الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاتبة مبتدئة على أبواب الأربعين

سهيلة بورزق

2011 / 2 / 9
الادب والفن




ماذا يصيب كاتبة حين تنسى رأسها في المطبخ؟
ماالذي سينفجر لحظتها فيها، وهي لا تعتقد أن هناك علاقة مطلقة بين أسنانها غير البيضاء، وركوب زوجها لها قبل نوم الأولاد؟
هل هي بحاجة مثلا اٍلى بخاخ الصراصير، لكي تقتل به عناكب القلق؟ ، أم هي بحاجة اٍلى قارورة ويسكي لكي تفجر بها النسيان، فيصحو فيها الجنون؟
ماذا يصيب كاتبة على أبواب الأربعين، وهي لا تعرف أن اللغة خائنة كالرجال، والنساء تماما، وغائرة في الغموض كقطعة خبز مغمّسة في صلصة الدمع؟
حين تكتب الكاتبة العربية، لا تنسى بالضرورة العبور على جسر حياتها طولا وعرضا، فتذهب في الجمل، تفتك الحق والباطل، وتسحق عائلتها، ومجتمعها، وزوجها بشكل خاص… لماذا؟، لأنّه آخر مطباتها الأرضية التي لا تجد لها حلا مقنعا؟
أنا مثلا لست كاتبة، لكنّني أكتب حين لا أجد ما أقوم به في المطبخ أو في غرفة النّوم، أحيانا أزور نوادي الرقص، فأرقص مع رجل لا أعرفه، لكي أعرفه…ولكي أتأكد بعدها أن زوجي أقرب الرّجال اٍلى جنوني.
تقولون خائنة؟، سأرد: لا أعرف…لكنّني أعيش حياتي بجميع ألوانها، وأحيانا أهرب من نفاقكم لها، لأنّني لا أشبهكم لا في مطبخكم، ولا في غرف نومكم…طيب اتركوني أكمل فكرتي قبل أن تحترق.
لنتفق أن الكاتبة بعد الأربعين، تزداد ليونة، وتصير وداعتها تشبه المرآة، وتتحوّل الكتابة لديها اٍلى طفل تتعلق به، لكي تخفي من خلاله تجاعيد وجهها، لنتفق أنّها في سنها هذا ستتعلم جميع أصناف الخبث، لكي تحقق مآرب فجورها على نحو يمنحها راحة البال، لكن من جهة أخرى يوقض فيها الشيطان الأسئلة، وحينها لن تقنعها اجابات العالم كلّها، فتهتدي بعدها اٍلى أقرب مقص، لكي تقسّم به أفكارها اٍلى رجل وامرأة.
هذا ما أريد أن أصارحكم به، أنّني أعيش حالة انفصام في الشخصية، منذ الأربعين شمعة.
ماذا تقولون؟…عفوا لست أسمعكم…انّكم تتحدثون مرّة واحدة، فيصلني الكلام مختلطا…أوووف توقفوا…
سأضطر اٍلى اخراجكم من رأسي اٍذا تماديتم في الصراخ…اسكتوا…اسكتوا…دعوني أكتب محنتي الأربعينية قبل العام القادم، فلا أدري ماذا سيحدث حينها، أكره الأرقام الأحادية، لأنّها تذكرني بتحريم تعدد الأزواج في العالم…أوووف… عدتم للصراخ…انزلوها غير سالمين…اتفوه على هكذا رأس…ما به تعدد الأزواج؟ جرّبوا فقد نصلح حال العالم به.
ماذا قلت أنت؟…آ ..يا ابن الكلب.. ستلف شتيمتك، وستعود اٍليك، ألم أخرجك من رأسي ؟، كيف عدت؟…انزل… تنزل عليك نزلة برد.لو عاد زوجي من عمله قبل أن أكمل هذا النّص، سيحذفني من النافذة، فقد أخبرني أنّ الكتابة كممارسة الدعارة، لذتها تشترى بالمال، وبكثير من العلاقات، أنا لا أخاف منه، لكنّني أخاف عليه، اٍن أنا تحوّلت اٍلى رجل مثله في لامبلاته، سأضربه بقبضة يدي اليمنى، وبركلة شمالية عند الرقبة حتى يتوقف عن تحريكها يمينا وشمالا، رافضا تلبية طلباتي، التي يراها دائما خارجة عن القانون، كشراء كتب الأدب، وجهاز كومبيوتر جديد، بدل الجهاز الذي يشبه أنف عمّي عتروس، الذي يقال انه توفيّ وهو يضرب زوجته، لأنها اشترت من وراءه موزة…سأضطر يوما لسحق ما بين رجليه، حتى تهدأ أنوثتي.
يبدو أنّني سأتحوّل اٍلى كاتبة قريبا، بدليل أنّني أخّرت طبخ الغداء اٍلى ما بعد الظهر، وبدليل أنّني استلفت من جارتي جهازها لكي اكتب، وبدليل أنّني غيّرت لون شعري، وفتحت صفحة في الفايس بوك باٍسم مستعار وعليها صورة لي وأنا في العشرينات…أكيد شكلي كان مختلفا، فلن يتعرف علي حتى زوجي…
طيب ماذا قلت في الأخير… لا شيء…اعذروني فأنا مبتدئة في الخبر المرفوع، ومنصوبة في بيتي، ومجرورة من عمري، ومكسورة الخاطر…اطلبوا لي الهداية.

هامش اضطراري:
لو لم أكتب بعد أسبوع من الآن… بلغوا الشرطة، فقد يفكر زوجي بخنقي بربطة عنقه بعد قراءة هذا الدليل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية مسائية إلى : سهيلة بو رزق
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 2 / 9 - 19:34 )
أستغرب يا سيدتي الرائعة, أنه حتى هذه الساعة من الليل لم يرد أي تعليق مـاتـشـي عنتري مليء بالشتائم ومنفخات الرجولة كقصص أبي زيد الهلالي على مقالك الواقعي الحقيقي هذا... أما أنهم مشغولون بمتابعة أنتفاضة شعب مصر على قناة الجزيرة, أو مباراة كرة القدم بين فرنسا والبرازيل. وهذا كله يصب في مصلحتك. لأن زوجك حتما بينهم.. تجاه التلفزيون.. مشاهدا الجزيرة أو المباراة.. وهكذا أما تذهبين لسهرة راقصة لوحدك.. أو تتفرغين لكتابة قصة قصيرة أخرى..
وحيث نعود لمقال هذا المساء الذي ببعض الجمل القصيرة, صور حياة امرأة كاملة. قصة إنسانية واقعية.. تتردد ألف ألف مرة في ألف ألف بيت.. حيث تعيش امرأة..
أحييك يا سيدتي متمنيا لك ديمومة هذه الوحدة الانفرادية التي تعطيك مزيدا من التأمل وحرية التفكير..وخاصة رونق الإبداع وكماله...
تابعي.. تابعي رجـاء...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


2 - ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان
الحكيم البابلي ( 2011 / 2 / 10 - 00:55 )
أعجبتني الفقرة الكاريكاتيرية الجميلة التي تقول : ( سأضربه بقبضة يدي اليمنى ، وبركلة شمالية عند الرقبة حتى يتوقف عن تحريكهما يميناً وشمالاً رافضاً تلبية طلباتي ، التي يراها دائماً خارجة عن القانون ، كشراء كتب الأدب ، وجهاز كمبيوتر جديد ) إنتهى
أحب روح الشقاوة والثورة والتمرد على الروتين اليومي في كتاباتك وشخصياتك القصصية ، ربما لأنني من نفس الطينة
هي شخصيات تُعطي القصة طاقة إيجابية تنضح بالحياة والحركة والعطاء والتغيير ، وتحرك وتستفز ذائقة القارئ وتتحدى مزاجه
قبل ساعات كنتُ في المكتبة العربية في ولايتنا الأميركية ، وكانت شحنة كبيرة من الكتب قد وصلت قبل أيام ، أحسستُ نفسي كطفل صغير في دكان حلوى أو لعب
اعتقد أن المرأة والكتاب والموسيقى والمسرح والحروف ، كلهم عجنتهم الألهة من نفس الطين ، وهو المعادل النوعي المجازي للخبز ، لتستمر الحياة
تحياتي سهيلة بو رزق


3 - القبضة اليمينية أصابتني أنا
منصور المنسي ( 2011 / 2 / 10 - 05:42 )
سيدتي الكريمة الثائرة لقد إستعملت الحركات وتطلبين الهداية ما رأيك بالسكون الحركة التي نسيتي سوف تساعد على الهدوء ومن ثم الهداية . لماذا الهداية وأنت تطالبين بإنسانيتك التي تلاعب بها الرجال في عالمنا حتى مسخوها صفراً . أكلوا حقوقك وتجاوزوا عليكِ وإن خنعتِ كما الأخريات ضعتي قفي بطولك أصرخي في وجوهنا من أنتم ومن أعطاكم حق تغيير الطبيعة التي جبلتنا كما نحن متساوين بالمشاعر والأحاسيس والذوق والحواس والعقل إن هو إلّا إختلاف جيني بسيط في نوع من الأعضاء لايؤدي لميزة تميز الواحد عن الآخر .
قلت أن يمينك أصابتني أنا والواقع أن عزيزاً علي قال لي إقرأ هذه المقالة الرائعة لسيهلة بو رزق وأنا أعرف الإسم في الحوار ولكني لم أقرأ لك يوماً .
وقرأت وبيدي لكمت رأسي وقلت يا رجل لقد فاتك الكثير ثم قررت أن أعود إلى كل ما كتبتي لأنهل الروعة والجمال والجنون -- ما أحلاه الجنون الذي نحبه من أعز وأنا .
سأتمتع بجنونك وسأقرأ كل ما كتبت .
لقد جررتني من يدي لأكتب هذه الكلمات معبراً عن إعجابي فرحاً بها وبك .
وستجديني مستقبلاً أنط لك في كل جديد وأشرب حتى الثمالة من كأسك العذب وعزيزي الذي دلني سيفعل أيضاً وعاش الجنون .


4 - عـودة إلى : سهيلة بو رزق
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 2 / 10 - 12:33 )
جنونك وتخيلاتك اليوم, تشبه الانتفاضة المصرية وابنة عمتها التونسية.
من كان يحلم أن تثور مصر على مبارك وحلقاته العسكرية.. ومن كان يجرؤ التخيل أن ينتفض شعب تونس على بن علي وزوجته قائلا لهما : إرحلا...
واليوم يا سيدتي الرائعة كلماتك المتفجرة الصريحة وصورتك المتحدية الجريئة ثورة جريئة قوية صحيحة على عاداتنا وتقاليدنا البالية وطقوسنا البالية وكل الجنازير الغيبية التي غلفت نساءنا وما زالت تغلفها وتمنعها من الوصول إلى حقوقها الإنسانية الطبيعية...
تابعي.. تابعي يا سيدتي الرائعة.. وكما قال الشاعر الفرنسي آراغون
ARAGON
المرأة هي مستقبل الرجل..
تابعي..تابعي يا سيدتي الرائعة..علك تنقذينا...
ولك مني أصدق وأطيب تحية مهذبة...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


5 - السيدة سهيلة بو رزق المحترمة
ليندا كبرييل ( 2011 / 2 / 10 - 15:20 )
لفت نظري عنوان المقالة فالمعذرة أني أقرأ لك أول مرة . ما بها عزيزتي أن ترقصي مع رجل آخر لا تعرفينه لتعرفينه ؟ المصيبة أنهم رسموا علاقة الرجل بالمرأة بشكل خاطئ فجاءت الاستنتاجات خاطئة ، هم يرونها خيانة وجنوناً وأنا أقول زينة العقل ، لأن الانسان لا يعرف نفسه إلا من خلال الآخرين _ رجالاً ونساء _ ، لالا ، لن أطلب لك الهداية أنت انسانة إيجابية تحب الحياة ومن يتهمك بغير ذلك يكون خائناً للحياة . تحياتي لك


6 - من يعلق الجرس
الاردن/ سياج خالد المجالي ( 2011 / 2 / 10 - 15:37 )
سيدتي كتابتك هي تمرد على الواقع والذي لم نألفه لرتابه حياتنا بضوابط الشكم والهص والتوبيخ والزجر 000 فبات الواحد منا منتميآ لجمله اخلاقيات ممكيجه زائفه وانا على يقين بأنك نتاج ما ترعرعنا عليه واعلنتي حربك دون هواده كما اعلنها البوعزيزي


7 - محنتنا الأربعينيه
Aghsan Mostafa ( 2011 / 2 / 11 - 02:02 )
اشكرك لمشاطرتي محنتي الأربعينيه وبدوري سأشاركك ثورتك العقلانيه لحد الجنون!!! بصرختي!!انا مع سهيله لنعيش حياتنا بجميع ألوانها، وغالبا!!! نهرب من نفاقكم لها، لأنّنا لا نشبهكم لا في مطبخكم، ولا في غرف نومكم، ولاببرستيجكم… ولتقولوا عنا ماشئتم وارجموننا بألسنتكم اللاذعه فالموت ارحم لنا من مقابلة امثالكم الفاسده بدعوى الصبر! واكل الهبر! والمفرخه بواجب الستر!
رائعه انت ياسهيله ....... امتناني واحترامي
والى ثورة اخرى


8 - برافو أغصان وسهيلة
ليندا كبرييل ( 2011 / 2 / 11 - 03:33 )
وتحياتي لكما


9 - تردد
ياسين مغربي ( 2011 / 2 / 11 - 20:22 )
فعلا المقال رائع والرائع فيه سن الكتابة ولهذا أنا متردد لدي رغبة في الكتابة،لكن دائما أقول لنفسي لم أبلغ النضج العقلي بعد هل سن الكتابة هو سن الأربعين إذا كان الأمر كذلك يجب أن أنتظر حوالي 12سنة لكن لا أستطيع أن أتحمل هذه الساعات كلها خذ بيدي


10 - انت الام والزوجه الحنونه
ايمان النقشبندي ( 2011 / 2 / 12 - 11:39 )
حبيبتي سهيلة
كل مرة تفاجيئينا بكتاباتك الجميلة فانت مهما بلغتي تبقين ام وزوجه حنونه ولن تكبري لانك كبيرة بكل شي
استمري ولا تنقطعي بالكتابة لاني من ارى صورتك احس بان الحياة لازالت مستمرة وكتاباتك تزهو بين الكتابات الجميلة الاخرى
لاتياسي كوني دائما متقائللة لوجودك بين الاحبة
اختك وحبيبتك
ايمان


11 - كاتبة مبتدئة أخرى
ثائرة سعداوي ( 2011 / 2 / 13 - 16:30 )
يبدو انا الاخرى سأتحول الى كاتبة بدليل اني احرقت طبختي على النار حين كنت مسترسلة في قرائة ماتكتبين أيتها الرائعة.....
وقد أفشل في الكتابة فأتحول الى غاضبة مبتدئة بدليل أنني قد أكثرت من اضافة الملح الى السلطة المعدة لزوجي الذي يعاني من ارتفاع في ضغط الدم....بسبب رفضه ان يبتاع لي موبايل حين أجابني ساخرا:
ومن تكلمين به....الموتى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط