الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياح التغيير تهدد وجود السلطة الفلسطينية

نادية عيلبوني

2011 / 2 / 9
القضية الفلسطينية


ربما كان بإمكاننا أن نفهم موقف حماس مما يجري في مصر من انتفاض شعبها على الظلم والاستبداد.وبإمكاننا أيضا،أن نفهم أن تتصدى تلك الحركة للشباب الذي تظاهر في غزة لإعلان تأييده لثورة الشعب المصري. فحركة حماس تشعر بالخطر الشديد من هذا الإنتفاض . هي تشعر بالخوف ليس فقط، لأنها بنت شعبيتها على أساس من مشاركة نظام مبارك لإسرائيل في حصارها لقطاع غزة، وليس فقط، لأنها تعرّت أمام جمهورها بتخليها عن المقاومة المسلحة، بل بصورة أكثر خصوصية ،لأن الثورة المصرية ترفع شعار الحريات عاليا، وترفع شعار الدولة المدنية والديمقراطية ، الأمر الذي يعني انتقال عدواها إلى غزة ، مما يهدد بالتأكيد مستقبل الدويلة القائمة على الاستبداد الديني.
نستطيع استنادا إلى كل ما ذكرناه ، أن نفسّر موقف حركة حماس من انتفاضة الشعب المصري من أجل الحرية، ولكن كيف لنا أن نفسّر موقف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية؟ وكيف لنا أن نفسّر ترددها ، الذي يظهر في أشكال عديدة، ليس أولها أوآخرها محاولات قمعها للمتظاهرين المتضامنين الفلسطينيين مع أخوة لهم في مصر ثاروا على الظلم والطغيان وطالبوا بالحرية من خلال مطالبتهم برحيل رئيس نظامه ؟ وإذا كانت السلطة الفلسطينية تعتقد بوقوف شعبها معها في مواجهة إسرائيل ، إذا ما الذي يدعوها إلى كل هذا الخوف من تحركات التضامن مع الشعب المصري؟

على ما يبدو أن السلطة الفلسطينية عاجزة حتى الآن عن إدراك أن أسلوبها الذي ظلت تتبعه في وضع كل بيضها في سلة المفاوضات التي جرت في ظل موازيين قوى مختلة لصالح إسرائيل ، قد أخذت بالتبدل وبشكل سريع منذ سقوط أول نظام ديكتاتوري عربي في ثورة شعبية. وهي لا تريد أن تدرك بالمقدار نفسه ما الذي يحمله المتغير المصري من آثار ستطال بالتأكيد من مكانة إسرائيل ومن دعم العالم الحر لها الأمر الذي سيضعف بالتأكيد المفاوض الإسرائيلي المتعنت إزاء حقوق الفلسطينيين.
ويمكننا القول ، أن السلطة الفلسطينية التي بنت كل استراتيجيتها و تحالفاتها بالاستناد إلى الوضع العربي القائم ، لم تدرك بعد أن عليها منذ الآن أن تغير سياستها ، وخصوصا أن مصير الدول الديكتاتورية المسماة بالمعتدلة، والتي تعتمد سلطة رام الله على دعمها ومساندتها في سياستها ، صار مصيرها على كف عفريت كما يقال، وهي بالكاد تستطيع تجنب سقوطها أياما أو أشهرا.
ولعل التغافل عن رياح التغيير القادمة ، بالنسبة للسلطة الفلسطينية ، يكون خطيرا على الوضع الفلسطيني إذا ما استمرت قيادة رام الله على السير على نفس منوال تجاهل كل تلك المتغيرات، فالحرائق التي بدأت بالاشتعال في المنطقة، لا بد وأن يمتد لهيبها إلى الوضع الفلسطيني . وهي ستطال ، شئنا أم أبينا، المناطق الفلسطينية كلها سواء، في غزة أو رام الله إذا لم يحسن الفلسطينيون تغير أدائهم السياسي لمواكبتها. إلا أن هذا لا يعني في مطلق الأحوال أننا ننادي بدفع السلطة إلى التصرف بتهور ، أو أننا ندعوها إلى إعلان الحرب على إسرائيل على طريقة الانتفاضة الثانية التي جلبت الهزيمة للفلسطينيين، بل أن الحكمة تقتضي أن تكون هناك رؤى وسياسات أخرى تتلاءم مع كل ما يستجد في المحيط العربي ، رؤى تتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات التي يستطيع من خلالها الفلسطينيون تحسين أدائهم السياسي سواء في الداخل الفلسطيني ، أو على صعيد الصراع مع إسرائيل.
وفي اعتقادي أن الشباب الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وغزة ، لا يقل حماسة ورغبة في التغيير عن الشباب المصري أو التونسي، ودعنا نعترف بوجود احتقان شبابي في كل من رام الله وفي غزة، هذا الاحتقان وإن اختلفت أسبابه في كل المناطق الفلسطينية ،إلا أن سماته الأبرز تتميز بشعور الشباب باستحقاقه للاعتراف به وبطاقاته وقدراته الغير محدودة على لعب الدور الأساسي الذي يستحقه في الحياة العامة وفي الحياة السياسية.
فسلطة رام الله التي لا يزال يقودها الشيوخ، لم تعط للشباب الدور الذي يستحقه على كافة الأصعدة والمستويات. فعقلية الشيوخ والعتاولة هذه، لا تزال تتحكم في السياسة وفي المجتمع،وهي تتجلى في أوضح صورها ليس فقط بالإخفاق عن تحقيق أي من الأهداف الفلسطينية في التحرر عن طريق المفاوضات، بل أيضا في استبعاد الشباب عن مراكز صنع القرار، والذي لا بد وأن يؤثر بدوره في زيادة هذا الاحتقان ليدفع به عاجلا أم آجلا إلى الانفجار في ظروف بالغة الحساسية والتعقيد.

الطريقة التقليدية التي تتعامل فيها السلطة في الضفة مع المتغيرات العربية والإقليمية، والتي تتبدى في موقفها المتحفظ من دعم مطالب الحرية للشعب المصري ، هي باعتقادي من السقطات القاتلة التي تهدد الشارع الفلسطيني بالانفجار،و ستكون السلطة واهمة بلا أدنى ريب، أنه سيكون باستطاعتها دائما، ضبط الوضع الداخلي وهي تحمل فزاعة إسرائيل. فكما سقطت كل فزاعات الأجندات الخارجية التي استخدمها النظام التونسي والتي يستخدمها النظام المصري ، فإن فزاعة إسرائيل مرشحة هي الأخرى للسقوط عندما يصمم الشباب الفلسطيني على التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس