الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرى.. لا أسمع.. ولا أتكلم

ريما كتانة نزال

2011 / 2 / 8
القضية الفلسطينية


من الصعب أن يطلب من الشعب الفلسطيني أن لا يتفاعل مع الأحداث الدائرة، ولا يمكن لنا أن نعزل أنفسنا عن حراك الشعب العربي مهما كانت المسافة الجغرافية التي تقربنا منه أو تبعدنا عنه. فالشارع وفعالياته لعبة الفلسطيني ومساحته المفضلة للتعبير، يمسك بناصيته بمهارة، ويمتلك تراثا مميزا بالسيطرة عليه وإنطاقه واستخدامه. كما ان الفلسطيني يعتبر نفسه جزء أصيل من الشعوب العربية، يعتب عليهم لدى تقاعسهم عن التضامن مع شعبنا في محنه ونضاله، ويوجه النقد لهم ان لم يسارعوا لأداء واجبهم إزاء استباحتنا؛ أو حال تقصيرهم في الضغط على حكوماتهم لنصرة شعبنا ولعب دورها المفترض على جميع المستويات.
تفاعل الفلسطينيون مع مطالب الشعب التونسي في انتفاضته من أجل الديمقراطية والمشاركة والعدالة الاجتماعية، لكنه رغم تململه ومحاولاته للتعبير العملي عن مشاعره اتجاه الثورة التونسية أو ترحيبه بمطالبها وتفهمه لدوافعها المحقة والعادلة، إلا انه لم يستطع سوى تصدير بضعة بيانات ومحاولات ضعيفة لتحريك الشارع لم ترتق ولا بأي شكل من الأشكال لمستوى الوفاء للشعب التونسي، لم توفه قدره مقابل الجميل الذي قدمه، وهو الذي فتح ذراعيه وأبوابه للقيادة الفلسطينية وكوادرها في محنتها في وقت أغلقت في وجهها الأبواب...
السؤال الذي يتم تداوله يتمحور حول من المسئول عن الموقف الباهت للشعب الفلسطيني وبما يشبه الموات الوطني والقومي..! في الحالة التونسية سمعنا من رموز السلطة الوطنية كلاما عن أن الوفاء للنظام التونسي الذي فتح بابه للقيادة يقتضي منا الصمت والهدوء.. وحاليا، وبعد مضي عشرة أيام على "انتفاضة" الشباب المصري من أجل التغيير والديمقراطية؛ لم نسمع إلا ببعض البيانات "المجبصنة" عن بعض فصائل اليسار على طريقة إسقاط الواجب.
المبررات الجاهزة وراء عدم الخروج للشارع تتلخص في مقولة عدم جاهزية القوى الوطنية والديمقراطية للتغيير السياسي، وبالخشية من خطف انتفاضة الشباب من قبل القوى الأصولية ممثلة بحركة الإخوان المسلمين الحاضرة لملئ الفراغ.. والخوف من أن تركب حركة حماس الموجة وأن تمتطيها لأغراض سياسية مناوئة للسلطة بهدف العبث بالأمن وإشاعة الفوضى.. وفي المحصلة فالخاسر الأكبر هو المواطن ومكتسباته القانونية ممثلة في التعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير وبما يزيد من خفض متدرج لسقف الحريات العامة وبما يتناقض مع النظام الأساسي.
السلطة الوطنية محملة بأوزان ثقيلة للدروس والاستنتاجات الخاطئة للمواقف السياسية المتخذة سابقا، حيث ينتصب موقف تأييد موقف "صدام حسين" في اجتياحه للكويت في خلفية تفكير معارضي تحديد المواقف إزاء القضايا العربية ذات الصلة بالأنظمة العربية.. كما يقف التخوف من سياسة العقاب الجماعي في حال عبر الشارع الفلسطيني عن وقوفه مع الجماهير المصرية التي طفح كيلها من النظام المستبد، ومن سياساته التابعة التي تزيدهم فقرا وتقمع رغبتهم في الديمقراطية والتغيير. تخوف السلطة يصل إلى الحد الذي يتجاهل فيه تلفزيون فلسطين ما يحصل في الجوار، في الوقت الذي يتسمر فيه العباد أمام الشاشات لمتابعة الحدث الكبير الذي يصعب تجاهله..
ان المجتمع الفلسطيني يتمتع بالتعددية السياسية والفكرية، وهو الأمر الذي يمكنه من النظر من زوايا مختلفة للأمور وتحليلها، مجتمع بعيد عن الأحادية والتطابق والتماثل في مواقفه وفي استخلاصاته لتجاربه، ومن حقه أن يمتلك موقفا خاصا بسقف أعلى من قيادته السياسية وأن يتباين معها في الإعلان عن تأييده للجماهير العربية ضد أنظمتها المستبدة..
ان الموقف الذي يريد الإمساك بالحركة الجماهيرية والسيطرة عليها يعبر عن عدم الثقة بها، ويعبر عن المقاربة الحاصلة في بنية نظامنا السياسي مع البنية الرسمية للأنظمة العربية، متناسيا بأننا لا زلنا جميعا، شعبا وسلطة، نعيش في إطار مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال.
وأخيرا، لن نكون في كل الأحوال كتماثيل "القرد" الذي يغطي عينيه بيديه مرة، ويغلق أذنيه بهم مرة أخرى، ويكمم فمه بهم في صورة ثالثة، لا لسنا كذلك القرد ولا نريد أن نتشبه في حكمته.. نحن شعب الثورة التي ألهمت ثورات العالم، وعلينا دعم وتأييد التغيير الثوري في العالم العربي على وجه الخصوص، ففي التغيير مصلحة للشعوب العربية أولا ولشعبنا ثانيا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة