الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيف أحبار

خالدة خليل

2011 / 2 / 8
الادب والفن


مضى الوقت أكثره، ولم يمض. مضى في حجرة زمن فارغ، كانت تلاعب خصلات من شعري خلاله قيثار اللوم، والقلم العنيد، رفيقي الأوحد يتقافز فوق الورق، يخب هيجانا وتمردا معلنا عن إضراب غير مسبوق، احتجاجا على جفاف الأحبار الزائفة! املأ جعبته بعصير إرادتي، وأرى بعيني لعابه المجنون يسيل على أطراف شفتي العاضتين عليه بقوة، ليس حنقا، بل هو إضرابنا المشترك إزاء الألم النازف في أروقة (نصوص)، نصوص يغذي نبضها البحث عن ذواتنا فينا، بعد أن جمدت عوالم أخيلتنا شتاءات الحروب شاخت في رؤوسنا.

ليس أمام هذا التاريخ سوى الاتكاء على أخطائه، بعد أن فقد نفاذه في جوف المستقبل، وها نحن نقوده رأفة منا إلى مصب احتضاره، نصبه هناك قبل أن يصطدم به حصان حداثة ما جامح فيحيله إلى جثة أمس تستهدفها أهواء الغد.

في الطرف الآخر يقف مهجنو النصوص خلف قضبان صاغتها أصابع اتهام، على وفق ما رآه المنجمون وعلقوا لأجله شعاراتهم الأحادية، وهم يدركون أن ليس للعمداء ذوي الرتب غير نفخ قلنسوات آدابهم الإقطاعية. هم كما قال المنجمون وصدقهم ذوو أنوف معقوفة وشعور بيض وأصابع فقدت فرص عزفها على قيثار صادق؛ يحتسون حساء ندم، ويتحسرون على شاعر لما يزل يبكي عنزته الراقدة تحت أنقاض زمن مهجور، أو بحثا عن أطلال حبيبة، عانس قد تجد لنفسها نزلا في أشعاره المحرمة. كان دائما صوت يصرخ: صب يا صمت تمردا في الكلمات وازفر يا ندم دمعة عصية على الجفاف. كلانا سيحاول تسلق جدار أمنيات شاهق، قد اسقط، وقد تسقط كتلك السنوات التي انتحرت أو ضيعتها أوحال انتظار واهم وموهوم، ننهض، نسقط ،ننهض... إرادة نمل هي، لا كما يقال سقوط تائه نحو تضاريس حياة مختلفة، أو نحو انحناءات عرتها دموع ثكالى ويتامى وجياع ومرضى ومفقودين في غياهب حروب، وثمة من يرى الأمر كله محض قفز فوق موانع ضياع.

سألته: هل يمكن لإرادتي أن تشيخ أو أن يصيبها صمم و عجز؟ واتفقنا معا على أن احتياطيا من وقود الإرادة لما يزل مدفونا، لم تكتشفه مجسات البحث عن شرارة أولى.

مازلتَ ذاك النياندرتال تحك حجرا بحجر لتوقد فتيل الإرادة بضوء ونار، وما زلنا نرى معا كيف يحترق ضياع المسافة بيني وبين وجودي، ومع ذلك أمضي معك لأخمد ظلمة جوع الليل البارد وعطش المسافة الفارغة بيننا.

فجأة تفحمت خلايا الصبر بشعاع القيلولة هذه، وتفحم بعدها وجه الحقيقة الذي ألفناه أبيض، وفز سؤال أرقه البحث عن إجابات فخارية، قد تسحبنا نحو المركز بقوة وهم الحضارة المغناطيسية، وظل السؤال يتيما، متبوعا بغربان استفهام وخفافيش تعجب متكررة ينقر جمجمتي، ويبقينا نصين مفتوحين على التأويل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات