الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من تغيير ؟

دياري صالح مجيد

2011 / 2 / 7
حقوق الانسان


لم اعتد كثيرا على ترك الكتابة والافكار لتتلاشى في خضم الاحداث العجيبة التي تلف المشهد العراقي , لكن بعض ما يجري يشيع لدى المرء احساسا عاليا بالاحباط واسئلة كثيرة بلا اجابة تتعلق في بعضها بالبحث المضني عن الذات المستلبة والجريحة والبعض الاخر بالمستقبل السياسي لهذا البلد القابع فوق فوهة اكبر بركان في العالم وهو بركان المجهول بكل ما يحمله من انفجارات طائفية وعرقية وتشوهات ايديولوجية خطرة تهدد بزوال ما تبقى لدينا من احلام في هذه الحياة .

فهل لم يعد مجديا هذا الذي اقوم به عبر التفكير المغرق في حلم رومانسي عماده البحث عن ذات وهوية وطنية لا يمكن للمرء ان يحصل عليها في عراق تنكر ويتنكر لابناءه المضحين المكبلين دوما بافات الفقر والمصائب الدنيوية المختلفة ؟. الم يعد مجديا السعي وراء هذا الحلم بالمدينة الفاضلة ؟ على اعتبار اننا اليوم كلنا مدنسون وكلنا موصوم بالعار الذي سيحفر له في ذاكرتنا علامات مميزة ستبقى تؤرقنا وتعذب ما تبقى لنا من ايام نعيشها هنا في موطن الالام الابدي هذا .

ما الذي سيحصل لو استمر امثالي بالانزلاق الى هذا المنحدر الخطر من الضياع ؟ ما الذي سيحصل ان تخلى كل منا عن دوره الذي يراه بسيطا في هذا الحياة ؟ وما الذي سيحصل ان توقفنا جميعا عن الكتابة او انقطعنا لفترة طويلة ؟ لعل هذا هو الهدف النهائي الذي تريده قوى الشر التي لا يمكنني ان انسبها الى ايديولوجيا او دين بعينه . يريدون اصابة ادمغتنا بالشلل المبكر كي لا نفكر كي لا نسال السؤال الذي احيا البشرية واخرجها من الظلمات الى النور المبارك , وهو لماذا ؟ .

لقد اصبح هذا السؤال محرما في عوالم اليوم وكانه الكفر بعينه فلا يحق لك ان تعلم الاخرين على السؤال وتتبع الظاهرة المراد مناقشتها بطريقة البحث المستفيض وتطاردها بطريقة عمودية عميقة عمق الكلمة البسيطة هذه في لفظها والبعيدة في دلالاتها وهي ال (( لماذا )) . كل شيء يراد له ان يكون سطحيا وكل شيء يراد له ان يكون مطيعا خانعا خاضعا وذليلا . كل شيء يراد له ان يبتعد عن الماذا القاتلة هذه , كي يبقى التراب يغطي الموتى والاحياء وتساؤلاتهم التي بعد لم تصل في بلداننا الى الحد الذي نبحث فيه عن المعنى الخالد والسرمدي لهذه الكلمة وربما من خلالها لهذه الحياة .

لو تتبعنا سياسات التفقير التي مورست في كل ارجاء العالم الاسلامي وبالذات منه العربي , لوجدنا انها كانت تقوم بالاساس على مبدا تفقير وتركيع الطبقة المثقفة فيه عبر ابشع القوانين والاجراءات التي من شانها ان تخنق المثقف وابداعاته التي اصبحت مصدر خطر يتهدد حياة الاسياد المتجبرين القابعين وراء الاسوار العالية والفلل والقصور الفاخرة . لا يريدون اي تغيير ولا يؤمنون بمثل هذا التغيير وجل ايمانهم ينصب على ركود الحياة كركود الماء في بركة ! ولا يعرفون من التخطيط غير ذلك السلبي منه الذي يهدف الى تمييع المفهوم الديناميكي للحياة عبر مصادرة الحق في التساؤل والتحليل وصولا الى الاستنتاج المبني على الدليل العقلي وربما النقلي ايضا ان شاء للبعض المزاوجة بينهما . ولا يمكن لنا ان ننسى تلك السياسات التي ارادت تحويل المعنى الى اللامعنى وتحويل الجوهر الى المظهر وغيرها من التحولات الجارحة لمستقبل هذه الشعوب الغارقة فيما يرسمه الحكام من تصورات ويرددونه من شعارات .

ارادوا لي ولكم ولنا جميعا ان نكسر اقلامنا ونغادر اوراقنا وحاسباتنا كي يكون الركود سنة يمشي على خطاها الجميع , وما امن هؤلاء بان الركود يولد العفن ويولد الرغبة في التفكير بكيفية التخلص منه , فالنهر مصيره الجريان بسرعة متقطعة وبنشاط متقطع , وهذا مصير الافكار الخالدة والارواح الثائرة , فان صمتت طويلا او لمدة قصيرة فلا يعني انها بالمطلق غائبة او اختارت الرحيل الى غير رجعة , بل قد يعني ان الوصول الى مزيد من الادراك الى واقع سياسات التفقير هو الذي يقودها الى الركون والهدوء الذي لا يخلو من ياس يمزق الافكار والاحشاء , لكن كما قلت مصيرنا ان نعود الى عالمنا الذي نحب الى الكتابة لانها اغلى ما نملك وهي وسيلة التغيير التي نؤمن بها في التغيير الفكري على اعتبار ان التغيير على ارض الواقع لا بد ان يسبقه تغيير في العقول وتبدل في الافكار التي من شانها ان تبقي الصراع قائما بين دعاة البحث عن كيف في مواجهة لماذا .

اذا ما كان هذا التغيير هو الذي نؤمن به ونسعى اليه وان كان بشكل متقطع , فاين ايمان صناع القرار في اوطاننا بالتغيير ؟ وهل هناك يا ترى اي بارقة امل للتغيير ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا