الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعثية والصدامية

مالوم ابو رغيف

2004 / 10 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


،قبل سقوط نظام البعث الهمجي ،لم يكن مصطلح الصداميه او الصداميون يستخدم في المناقشات والاطروحات السياسية او في بيانات الاحزاب المعارضة للنظام آنذاك،وكان يشار الى حزب البعث بالاسم كحزب قمعي ،فاشي ،طائفي ،عنصري ،وللنظام بالدكتاتوري الدموي ، التمييز الوحيد والنادر ايضا وبسبب الخوف من رد فعل البعث السوري ،حيث توجد اغلب مقرات احزاب المعارضة في سوريا ،هو مناشدة البعثيين الشرفاء كاسلوب تكتيكي لتشجيع بعض ممن بقى لديه قليل من الشرف للعمل ضد النظام ومساعدة قوى المعرضة في نظالها المرير للاطاحة بالبعث ،وغالبا ما يرد هذا المصطلح ،اي البعثيين الشرفاء في الندائات والمناشدات التي تدعوا الى الانقلاب على الحكم البعثي الهمجي والتنصل من مسؤلية ممارسات البعث الاجرامية .
بعد سقوط النظام المخزي وهروب رجاله كالفئران المذعورة بثيابهم الداخلية ،وثيقة تاريخية نقلت على الفضائيات ببث حي من على كافة اجهزة التلفزة العالمية والعربية ،وشاهدتها الملايين في كل بقاع العالم ،تشهد على جبن اعضاء حزب البعث وخستهم ـبرز للوجود مصطلح مظلل يهدف الى تبرئة البعث من المجازر والجرائم التي ارتكبها اعضاءه وقياديه طوال تاريخهم الاجرامي المقيت ،وتحميل وزر ذلك على شراذم تحسب على الاصابع ،ولا تفوقها عددا او كثرة ،مرتبطة بعلاقات قربى او نسابة مع المجرم صدام .صيغ مصطلح الصدامية اوالصداميون ،تمهيدا لارجاع البعث مرة اخرى الى ساحة العمل السياسي العراقي ،وبرزت اقلام معروفة بوطنيتها لتنظر بلاشرعية الغاء الفكر البعثي ،او حل حزب البعث والتفريق بين صدام وبين الفكر الذي خلق صدام ،حتى ان بعض الاحزاب الوطنية المعروفة ،وعلى لسان احد اعضاء لجنتها المركزية ،طالب باشراك حزب البعث بالعملية السياسية بعد تصليح اخطائه والتخلص من الصدامية .
النهج الصدامي في القتل والتخلص من الخصوم ،ليس جديدا على حزب البعث او طارئا على فكره ،بل هو امتداد طبيعي لهذا الفكرالعفن ،الذي يتبنى العنف والانقلاب كأسلوب للوصول الى السلطة ،واشاعة الارهاب والخوف والذعر في نفوس الناس للسيطرة والتحكم بمصائر الشعوب .فصدام كشخص لم يكن الا نتاج لهذا الحزب ،وان كان قد توارث خسته وضحالته من منبعه العائلي الوضيع .حزب البعث قد انتج جزاريين وجلاديين وسفلة مارسوا التعذيب بابشع انواعه في انقلابهم المشؤوم في 63 ،ولو قدر ان يبقوا لفترة اطول ،لكنا شهدنا انتن واخس من صدام ،وابشع من جرائمه دموية ،وللاسف لازال مجرمي العهد الدموي الاول احرارا ،ويشار لهم كمناضلين ومعارضيين للصدامية .هذا لا يعني عدم وجود عناصرنزيهة داخل حزب البعث ،انخدعت بفكرة الوحدة العربية ووهج اعادة الامجاد القومية وبعثها من جديد ،لكن هذه العناصر على قلتها ،قد فارقت حزب البعث الى غير رجعة ،واعربت عن ندمها واسفها،لان جزء من ماضيها كان بعثي .لقد كان صدام ابنا نجيبا لمدرسة البعث الفكرية ،وطبق تعاليمها بكل دقة وحرفية ،ولم يشذ عنها ابدا ،ولو كان غير ذلك لهاجمته الاحزاب البعثية العربية ،وانتقدته وطهرت برامجها الفكرية من التلوث الصدامي ،ليس القيادات ،لامكانية فرضية ارتشائها وشرائها من قبل صدام ،ولكن كمفكرين وقواعد وافراد ،ومتعاطفيين ،وجماهير ،ولميزت هذه الاحزاب نفسها عن البعث العراقي نهجا وممارسة واسلوبا وتثقيفا ،ولما دافعت عنه اعلاميا وسياسيا وتضامنيا ،وارفدتنا بالمزيد من القتلة والمجرميين وشذاذ الافاق،ولعل الضائقة السياسية التي وجد النظام نفسه فيها قبل سقوطه المخزي بوقت طويل ،والضعف الذي بدأ يستشري باوصاله ،كانتا فرصة اكثر من كافية للبعثيين بانتقاد الصدامية ومناشدة صدام بالتنحي عن السلطة ،وتجنيب ،ليس الدولة العراقية ،انما حزب البعث الانهيار الكامل ،لكنهم بقوا مساندين له ،مدافعيين عنه بكل قوة ،حتى الذين قالوا بان صدام هو السبب في كل هذا الرعب والدمار من البعثيين الذين اختاروا الحياة في دول الجوار او في الغرب ،وابقوا على صلاتهم مع الدولة العراقية عبر مصالح تجارية واقتصادية درت عليهم ثروات طائلة جندوا اسلنتهم السليطة واعلامهم الضحل للنيل من جميع فضائل المعارضة العراقية التي قاتلت صدام والبعث لسنوات طويلة.
صدام بدون حزب البعث وبدون فكر البعث واسلوب البعث في الانقلاب و التخلص من الخصوم واشاعة الجريمة والرشوة والفساد الاجتماعي والاخلاقي ،لما وصل الى دفة السلطة وتبوأ ارفع مناصبها ،ولما استطاع ان يحكم طول هذه المدة الطويلة ،رغم الحروب الطويلةالتي خاضها ،صدام لولا مدرسة البعث الفكرية ،لكان مجرد رئيس عصابة عادية ،وليس عصابة دولية تحتكم على مليارات الدولارات وتخاطر بمصائر شعوب باكملها.
كما ان البعثيين الذين تم التخلص منهم على يد صدام ،او الذين هربوا خوفا على حياتهم ،لم يكونوا ملائكة او احباب الله ،او ان اياديهم كانت بيضاء لم تتلوث بالدم العراقي،لقد كان تاريخ معظمهم اسود ،قاتم ،دموي ولا زال البعض منهم يدافع عن صدام وحكم البعث رغم اكتشاف كل المخازي والجرائم البعثية،وهذا يعني ان لاوجود للصدامية كفكر او اسلوب جرائمي يتميز عن فكر البعث ،اوان صدام شخصية همجية دمويةمنفردة تختلف عن معظم كوادرالبعث ،فجرائم البعث المنكرة البشعة سبقت صدام بقرون .
اعتادت عصابات البعث ،التي تسمى خطا احزاب ،ان تطلق تسميات غاية في الانحطاط والسفالة على كافة فصائل المعارضة العراقية ،ولا زالت الاحزاب البعثية العربية مستمرة في اهانة كافة الشخصيات الوطنية وتصفهم بالعملاء بينما تنبري هذه الشخصيات والاحزاب العراقية للدفاع عن فكر البعث النتن ،وتحاول تبرأته من النماذج الاجرامية التي ولدت في رحمه ،واغترفت من مستنقع السفالة والشذوذ البعثي الفكري حتى ارتوت .
ليس من صدامية في العراق انما بعثية نتنة فاقت حتى صدام رغم سفالته وانحطاطه الاخلاقي ،فجرائمها التي اعقبت سقوط النظام خير شاهد على ضحالة البعث والبعثيين ودفاع رجال البعث العرب والبعثيين العراقيين في الغرب وتجنيدهم للقتلة الاسلاميين ورفدهم بالمال والسلاح لقتل مزيد من الاطفال الابرياء ،هو ليس صدامية بل بعثية قذرة.
ومع الاسف تجري هذه الايام محاولات محمومة على صعيد ارفع المستويات ،بما فيها المجلس الوطني ،الذي يفترض ان يكون صوتا للناس ،ومعبرا عن مصالحهم لا صوتا وغطاء للبعثيين والمجرميين،لمنح شهادة تزكية مجانية لحزب البعث السافل وتأهيله واعادته بحلة وطنية تخفي كل عهره الفاضح منذ يوم التأسيس ،وتهدف الى عملية فرزغير نزيه بين الصداميين والبعثيين ،واعتبار ان الاغلبية من البعثيين كانوا ضد سياسات صدام الاجرامية ،بينما الحقيقة التي اصبحت مثل البديهيات ،ان اعضاء اي حزب فاشي وثقافته النظرية هي من يصنع الدكتاتور وليس العكس ،كما ان اجهزة البعث العديدة والمتنوعة والمختصة كانت اليد الاجرامية الضاربة ضد الشعب ،والثقافة البعثية التي نرى نتائجها الان هي اساس الخراب والجريمة والارهاب .ان من يحاول انقاذ البعث من سقوطه الاخلاقي ،انما يقوم بعرقلة تقديم المجرميين الى المحاكم ويصر على ابقاء ثقافة البعث والبعثيين اساس الفساد والتدهور على كافة الاصعدة ،كما انه يخون شعبه ووطنه ودينه وقناعته الشخصية من اجل مصالحه الانانية الضيقة ولا يصلح ان يكون ممثلا للشعب على الاطلاق.
لو تهيأ لاي انسان اخر اعتنق هذا الفكر الهمجي واحتل دفة الرئاسة لما اختلف عن صدام لا في الاسلوب ولا في المنهج ولافي الوضاعة،فالبعثية هي الرحم الذي لا يلد سوى الحثالات والضحالات،وهي كذلك الحاضنة الفكرية لكل السفالات والانحطاط والارهاب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة كبيرة في إقبال الناخبين بالجولة الثانية من الانتخابات


.. جوردان بارديلا ينتقد -تحالف العار- الذي حرم الفرنسيين من -حك




.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية: تابعوا النت


.. إسرائيل منقسمة.. ونتنياهو: لن أنهيَ الحرب! | #التاسعة




.. ممثل سعودي يتحدث عن ظروف تصوير مسلسل رشاش | #الصباح_مع_مها