الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم في سورية شعب ولديها مثقفون عرب..

غسان المفلح

2011 / 2 / 8
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



"كثير منا يتساءل ما هذه العلاقة الخفية بين الشعب السوري ونظامه. هذا الانسجام شبه المازوكي بين امرأة وبعلها. النظام السوري واضح في سياسته القمعية والتحطيمية جسميا واقتصاديا وفكريا، فساد أجهزته، سجونه اللا إنسانية على الإطلاق، بحيث مجتمع مبارك المصري جنة بالمقارنة. ومع هذا ليس هناك احتجاج شعبي واحد يذكر... انسجام فريد بين نظام وشعب. مادة دسمة لعلماء الاجتماع الماركسيين والوضعين ورجال الإنشاء. أمس الجمعة، كانت التلفزيونات، الفضائيات، القنوات، الصحافيون، أعضاء الفيسبوك والويترز، اليوتيوب، العالم كلّه (إلا قناة "الجزيرة") كان ينتظر أن تندلع، في الشارع السوري، شرارةُ احتجاجٍ حقيقية، ولو طفيفة كومضة. لم يحدث شيءٌ من هذا القبيل. هدوء تام... أهو، يا تُرى، هدوء ما قبل العاصفة؟ هل من المعقول انه ليس هناك حتى شريحة صغيرة، ثقافية؛ طائفية، تجارية... مستاءة من النظام؟ نعم، أعرف أن هناك معارضين بالمئات... لكن، كما أتذكر، عندما تم إخراج السوريين من لبنان بعد مقتل الحريري، لاحظت صمت المعارضين السوريين المطبق، بحيث اضطررت أن أسأل صديقنا الدكتور جورج طرابيشي، لماذا هذا الصمت... أجابني: هناك خط أحمر لا يمكن أن تتجاوزه المعارضة!! كيف؟ تعريف كلمة "معارضة" هو تجاوز الخط الأحمر. لابد أن يكون هناك بعد فينيقي في جواب طرابيشي يصعب علي فهمه. وصلني، قبل أيام، إيميل فيه بيان عنوانه: المثقفون السوريون يحيّون الشعب المصري"، فأجبت الذي أرسله: ومتى سيُحيَّى الشعب السوري؟ كنت أقلب بعض دفاتري القديمة، فوجدت ترجمة قديمة قمت بها لقصيدة نثرية كتبها الشاعر الالزاسي الدادائي هانز آرب. ربما تفسر سايكولوجية هذه "العلاقة" التي تبدو وكأنها "حميمية" بين نظام وشعبه.. وقد تنطوي على نقيض ينفجر ذات يوم" لن نورد القصيدة...
هذه لفتة سريعة من مثقف عراقي مرموق هو الأستاذ عبد القادر الجنابي، عن استغرابه لعدم تحرك الشعب السوري، كان من المفيد جدا لنا جميعا أن يسأل أستاذنا لماذا لم يتحرك الشعب العراقي طيلة فترة حكم صدام حسين عموما وخاصة قبل اجتياحه للكويت؟ أعتقد إجابة أستاذنا على هذا السؤال، تنفي أية نظرة أنثروبولوجية عن قراءته للوضع السوري...هذه بداية، وقبل أن نقول ما نريده، لا أعرف إن كان توجهك بالسؤال للمفكر جورج طرابيشي عن الوضع السوري صحيح أم لا؟ أعتقد أنه غير صحيح... نحن نشكر شعوب تونس ومصر، لأنها جعلت بعض المثقفين العرب يلتفتون إلى أن شعب سورية مسحوق تماما، إلى درجة وصلت أن في كل فرد فيه خائف، ورقيب ذاتي، ومصفق، وناقم بالآن معا، كيف تستوي هذه؟
خائف ورقيب ذاتي، مصفق وناقم، إنه تراكم البطش والعسف والتواطؤات الإقليمية والدولية لحماية النظام ومن الجملة المثقفين العرب، والحجة أن النظام ممانع، أو أن النظام سيكون بديله إسلامي، كما يوحي دوما مفكرنا الذي سألته عن الوضع السوري. ثم نحن على جبهة مع إسرائيل يا صديقي ولازلنا في حالة" اللاحرب واللاسلم" ويجب أن يكون لها كلمة!!! المعارضة السورية كلها زجت بالسجون ولازالت تزج..والزج في السجون هنا دروس ترسخت في ذاكرة المجتمع السوري لدرجة أن المواطن لم يعد يعرف، أين هو؟ أقصد أن المواطن السوري من شدة ما شاهد، لم يعد يتصور مستقبل سورية دون عائلة النظام..
الشعب السوري تحرك سابقا في نهاية السبيعينيات من القرن الماضي وقت كانت الحركة غائبة عن الشارع العربي، تحرك ودفع الثمن وتركت ذاكرته الحلبية والحموية والحمصية مشبعة بكل ما يخطر على بالك يا صديقي من عسف مطلق لا يحتمل النسبية أبدا قتل في الشارع، هكذا الأمر ببساطة قتل على الهوية، دمشق فتشت كل بيوتها بيتا بيتا، هل يصدق أحد هذا؟ عاصمة تفتش بيوتها بيتا بيتا...كيف يمكن أن يكون التفتيش برأيك؟
الشعوب لا تتحرك عفويا، هذه كذبة يسارية كذبناها ولازال بعضنا يصدقها ويروج لها..لايوجد رابط الآن يربط الشعب السوري ببعضه فرديا كانتماء...الرابط الوحيد أن سورية قدرها أن تحكمها إلى الأبد عائلة الأسد...حتى أن هنالك قسم من المعارضة والمفكرين والمثقفين باتوا يتبنون هذه المقولة صراحة أو ضمنا، لا يوجد عندنا مخرج كخالد يوسف أو ممثل كخالد الصاوي أو عمرو واكد أو ممثلة كشريهان أو تيسير فهمي...لماذا لم تتحرك الشعوب في المعسكر الشرقي بعدما استقر الأمر للمنظومة السلطوية الستالينية؟
انا اعرف أنك تعرف، ولأنك تعرف احببت أن أشكر غيرتك...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امثالك هم السبب
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 2 / 8 - 12:00 )
السبب يا اخ غسان هو ما جاء بعنوان مقالك واقتبس منه بين قوسين (مثقفون عرب) .
وماذا عن بقية مثقفين سوريا من غير العرب؟؟؟ هل نرميهم بالبحر؟؟؟
ربما اردت ان تقول مثقفون مسلمون ولكنك استخدمت التقية؟؟
التونسيون لم يقولوا بان ثورتهم عربية... قالوا الشعب التونسي يريد الحرية.
المصريون لم يقولوا بان ثورتهم عروبية...وانما قالوا المصريون يريدون الحرية...

اكبر سبب لتخلفنا يا غسان هو انت وامثالك بالدرجة الاولى وقبل اي شئ
ولكن الحرية قادمة لا محالة برغم انف كل المستبدين
مودتي


2 - ومن الحب ماقتل
عبدالمتجللي الرحبي ( 2011 / 2 / 8 - 12:32 )
استاذ نا الفاضل العلاقة مميزة بين الزوج وزوجته لم الحسد؟؟؟


3 - الأخ طلال
غسان المفلح ( 2011 / 2 / 8 - 15:09 )
أشكر مرورك لكنك اسمح لي لم تفهم من المقال شيئا سوى ما تريده نفسك...هل أنا اتحدث عن مثقفين عرب لكونهم عرب؟؟؟؟؟!! عجيب عد وأقرأ المقال جيدا..وشكرا لمرورك


4 - أخطأت يا غسان
علي السوري ( 2011 / 2 / 8 - 15:45 )
لديّ عدة ملاحظات على ردّ الصديق غسان المفلح على مقالة عبد القادر الجنابي. أولا: أنّ جورج طرابيشي هو من أصل سوري ولادة وجنسية؛ مع أنه يعيش في لبنان ويدرّس في جامعاتها منذ فترة طويلة. ثانيا: وحتى لو أفترضنا، جدلاً، أنه مثقف عربي وغير سوري؛ أفلا يحق له ابداء رأيه فيما يجري في سوريا؟ ثالثا:تبريرك صمت الشارع السوري بالقول، أن التحرك العفوي هو كذبة يسارية!! فيما أن هناك حقيقة معروفة، وهي ان الاستبداد لا يمكن ان يدوم الى النهاية؛ حتى لو كان يملك أداة قمعية جبارة ـ مثل حال النظام السوري وقبله الصدامي. رابعا: قولك أن الشعب العراقي لم يتحرك ضد صدام!! وهذا فيه تجني كبير على انتفاضات الشعب العراقي ضد البعث ، في جنوب وشمال العراق؛ ومنها في آذار 1991 . رابعا: تبدو اكثر تشاؤماً من الجنابي، حينما تقول أن الرابط الوحيد الذي يربط السوريين هو ايمانهم بأن حكم عائلة الأسد إلى الأبد!! وحتى لو كان المرء يستشف سخرية مريرة من جملتك؛ ولكن، هل حقا انّ الوضع إلى هذا السوء في الشارع السوري؟ فمن كان يتوقع ما حصل في تونس ومصر قبل عدة أشهر فقط؟ تحية


5 - سلامات الصديق علي السوري
غسان المفلح ( 2011 / 2 / 8 - 16:37 )
أنا أعرف أن طرابيشي سوري ولايزال طبعا ولكن اتحدث عن مواقف فكرية وسياسية له هذا أولا وبالطبع يحق لأي كان ابداء الرأي ومن حقنا أن نرى الرأي المختلف.. وثانيا صديقي أنا قلت الشعب العراقي لم يتحرك قبل غزو صدام للعراق..بشكل خاص وما يعنيه تحرير الكويت وقيام مناطق تحت الحماية الدولية.. ثالثا مهما تحدثنا عن أمثلة التحركات لن نجد أن هنالك ثورات حدثت عفويا..الرابط الوحيد المفروض بالاكراه وليس طواعية المواطن السوري لا يحق له الانتماء لشيء طواعية..الوضع السوري أسوأ بكثير متعفن طائفيا وسياسيا واقتصاديا ومعارضاتيا سيدي كي لا تزعل..وأشكر مرورك الثري


6 - يؤسفنى
مازن العلى ( 2011 / 2 / 8 - 20:33 )
هذا الخواء الثورى من كاتب سورى يكتب فى موقع يسارى ثورى يعنى بتحرير الانسان الذى يعيش فى منطقتنا وعلى علمى انك تعيش فى سويسرا طبيعى ان تصاب بحلة تجمد ثورى النار تحت الرماد ابشرك نحن متعلمين وواعيين لما يدور من حولنا وكلامك ينافى منطق حركة التاريخ ونحن لسنا خارج خارطة التاريخ انتظر الايام القادمة ودعك من كل احزاب المعارضه المصريه والتونسيه وانظر لهذه الورود المتفتحه للتو ه ى الامل وغيرها هراء ثورى


7 - لااريد ان اصدق
عبدالقادر برهان ( 2011 / 2 / 9 - 12:43 )
الاخ غسان يحلل نفسية الشعب السوري باعتباره احد مثقفيه الاانه وللاسف وكما
يبدو من مقالته اعلاه قد فقد توازنه السياسي وجعله الاحباط يضرب اخماسا باسداس فالشعوب لايمكن لها ان ترتبط بعلاقة مشابهة لعلاقة الزواج بحكامها بل
على العكس انا اعتقد ان العلاقات بين الحكام والشعوب علاقة متوترة دائما خاصة
في البلدان العربية لاختلاف مفهوم الديمقراطية بين كل منهما فالشعب ينظر اليها
على انها حرية شاملة لكل معاني الحياة في حين يراها الحكام خطرا يهدد وجودهم
خاصة مع تنامي الفساد ,,,هل افهم من كلامك ان الشعب السوري شعب مطيع
لحكامه راضخ لارادتهم ,,,انك مخطأ يااخي فالشعب السوري كان ولايزال شعب
ابي مثقف وربما اضطرته الظروف المعيشية الى الصبر مضافا اليها ما حصل
في العراق وما فعلته الديمقراطية الامريكية الفوضوية بشعبنا في العراق من قتل
وتقتيل وصعود للتيار الديني المتخلف قد اثر بشكل مباشر على تحرك الشعب السوري ...واكثر ما اثار انتباهي هو اتهامك لليسار الماركسي العربي بالكذب على
الشعوب العربية ...واتمنى ان اقرأ رايا للكاتب نضال نعيسة في هذا الموضوع
فهو مضرب عن الكلام فيه كما يبدو


8 - إلى مازن وبرهان
غسان المفلح ( 2011 / 2 / 9 - 15:48 )
أشكر مروركم أولا وثانيا الشعب الخائف غير الشعب المطيع هنالك فارق يا صديقي...وبالنسبة لأكذوبة اليسار حول التحرك العفوي للجماهير..هذا ما قصدته بالتحديد...أما وأن لا أمل لدي فهذا غير صحيح وإلا لما كنت كتبت أصلا..وبهمة الشباب طبعا..

اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال