الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاكل الشعب لاتحلّها تبرعات,ما تسمّى,أنصاف الرواتب

يوسف شيت

2011 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في ظاهرة غريبة أطلّت على العراقيين أطلقها السيد رئيس الوزراء نوري المالكي يوم 5 شباط,وهي الطلب بخصم 50% من راتبه كرئيس وزراء . ولكن لاأحد يعرف كم هي رواتبه الأخرى , مثلا كقائد عام للقوّات المسلحة ,ولا رواتب الرئاسات الأخرى . إلاّ أنّ المسرّب الى أسماع الناس هو أكثر من مليون دولار . وهذا ليس مبنيا على حدس أو إشاعة ,إذا ما تابعنا تصريحات المسؤولين , فنائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي يقول في مطلع العام الحالي بأنه يحصل على مليون دولار شهريا . وفي تصريح للنائبة السيدة شذى الموسوي, بأنّ مجمل مخصصات الرئاسات الثلاث يبلغ 800 مليون دولارا سنويا وإن مرتبات كل واحد منهم غير معروفة . أمّا النائبة عن العراقية السيدة عالية نصيّف تقول , بأنّ حجم المبالغ المخصصة للرئاسات الثلاث كبير جدا ويعادل المبالغ المخصصة لأربع وزارات ,وتصرف بدون قانون وحسب الأهواء الشخصية . وكان مصدر مطلّع أكّد للسومرية نيوز في العاشر من كانون الثاني الماضي بأنّ مخصصات نائب رئيس الجمهورية تبلغ 18 مليون دولار سنويا .
يقول السيد موسى فرج الرئيس السابق لهيئة النزاهة "أن تخصيصات الرئاسات الثلاث للسنوات 2006 ـ 2011 هي 11 مليار دولار,أي ما يعادل000 000 980 12 دينار عراقي في حين كانت تخصيصات قطاع البلديات في العراق لنفس المدة تعادل 5,8 مليار وتخصيصات قطاع الصناعة 3.4 مليار وتخصيصات قطاع الأعمار 3 مليار فقط، وتخصيصات قطاع الزراعة لكل الـ 70% من الشعب العراقي هو 3 مليار فقط وقطاع النقل للعراق الفيدرالي 2,3 مليار فقط.. وبلغة الارقام فإنّ المخصص للرئاسات الثلاث هو 2,962 في حين أن المخصص للزراعة + الصناعة + الإسكان + الاتصالات + البيئة العلوم = 2.899 . ويقول السيد رحيم العكيليعلى بأن مؤسسته لا تمتلك التفاصيل الدقيقة لمصروفات الطبقة السياسية العليا لأن مرتباتهم ومخصصاتهم لاتخضع لقانون محملا مجلس النواب السابق كامل المسؤولية حيال غموض ملف المصالح المالية لأكبر 10 موظفين في العراق .
هكذا يخفي كبار المسؤولين سواءا من هم في قمّة السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية على الشعب وعلى البرلمانيين المبالغ التي يستلمونها من ميزانية الدولة , أين وكيف تصرف والى أية بنوك تحوّل , فهذا يبقى أحد أسرار الدولة " مثل خططها السرية في مكافحة الإرهاب ".
وهنا نستطيع أن نتحدّث أكثر صراحة وبلغة الأرقام حول المبلغ الذي يتنازل عنه السيد رئيس الوزراء وهو 50% من راتبه الشهري : يقول مصدر من إيلاف يوم 5 شباط الحالي بأنّ مكتب رئيس الوزراء أبلغ الجهاد الرقابية بأنّه ,أي السيد المالكي ,يتلقى 432 مليون دينار سنويا ,أي ما يعادل 360 ألف دولار أي 30 ألف دولارا شهريا . ويظهر بأنّ تعامل مكتب السيد رئيس الوزراء مع الجهاد الرسمية بأنّه " أبلغ الجهاد الرقابية " , وكأنّه يتسوّق فجل أو بصل من بائع . اما السيد رئيس الجمهورية ,يقال, بأن راتبه السنوي هو 700 ألف دولار أي 58 ألف دولار شهريا ,ولا ندري هل تمّ إبلاغ الجهاد الرقابية بنفس الطريقة أم بطريقة الشعور بالمسؤولية ! وهذا يعني بأنّ السيد رئيس الوزراء الذي يحصل على ما يقارب المليونين دولارا شهريا يتنازل منها فقط 15 ألف دولارا (18 مليون دينار عراقي) , أي 0,75% وليس 50% .
وقال المالكي إن قرار خفض راتبه خمسين في المائة يأتي كمساهمة منه لتقليل التفاوت الحاصل بين رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة، وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع . وهذا حديث غامض , فما هو المقصود بالتفاوت الحاصل بين رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة , هل سيتقارب راتب معلم مع المخصصات , إن وجدت , البالغ 400 ألف دينار مع راتب نائب في البرلمان الذي يبلغ 12 مليون دينار ,عدا المخصصات التي تبلغ ضعف هذا الراتب؟ وما هو المقصود في في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع؟ ومن هي طبقات المجتمع,ألم تعترف أيها السيد المالكي بأنّ هناك عمّال وفلاّحين بينهم من يعمل لأجل سدّ رمق عيشه اليومي , ومن همّ عاطلين عن العمل ,هذا بالإضافة الى ملايين الأيتام والأرامل الذين لا يحصلوا سوى على مبالغ تعادل 150 ألف دينار شهريا لعائلة من ثلاث وحتى خمس أشخاص والقسم الأكبر من هذه المخصصات يستحوذ عليها الموظفون وتحت أسماع المسؤولين , هذا بالإضافة الى الألاف من المتقاعدين الذين يحصلون على تقاعد متوسط يبلغ 200 ألف دينار . أمّا النائب المتقاعد يحصل على 10 ملايين دينار فقط.
أيّ تقليص للفوارق الطبقية تتحدثّ عنه يا سيد رئيس الوزراء؟ أما إذا تحدثنا عن الطبقة البرجوازية الكبيرة , التي تسمّى علميا " الكومبرادور " فهي تستحوذ على أموال طائلة جدا لاأحد يستطيع أن يقدّر ثرواتها وأين هي مودّعة ومع أيّ أخطبوط تتعامل ولكن الناس تعرف بأن هذه الفئة حصلت على الأموال بكلّ الطرق , ماعدا القانونية وبالتواطؤ مع المسؤولين من أعلى قمّة السلطة الى أسفلها . أمّا الطبقة المتوسطة فهي تعاني من إستنزاف لمواردها للحصول على الخدمات التي تزداد سوءا بسبب الإهمال من قبل المسؤولين كبارا وصغارا وعدم تمكّن الكتل النيابية " الكبيرة " على التقاسم النهائي للسلطة . فهل هناك من مسؤول درس طبيعة المجتمع العراقي وتناقضاته ؟ هل هناك منهم من يقرأ أو يطلّع على نتاجات علماء الإجتماع العراقيين مثلا بحوث الدكتور علي الوردي؟ فكيف , يا ترى ينظر هؤلاء الكبار الى معانات الملايين وكيف يمكنهم حلّها . فهم لاينظرون الى المجتمع كطبقات متفاوتة في المعيشة والإقتصاد والجهد اليدوي أوالذهني , بل ينظرون الى مجتمع مقسّم الى قوميات وأديان وطوائف متناحرة , لذلك فهم يتقاسمون السلطة على هذا الأساس , سياسة المحاصصة التي دمّرت وتدمّر أكثر وأكثر المجتمع العراقي عن طريق الإعلام المضلل وإشاعة الأفكار والخرافات والمفاهيم المعادية لأهمية تعدد الثقافات والحريات الشخصية والتفاهم القومي والديني والطائفي . وهذه السياسة هي أقصر طريق للحصول على المال والسلطة وأفضل حضيرة يتعشعش فيها الإرهاب والفساد بكلّ أشكاله .
وما أوردناه هنا , ليس مسّا بالسيد رئيس الوزراء, بل عبارة عن إشارة الى أنّ مشاكل الشعب لا تحلّ عن طريق التنازل عن راتب أو جزء من ثروة هذا وذاك . معاناة الشعب العراقي كبيرة , فهي بحاجة الى جهاز وزاري يتكون من أناس وطنيين أكفّاء قادرين على تنفيذ البرنامج الحكومي ومراقبين من قبل مجلس نوّاب يصوّت ويعرف لماذا وكيف يجد هذا البرنامج طريقه الى التنفيذ , لا الى مجرّد نوّاب يرفعون الأيدي حسب التعليمات التي تردهم من قيادات كتلهم .
وإذا ما إستمرّ حكم البلاد بهذه الطريقة المتخلفة , يعني هذا لا بدّ من إجراء إنتخابات مبكرّة . وتحرّك الشارع العراقي الحالي يدلّ على أنّ العملية السياسية تأخذ مختلف الإحتمالات !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة