الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوش وإيران والفرص المفوّتة

حازم صاغيّة

2002 / 8 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



أميركا تحشر إيران في زاوية. إيران تنحشر.

أميركا تحشرها: أعلنت أن طهران ضلع في (مثلث الشر). نزعت الثقة بالرئيس محمد خاتمي. ضغطت على روسيا وتضغط, ويبدو أنها استطاعت حمل موسكو على اعادة النظر ببناء المفاعل.

إيران تنحشر: بعد تلاحم عابر جمع الكل ضد ادارة جورج
بوش , عاد الفرز الى الصدارة: حل (حركة تحرير إيران) وأحكام بحق أعضائها. انذارات وانذارات مضادة بين جناحي السلطة. تدخل مباشر للجيش في الصراع مثّله تحذير (الحرس الثوري) للاصلاحيين.

نجاح أميركا في أن تحشر إيران هو... نجاح. أسبابه ضاربة في التكوين السياسي الايراني. في أزمات النظام. في الوضع الاقتصادي. في ازدواج الشرعية ما بين ولاية الفقيه والانتخاب الشعبي.

لكنه نجاح يتحقق لاستراتيجية حمقاء. إذ هل يمكن لمن ينوي فعلاً ضرب العراق أن يعمل, في الوقت نفسه, على استعداء إيران وتسريع انفجارها?

الايديولوجيا, لا السياسة, هي التي تقود خطى جورج بوش: حيال إيران وحيال العراق وحيال غيرهما. وقد سبق لكثيرين (بينهم الصحافي توماس فريدمان) أن لاحظوا أن إيران قابلة للتحول من دون استعداء وتفجير. قابلة للتحول من داخلها. فهي لا صلة لها, لا رسمياً ولا شعبياً, بكارثة 11 أيلول (سبتمبر). وهي أعلنت حزنها على الضحايا وتضامنت مع واشنطن, إعلانها كل الاستعداد للتخلص من حكم (طالبان) و(القاعدة). قدّمت تسهيلات للحرب على (طالبان) و(القاعدة) اللذين يكفّران الشيعة. ثم: نزاعها الحدودي مع أفغانستان الطالبانية, ونزاع الهزارا مع الباشتون, سابقان كثيراً على النزاع الأميركي مع الطالبان. وأخيراً: طهران وبغداد ليستا على ما يرام (البعض يقول: يستحيل, رغم كل تقارب ظاهري, أن تصيرا على ما يرام).

هذا لا يعني أن النظام الايراني خير الأنظمة. انه يعني فقط ان الادارة الأميركية تريد أن تحقق بالعنف ما لا تريد أن تحققه بالسياسة. كأنما هي, منذ 11 أيلول, تسعى الى المشهد الملحمي الذي يصير عبرة لمن اعتبر.

ولا بأس بقدر من الاستعادة لمأزق الخمينية القابل للتفجير سلماً ومن داخله: مع انتهاء الحرب العراقية - الايرانية في 1989 وقبيل وفاة الخميني, ظهرت الفتوى بقتل الأديب البريطاني سلمان رشدي. الفتوى بدت أشبه بوصية الخميني أو بتركته للورثة, خصوصاً أن الفتوى هذه لا يلغيها الا الخميني نفسه.

هدفها الأقرب منالاً كان قطع الطريق على رئيس المجلس آنذاك, هاشمي رفسنجاني الذي كان يحاول التقرّب من واشنطن بالاستفادة من الأجواء غير الملائمة لانتهاء الحرب مع العراق.

هدفها الأعقد والأبعد كان مناهضة الأصولية السنية: الخميني أطلق قضية رشدي فيما تلك الأصولية تحتفل بانتصار الجهاد الأفغاني على السوفيات, وتسرق الضوء من ايران التي انهكتها الحرب مع العراق. الفتوى أرادت أن تسترد الضوء.

إذاً: هذا التناقض أصلي في الراديكالية الايرانية, وهو يجعلها قابلة للانفجار لأنها, وإن كانت الأولى في صعود الراديكاليات الأصولية, فهي معزولة بين الراديكاليين: معزولة لأسباب وطنية وأسباب مذهبية. وبعد 11 أيلول وتصدّر (طالبان) و(القاعدة), ومع الحرب في أفغانستان, زادت أسباب تلك العزلة.

لكن, في الحالات جميعاً, أميركا الجمهورية لم تُرد ولا تريد استثمار هذه العناصر. انها تثأر وتركّع فحسب, وهذا منفّر.

ان جورج دبليو يحرمنا الفرحة بتعفّن الوضع الايراني.

الحياة (7/8/2002 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل