الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرافة

مزن مرشد

2004 / 10 / 5
الادب والفن


فتحت كفي ، نظرت ملياً إلى خطوط يدي ، قالت بتأن من يوشك أن يعلن عن أهم اكتشاف بتاريخ البشرية:
n عمرك قصير ، لن تعيشي طولا ،اجرعي من الحياة ، اشبعي منها فغروبك أصبح قريب.
توقفت عن الكلام أمعنت النظر في كفي المفتوح من جديد رفعت نظرها إلى عيني مباشرة . عيناها واسعتان وجميلتان هذا ما فكرت فيه وأخذت أتأملها ، شعر أسود أملس لامع ينسدل فوق كتفيها كأفعى نادرة ، يحدد بقوة ملامح وجهها ويحيط به كإطار ، وجهها أسمر يلوح بحمرة الشمس ووشم كبير يتوسط ذقنها المدببة ، وجه غجري جميل هارب من أزمنة بعيدة .
عدت أستمع إلى حديثها الذي لم يتوقف وهذه المرة فقد هذا الصوت القوي الثقة واجتاحه شيء من الخوف :
n يذهلني هذا الامتداد
دلت بإصبعها إلى خط في كفي لا أميزه ، قلت :
n أي امتداد؟....وما معنى هذا؟؟؟
وضعت إصبعها عليه مباشرة ورسمته على كفي كي أحسه إن كنت لا أراه ، قالت:
n لا أدري ، هل هو حياة بعد موت...!!! لا أدري لم أشاهد مثله من قبل
هل كان فعلا غريبا هذا الخط الذي أعرفه في كفي منذ ألف عام ، هل تحمل راحة يدي خطوطا غير موجودة في راحات الآخرين؟
سحبت يدي من بين يدي العرافة القاسيتين ، أطبقت أصابعي بشدة خشية أن تهرب خطوطي بعد أن افتضح أمرها ، ونهضت.
عندما أصبحت وحيدة وهدأ الضجيج ، فكرت مليا ماذا لو كانت هذه الخطوط هي فعلا خطوط مصائري ، ماذا لوكانت تحدد عمري وقدري وحيواي ...ماذا لو كانت صادقة؟.
هل هذا يعني أني سأموت قريبا ، إذا لا بد أن أفكر مليا ما هو الشيء الذي وجب علي انجازه قبل أن أفاجأ بوفاة طارئة وقريبة الى هذا الحد.
بقيت معلقة بين خطوط يدي، تتجاذبني أطرافها ،أتعلق قليلا بخط الحظ ، أقفز منه الى خط العقل، لكنني أعود لألتصق بخط العمر . يبدو أن هذا العمر هو فعلا أكثر ما يهمنا وأغلى مانملكه ، لكننا لا ندرك ذلك الا عندما نصبح على محك حقيقي كأن يؤكد لك أحدهم انك ستموت في الغد.
أصبحت سجينة كفي ، بل سجينة تلك الكلمات ، سجينة عيني العرافة ، صدى صوتها لا يزال يتردد في رأسي ، يعلو ويعلو حتى يصم أذنيّ : " عليك أن تفعلي شيئا"
نظرت الى ساعتي ،انها الرابعة صباحا ، فكرت، لا يهم ما دام الموت قادم ، رفعت سماعة الهاتف ضغطت الأزرار بسرعة وبساطة ، لم أكن أظن أنني أحفظ رقمه عن ظهر قلب :
· أيقظتك...آسفة.......
رد صوته النائم وقد استغرب اتصالي فليس من عادتي أن أكلمه كثيرا فكيف في مثل هذه الساعة:
· لا مشكلة ... خيرا هل هناك شيء
قلت:
· ألا تقول عني بأني مندفعة...
شعرت بصوته أنه يحاول أن يستجمع حواسه ليفهم لماذا أتصل في هذا الوقت:
· نعم ..نعم ... قلت ذلك ....لكن......
· لدي اعلان لك قبل أن أموت
رد بسرعة وكأن أحدا أيقظه في هذه اللحظة وليس جرس الهاتف قبل دقيقة :
· ماذا...ماذا تقولين ..من الذي سيموت ...ولماذا؟؟؟
· كنت أفكر ما هو أهم عمل علي القيام به قبل موتي....لذلك أردت أن أستشيرك بالموضوع...
هدأت نبرة صوته وبدأ يحاول أن يتلمس طرف الخيط ليفهم ما الذي يدور حوله:
· ماذا تقولين ؟......هل تريدين ممازحتي في هذه الساعة؟
· أبدا لم أكن في حياتي جادة بقدر ما أنا الآن ، لا أمزح أبدا لكنني أكتشفت أنني خبأت عمري كله من أجل هذه اللحظة كأنني ادخرته لأنفقه دفعة واحدة والآن....في الأمس قدمت لي نصيحة ...قلت أنه علي ألا أندفع تجاه الآخرين ،وألا أتبنى الدفاع عن أحد مهما بلغت علاقتي به أليس كذلك...
· نعم ....لكنني نصحتك بصداقة وحرص لم أكن أعلم أن حرصي عليك سيجرحك...فقط أردت....
لم أدعه يكمل ، قلت له على الفور كمن قرر أخيرا أن يطلق على رأسه الرصاصة الأخيرة لينتهي من مشهد مسرحي طويل ويسدل الستار:
· اسمع ...يبدو أنني لم أعش قبل أن أرى هذه العرافة ، لذلك قررت أخيرا أن أكون هادئة وغير مندفعة وأن أفعل ما أراه أهم عمل لا بد من انجازه قبل موتي...
· ............
وبقيت صامتة أنا أيضا كلانا يسمع أنفاس الآخر فقط
قال:
· هل تعتقدين أن الهاتف خلق من أجل الصمت...
· لا أعتقد شيئا ما أعرفه الآن شيء واحد
أنني عشت عمري كله أبحث عنك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي