الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتاتورية الشفافية

بودريس درهمان

2011 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


التهمة الرئيسية الموجهة إلى جوليان أسانج صاحب موقع ويكيليكس هي رغبته الحثيثة في توطيد دكتاتورية الشفافية على المستوى الدولي. هذه الدكتاتورية الإعلامية الشفافة أصبحت تعطي أكلها على مستوى منطقة شمال إفريقيا بالخصوص في الجمهورية التونسية و الجمهورية الشعبية الجزائرية.
تونس التي هي النظام الاقتصادي القوي بمنطقة شمال إفريقيا بدون نظام تواصلي حر و ديمقراطي، أي بدون دكتاتورية الشفافية، لا يمكنها أن تستمتع بعائدات هذا الاقتصاد. هذا المعطى الجديد الذي دشنه اسانج عبر موقع ويكيليكس و المتمثل في ديكتاتورية الشفافية يؤكد بأن معظم الانتفاضات الشعبية المقبلة سوف لن يكون سببها الخبز و البطالة فقط بل سيكون سببها الرئيسي غياب الشفافية
الغموض الذي يسود طريقة تدبير الدول و الشعوب لثروات الكون لا يجب أن تحجب الشفافية على المستويات الوطنية و المحلية على الأقل هذا المبدأ الجديد الذي دشنه على المستوى الإعلامي و السياسي فريق ويكيليكس بزعامة جوليان اسانج سيؤدي إلى زعزعة كل الأنظمة القائمة على الغموض و التستر على الفضائح و المسروقات.
فرانسيس فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ، في الفصل المعنون ب"مكانيزم الرغبة" تسائل هل التاريخ الذي نعيشه هو موجه أم تلقائي؟ و قبل الإجابة عن هذا السؤال نصحنا فوكوياما بترك جانبا المسالة المتعلقة بـ هل التاريخ الموجه يحدث تقدما على مستوى الأخلاق أو على مستوى السعادة الإنسانية، المهم هو أنه يحدث تقدما. جوابه على السؤال هو كالتالي: إذا كان التاريخ غير موجه في اتجاه واحد و إذا كانت لكل المجتمعات خصوصياتها و اختياراتها فمن الممكن لهذه المجتمعات أن تعيد ممارسات اجتماعية متقادمة كالعبودية و كحرمان النساء من حق التصويت و غيره. التاريخ الموجه يعني أن آي تنظيم اجتماعي و اقتصادي متقادم يتم تجاوزه من طرف الجميع يمنع على كل المجتمعات معاودة ممارسته أو تطبيقه.
فبعض الدول مثلا صاغت الدساتير و القوانين الوضعية، و توافقت حولها و رغم ذلك يتم الاستهتار بهذه الدساتير و بهذه القوانين؛ و كأن هذه الدول تريد العودة إلى مرحلة ما قبل الدساتير إي العودة إلى المرحلة العرفية المزاجية التي يتم تسيير الأمور فيها بواسطة الأمزجة الشخصية و ليس بواسطة القوانين و المساطير الإدارية الواضحة و الصريحة.
التاريخ لا يتميز بتكرار الأخطاء و النظريات الخلدونية للتاريخ les théories cycliques de l’histoire بالإضافة إلى كل التفسيرات الاعتباطية لا تلغي إمكانية حدوث التغيير الاجتماعي وفق ثوابت نظامية للتقدم و هذه الإمكانية يجب أن تتأسس على النسيان التاريخي لان كل وعي الانجازات السابقة يجب أن ينمحي و يحل محله وعي جديد بالمرحلة
منذ فترة مواجهة الاستعمار الأوروبي بداخل شمال إفريقيا إلى حدود قيام الثورة الشعبية بداخل الجمهورية التونسية، غاب مفهوم الشعب في الحضور اليومي لصنع السياسات الشعبية و الاجتماعية و حلت محله مجموعة من السياسات النخبوية التي وصلت إلى الحالة المافيوزية كما هو الأمر في تونس. هذه السياسات لم تستطيع التعبير عن رغبات كل الفئات المشكلة لهذا الشعب بل عملت على صياغة سياسات. محددات مفهوم الشعب لا تقف عند المحددات الهوياتية كالقومية أو العقيدة أو اللغة بل تتعداها إلى ما أكبر من ذلك و تتحدد في محددات كالمشاركة الجماعية و احترام مبدأ الحريات المدنية و السياسية بالإضافة إلى وضع معايير وضعية محددة و متوافق عليها من اجل توزيع الثروة و الحصول على المناصب السياسية و الإدارية في صياغة السياسات و في التمكن على المعطيات الدنيا الكفيلة على مساعدة المعنيين بالأمر على صياغة و تحديد هذه السياسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف