الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم ، سيدي القنصل العام ... /سيرة ذاتية الفصل الأول

مليكة مزان

2011 / 2 / 6
سيرة ذاتية


وضعت مفاتيح الشقة في صندوق الرسائل كما أوصاني
وضعتها بحب وإخلاص كأني لا أعيش النهاية

لم ألتفت ورائي .

مذ غادرت مدينة جنيف السويسرية آخر مرة أخذته على نفسي عهدا :
كل مكان أعيش فيه تجربة حياتية عنيفة ثم أغادره علي أن أغادره غير ملتفة ورائي .

كذلك كانت مغادرتي ذاك الصباح لمقر إقامة القنصل العام المغربي بمدينة ن* الفرنسية .
***
مسافة الطريق إلى المطار كعادتها طويلة ، لكنها في ذلك الصباح بدت لي أقصر مما مضى : طيلة الرحلة كنت أفكر في مغزى مكالمة أجراها مع السائق :
ـ هل أنتما في الطريق إلى المطار ؟ ( يكاد يقول : أخيراً ... )
ـ نعم ، سيدي القنصل العام ، كل شيء على ما يرام .
ـ لا تنس أن تمنح المدام الظرف البريدي الذي تحمله إليها ، وكذلك علبتي الشوكولا والبيسكوي الموجودتين في الصندوق الخلفي للسيارة .
ـ سأفعل سيدي ، اطمئن .

***

الظرف البريدي به بضع أوراق مالية مغربية ، بقايا تكلفة آخر سفر له إلى المغرب .
علبة الشوكولا علبة صغيرة جدا ، لكن وجدت لدي كل الرضى ، أليست هدية منه على أي حال ؟
رباه .. هل تكون هديته الأخيرة ؟

علبة البيسكوي لم يبق منها إلا القليل .
وأنا أسرع إلى الصعود إلى الطائرة تناثرت محتوياتها على الأرض . اجتهدت في جمع بعضها حفاظا مني على نظافة المطار ، ولكن أيضا حرصا مني على القيام بتصرف أردت أن تكون له قوة السحر والشعوذة على إحياء الرابطة التي تقطعت بيننا .

فعلت ذلك ونسيت أني كنت في وطني أستاذة لمادة الفلسفة !

***

ـ على سلم الطائرة هذي خطواتي :

رباه .. هل تراه ندم على ما فعل ؟
رباه .. هل ما زال يحبني ؟
رباه .. هل في حياته امرأة أخرى ؟
رباه .. هل تراه يوما إلي سيعود ؟

***

في المقعد إلى جانبي شاب إفريقي لم أبادله أي حديث على غير عادتي مع كل من تجمعني معهم رحلة ما ،
كنت منشغلة عنه بالاطمئنان على حيازتي الدائمة لوثائق رسمية أكاد أسمعها تهمس لي في انتشاء لذيذ :

أن يعود إليك أو لا يعود لا يهم ، المهم أنك الآن مواطنة مغربية لها حقوق حقيقية تضمنها وترعاها .. العدالة الفرنسية !

وأحضن أوراقي في حرص طفلة خائفة ، وبنهم لا يقل عن نهم الشاب الإفريقي أتناول وجبة الغذاء وأنا مطمئنة تماما على مستقبلي .

***

نزلت مطار محمد الخامس .
نزلت لا أدري هل عدت إلى وطن / أب / أخ / صديق أم إلى .. وطن / عدو !

عند نقطة التفتيش فضلت أن أدلي بجواز سفري العادي وكأني مهاجرة عادية تعود إلى أرض الوطن ، بدل أن أدلي بجواز زوجة الموظف الديبلوماسي والتي ، حسب القانون الفرنسي ، كنت ما زلتها حتى تلك اللحظة .
خشيت أن يصادر مني ذاك الجواز بعد أن مر على تطليقي في ظل العدالة المغربية ( عدالة ؟! ) أكثر من سنة .

جواز سفري الديبلوماسي هذا دليل مهم ضده وضد قضائه المغربي ، دليل قد أدلي به عند الحاجة وما أكثر حاجاتي منذ أن غدر / غدروا بي ! وما أكثر حاجاتي وأنا أعود إلى بلد كل شيء فيه ممكن ، بلد ليس بيد ريح أي تغيير أن تغير ما ترسخ به من عقليات وسلوكات ، من مناصب وثروات وكراسي !

***

أعاد الشرطي إلي جواز سفري وعلى وجهه ظل ابتسامة مفتعلة لسان حالها يقول : أهلا بعودتكم إلى الجحيم !
ـــــــــــــ
يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ياهلا بين ديرتك و عشيرتك
عساسي عبدالحميد ( 2011 / 2 / 6 - 13:36 )
ياهلا بين ديرتك و عشيرتك

اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس