الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثروة مبارك ولقمة عيش المواطن

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كثر الحديث في أيام الثورة المصرية الشعبية الحاضرة، عن الثروة التي يمتلكها حسني مبارك وعائلته. بعض الأحاديث ينطلق من تكهنات، وبعضها الآخر يستند إلى معلومات موثوقة ترمي حقيقة حسابات مصرفية أجنبية بعشرات مليارات الدولارات، في وجه الرئيس المصري. إتهامات لا تنتهي بالإختلاس، وسرقة المال العام، واستغلال الثروات القومية؛ من مواد أولية وموارد نفطية وسياحية وصناعية وتجارية وخدماتية.

لا يمكن إزاء ذلك إلاّ توعية الشعب وتعريفه على كيفية تراكم هذه الثروات لدى "العائلة الحاكمة المصرية" وشركائها. فالأمر يبدو وبما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ "شغلانتة" الرئاسة مربحة للغاية! والريّس لا يريد ترك منصبه بأيّ حال من الأحوال، فلا ضغط الشارع يثنيه ولا طلبات الخارج تفكّ لحام مؤخرته المثبّتة بكرسيّ الحكم. الرجل معذور، فهو لم يعتد يوماً عملاً آخر، ولا عرف إلاّ بركات السلطة والتحكّم برقاب الشعب وامتصاص دمائه يوماً بعد يوم، حتى بدت له الحياة بهذه الطريقة هي الحق وحدها وما سواها باطل!

لست أتحدّث عن ثروة مبارك فحسب، فغيره كثير من الأباطرة العرب، وسواهم ممّن يمتصّون ثروات البلاد ويجرون الصفقات على حساب شعوبهم حتى تتخم حساباتهم وخزائنهم. لكنني كفرد من هذا الشعب الممدّد تحت سياط الأنظمة، وقد آن له أن يتحرّك ويقول كلمته، أستغلّها فرصة ذهبية، عسى أن يكون سقوط مبارك القريب، وقبله زين العابدين بمثابة البداية الفعلية لمحاسبة الحكّام. هي فرصة لأن الثور حين يسقط تكثر سكاكينه، وعيب علينا أن نترك سكاكيننا مخبأة لبعضنا البعض فحسب ولا نستخدمها تجاه ثور آيل إلى السقوط.

الشعب المصري ثار مسالماً، ولم يستخدم حتى اليوم إلاّ أرواح أبناء شبابه المقدسة. قد يحسب مبارك وعائلته ونظامه الأرواح بالأموال فحسب. هم لا يعلمون أو لا يهتمون ببكاء عائلة وحسرة أخرى وفاجعة والدة وانكسار ظهر والد. هي ثقافة الإختلاس وكنز الأموال وحدها فقط لا غير. ثقافة منع المال عن مستحقيه المحرومين من الثروات، لا بل المحرومين من تأمين لقمة عيش كريمة، وأجرة مستشفى، والممتنعين عن إدخال أبنائهم إلى المدارس ودفعهم إلى العمل في سن مبكر لتأمين أبسط مستلزمات الحياة اليومية.

هي ثورة شعبية للمحرومين اجتماعياً على قدم وساق مع المحرومين سياسياً. حرمان في حرمان يقف وراءه نظام واحد يمعن في الظلم حتى الحدود القصوى، ولا يقبل أيّ اتهام له وأيّ نقد وأيّ احتجاج. فأيّ مصيبة هي هذه!؟

صديقة مصرية تركت بلدها للعمل بعد تخرجها قبل أعوام قليلة، دار بيني وبينها حوار خلال الإنتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر، وفضيحة فوز الحزب الحاكم بالغالبية الساحقة من الأصوات. تحدثنا يومها عن رفع الظلم الإجتماعي كاستراتيجية مناسبة من مبارك ونظامه للهروب من وجه المعارضة السياسية وحبس الحريات وقانون الطوارئ. أعطيتها يومها مثالاً عن دولة خليجية فقدت فيها المعارضة السياسية أيّ دور لها في ظلّ توفرّ دخل سنوي للفرد يصل إلى 65 ألف دولار عدا عن الخطط التنموية المستمرة والناجحة في كلّ مجالات البلاد، رغم أنّ السلطة السياسية فردية وراثية لا مكان لمناصبها العليا إلاّ لعائلة الحاكم.

قلت لها إنّ الشعب المسكين وفي أيّ بلد من البلاد وقبل أيّ دخول في معامع السياسة والحقوق، لا يريد إلاّ أن يعيش، والفرد منهم لا يطلب إلاّ "السترة" فحسب.

ينطبق ذلك على مصر كما ينطبق على غيرها من البلاد، لكنّ الثروات كي تتكدّس بهذا الشكل الفظيع، لا تبرير لها إلاّ إجابة صديقتي المقتضبة الثاقبة حين قالت مقاطعة: "لكنّ مبارك لم يترك للشعب حتى لقمة العيش!".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام