشيخ امام بصوته وما زالت حناجر الآلاف تردد كلماته في ميدان التحرير , وما زالت أغانيه خالدة في أذهاننا , فهي تعطينا درس كبير نتعلم منه كيف تكون الأغاني لها تأثير كالطلقة , كم تمنيت يا شيخ إمام لتتجمع العشاق في باب الحلق , ها هي الجماهير تتجمع علي بعد أمتار من باب الخلق ولكن ليس مسجونين بالمديرية بل هم من حاصر السجان وكانت كلمتهم اعلي من كلمة السجان , آن الأوان لتنام قرير العين جماهير تونس التي حملتك علي الأكتاف في احد الحفلات انطلقت منها رياح التغيير لتستقر الآن في مصر الكنانة التي عشقتها وغنيت لها ولشعبها الثائر , ها هم جاءوك بالبشارة مئات الشهداء من كانوا في الميدان يرددون غناؤك وتعالت حناجرهم عند مقطع مين اللي يقدر يحبس مصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وتقدير
ياسر الحر ( 2011 / 2 / 6 - 09:39 )
شكرا لك على تسليطك الضوء على احد عمالقة الغناء الملتزم وللاسف هم قلة في وطننا العربي


2 - ياما رددنا اغنيه ايام الدراسة
بشارة خليل قـ ( 2011 / 2 / 6 - 19:10 )
لكن لا اخفي قلقي ان يلتقط هذه البشارة التى انطلقت من ميدان التحرير الى قلب الشيخ امام الكبير شيخ اخر من طلائع صحوة حزب البعبع الطائفي الا وهو الشيخ كشك الذي كانت لكاسيتاته تاثير كبير في الثمانينات خاصة على الطلاب في استنهاض جنى الطائفية وضياع الهوية المدنية
نجوم الفضائيات الوهابية ما هم الا استنساخ لكشك ونظيره المقنع بالاعتدال (الشيخ الشعراوي بمباركة الرئيس المؤمن بفاشيتهم

اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|