الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس ومصر.. ثورة بوعي حديث

حسن الفرطوسي

2011 / 2 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


"لسنا على استعداد لتغيير أي شيء.. من لا يعجبه رقادنا الأبدي على كراسي الحكم، يخبط رأسه بأقرب جدار.. نحن دكتاتوريون، تعسفيون، ظالمون، قساة، جائرون ولا نغير مقدار أنملة في سياستنا.. ليس أمامكم سوى القبول بنا كما نحن، وإلا سنجعل الإسلاميين يحكمونكم ويحيلون حياتكم إلى جحيم".. تلك هي الرسالة الضمنية في خطاب الأنظمة العربية الموجه إلى شعوبها.
بعد ثورتي تونس ومصر اختلفت الموازين.. الإسلاميون اتخذوا موقفاً مغايراً، أفسدوا أنفسهم كسلاح بيد الحاكم وما عاد بوسعه أن يلوّح بهم ليبث الرعب في قلوب الناس.
حسني مبارك حاول أن يستدعي المارد مع انفجار الثورة.. لكن المارد لم يحضر! ماذا جرى؟ لقد غير موقفه، سلك طريقاً لم يطرأ على ذهن الحاكم.. ربما شعر الإسلاميون بأنهم كبروا على هذا الدور وما عاد يليق بهم، رغم مكاسبه الكثيرة.
ثمة من يعتقد بأن الإسلاميين سيركبون الموجة ويتسلقون الثورات وصولاً إلى الحكم، وهذا أمر وارد طبعاً، بيد إنهم سيركبون موجة الديمقراطية هذه المرّة، وهذا إنجاز بحد ذاته وتحوّل منهجي إيجابي نحو الانفتاح على الآخر ودلالة على تخلي تلك القوى الراديكالية عن جزء من ثوابتها المتشددة كإقامة دولة الخلافة أو ولاية الفقيه أو ما شابه، ومن الواضح أن تلك القوى والأحزاب قادرة بسهولة أن تستحوذ على مفاصل مهمة في حياة الشعوب الطامحة لبناء نظم مدنية وديمقراطية وفق معايير حقوق الإنسان والشرعية الدولية، إلا أن وعياً مغايراً أفرزته التجربة، وهذا هو المهم، وعياً شاباً يدرك التعامل مع وجود قوى الإسلام السياسي كواقع حال وكمرحلة لابدّ من تخطيها بأساليب مغايرة لأساليب مواجهة الأنظمة الدكتاتورية التقليدية، وإذا كانت مواجهة النظم الدكتاتورية بوسائل ثورية، فمواجهة الإسلام السياسي في ظل نظم ديمقراطية يتم بأساليب معرفية وثقافية.
اعتماد نظام حسني مبارك على بعبع الإسلاميين جعله يتخبط في لحظة مواجهة التمرد بعد أن اكتشف عدم فاعليته، فعاجل في استخدام وسائل عفا عليها الزمن واستهلكتها التجارب في أماكن أخرى، مثل إطلاق المجرمين من السجون لإحداث فوضى السلب والنهب لتشويه الثورة وتقويض التعاطف الجماهيري معها، واستئجار بلطجية قادتهم مخيلتهم السينمائية العالية إلى امتطاء الخيول والجمال، وآخرها تفجير أنبوب الغاز في سيناء والممتد إلى إسرائيل، في محاولة بائسة لكسب التعاطف الأمريكي والإسرائيلي، بالإضافة إلى المحاولة الأكثر بؤساً لعزل الثوار في ميدان التحرير عن العالم الخارجي من خلال قطع وسائل الاتصال ومنع الصحافة من نقل ما يدور هناك.. كل تلك الوسائل لم تكن ذات جدوى، لأنها وسائل تقليدية ومستهلكة إذا ما قورنت بالوسائل الحديثة التي انطلق معها الثوار الشباب، جيل الفيس بوك وتويتر.
الوعي الحديث الذي نتحدث عنه، وإن لم تتضح بعد ملامحه بشكل كامل، لكنه يتعامل مع الحياة وفق معايير المنهج التجريبي، لا وفق معايير الإيمان المطلق بالذات - ديدن الثقافة الشرقية التقليدية - مما جعله أكثر جرأة في اقتحام مرحلة ما بعد الأنظمة الدكتاتورية، رغم المعرفة المسبقة بتحديات تلك المرحلة في ظل وجود الأحزاب والحركات الإسلامية، انطلاقاً من إدراك واقع لا يمكن نكرانه، هو أن الطريق إلى الحرية لا يتلخص بتغيير النظام السياسي فقط، بل بتغيير الثقافة السائدة أيضاً، ثقافة الاستبداد التي أفرزتها النظم الاستبدادية وغرستها في مجتمعاتها، تلك الثقافة البالية التي أحد مفرداتها تحث على التعايش مع الخراب والإبقاء عليه من خلال المقولة المشهورة "امسك على مجنونك وإلا يأتيك ما هو الأكثر جنوناً" فمعالجة الجنون بكل مستوياته أصبحت ضرورة حياتية لابدّ من الإقدام عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أسئلة مشروعة يتم تداولها بميدان التحرير
Amir Baky ( 2011 / 2 / 7 - 05:29 )
هل إنسحاب الشرطة من معركة ميدان التحرير بسبب أوامر عليا؟ هل جهاز أمن الدولة كان يتحكم عمليا فى ترويع الشعب المصرى؟ هل إنسحاب رجال المرور و رجال الحراسات فى السجون وكل جهة أمنية من المشهد بأوامر معدة سابقا من قيادات الشرطة؟ هل كان هناك إتفقاق بفتح السجون لترويع و معاقبة الشعب؟ من الذى أصدر أوامر بفتح النار على المتظاهرين؟ وهل مبارك كان يعى كل ما سبق أم ترك للعادلى هذه الأمور يديرها بمعرفته الشخصية؟ هل من قام بحرق السجون و مقرات الحزب اللاوطنى هم المتظاهرين أم بلطجية الحزب نفسه أم السجناء؟ من الذى سعى لدخول المتحف لتحطيم التماثيل؟ من الذى حرق الملاهى الليلية بشارع الهرم؟ من الذى نهب كارفور و أركيديا و حرق هايبر ماركت وأقتحم مقرات شركات المحمول و البنوك؟ من الذى أقتحم سجن وادى النطرون بطريق الأسكندرية؟ من الذى أقتحم سجن الفيوم و المرج و غيرهم؟ من الذى متورط بتفجير كنيسة رفح و خط أنابيب الغاز بشمال سيناء؟ من المسئؤل عن حرق ملفات الأدلة الجنائية و ملفات مصلحة الضرائب و ملفات ببعض المحاكم؟ كم عدد الأسلحة و الذخيرة التى نهبت من أقسام الشرطة؟ من الذى يقبض على قادة الشباب الآن؟


2 - ثورة الشباب والعامل الخارجي
رجاوي وائل ( 2011 / 2 / 7 - 09:44 )
نعم انها مفهوم جديد في الثورات في وجه الحكام المستبدين. وهذا لم يكن يتأتى لهؤلاء الشباب لولا ثورة التكنولوجيا التي استخدمها الشباب الاستخدام الامثل. وإلا لاستولى الاسلاميون وصادروا ثورة الشباب هذه وهم يحاولون بوعيهم اليوم لان يكونوا سياجا محصنا ضد تسلق الطفيلين. وعندما يتهم هؤلاء الشباب .بمساعدات واجندات خارجية فإن العامل الخارجي الوحيد لهم هو التكنولوجيا فقط قلوبنا مع الشباب ونحن نستذكر انتفاضة الشباب العراقي في آذارعام 1991 . وسؤال يلح علينا فلو كانت ثورتهم في أيامنا هذه فكيف سيؤول عليه الحال في العراق؟

اخر الافلام

.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة


.. الشرطة الفرنسية تحاصر مؤيدين لفلسطين في جامعة السوربون




.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت