الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2011 / 2 / 6
الادب والفن


ما الغجريةُ؟ قال الضوءُ الساقطُ من فتحةٍ في الغيمِ، ابتسمتُ، فصارَ الغيمُ رجُلاً ويداه وصايا، وأشرتُ إلى بلادٍ تضيءُ المكانَ وحدها، غجريةً دونَ طقوسِ الغجرْ، قالَ: لا أريدُ أن تعشقَني الغجريَّةُ لأنني لا أريدُ أن أموتَ من أجلها.

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ المُعلَّقةُ على الهواءِ المزخرفِ بالخَرَزْ، قيِّدْها إلى جذعِ زيتونةٍ وأَغلِقْ مفتاحَ الغِناءِ في روحِها، ولا تهديها فصلاً من حنينْ، ولا تملأ كأسَها بالنبيذ البيتي.
لا تكُنْ أمَلاً لا تكُنْ جبلاً لا تكُنْ سيلاً لا تكُنْ سهلاً لا تكُنْ ليلاً

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ التي تتنكَّرُ في زيِّ حضارةٍ، كُنْ جاهِلاً بإحساسٍ غامقٍ وملتفٍّ وملفوفٍ بالقصورِ والأسوارِ التي تحدُّ العالمَ وتفصلُ النومَ عن النائمِ، وتغربلُ الساحرَ من سحرِهِ، وتنقِّي القلبَ من العاطفةْ.
لا تكُنْ فجراً لا تكُنْ بحراً لا تكُنْ مطراً لا تكُنْ قمراً لا تكُنْ وتراً

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ التي لها شكلُ بلدٍ على خارطة بنهرٍ يبلِّلُ الجغرافيا، جفِّف عروقَ الرقصِ عن جلدِها، واكتمْ إيقاعاتِ الطبيعةِ في أعضائها.
لا تكُنْ سماءً لا تكُنْ ماءً لا تكُنْ غناءً لا تكُنْ صفاءً لا تكُنْ رداءً

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ التي تبكي كحبَّةِ سُكَّرٍ في نهرٍ هائجٍ، إصطَدْ ألوانَ العصافيرِ عن العصافير، واكسرِ الأغصانَ التي تتكئُ على أخشابِها الطيورُ التعبى، وخربِشْ علاماتِ المَمَرِّ الطويلِ الذي يأخذُ الأقدامَ إلى قلبِ الغابةِ، ونظِّف الأرضَ من بقايا الخريفِ الذي حشرَتْهُ الفصولُ في العراءِ العاري، قشِّرْ النايَ عن نغمتِهِ وفراغِهِ، وضَعْ سيفاً للزينةِ، وعباراتٍ للقتلْ.
لا تكُن شمساً لا تكُنْ جَرَساً لا تكُنْ نَفَساً لا تكُنْ قَبَساً لا تكُنْ فَرَساً

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ، إبنِ مدينةً من الإسمنتِ في طُرُقاتِها، وبدِّلْ جنونَها بجدولٍ منهجيٍّ، إمحُ طفولَتَها عن وشمِها، ووشمَها عن ذاكرتِها، وأدخِلها في دليلِ الهاتِفِ، ووحِّدْ عشّاقَها وأنبياءها.
لا تكُن نجماً لا تكُن نوماً لا تكُن وشماً لا تكُن كرْماً لا تكُن حُلْماً

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ المنكوبةُ بالسَّفَرْ، خلِّصها من صلصلةِ الخلخالِ الذي يقيسُ المسافةَ في وعيِها الأبديِّ، وروِّضْ كلَّ حصانٍ برِّيٍّ أكَلَ عشبةً من يديها، إسرقْ خاتَمَ أنفِها، واترُكْ فتحَتَيّْ أقراطِها للهواءِ، وصوتَها للنواحْ.
لا تكُنْ لوناً لا تكُنْ حزناً لا تكُنْ لحناً لا تكُنْ إبناً لا تكُنْ عيناً

كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ
أقْتُلها

3 شباط 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل