الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-رعايا- المغرب بين البيعة والديمقراطية من أجل تعاقد سياسي جديد

أحمد عصيد

2011 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت جريدة التجديد في عدد يوم الأربعاء 2 يناير المنصرم تصريحا لمصطفى الرميد القيادي في حزب العدالة والتنمية (الإسلامي)، حول انعكاسات أحداث تونس ومصر على المغرب، وبجانبه بنفس الصفحة نشرت الجريدة تصريحا آخر لعبد الإله بنكيران الأمين العام لنفس الحزب يتحدث في نفس الموضوع، و لكن مع وجود سنوات ضوئية تفصل تصريح الأول عن الثاني، ففي الوقت الذي اعتبر فيه الأول أن ما حدث بمصر وتونس ستكون له بلا شك تداعيات خطيرة على بلدنا في حال ما إذا لم نقم بالإصلاحات الضرورية، ذهب الثاني إلى أن ما يميز المغرب هو"البيعة" التي هي "في أعناق المغاربة" والتي تمثل واقيا من الفتنة.

ولسنا ندري من نصدق، هل القيادي الرميد أم الأمين العام بنكيران، لكن الذي يبدو أن الرجلين لا يعزفان على نفس الوتر رغم القرابة السياسية والإيديولوجية، وأن سبب ذلك هو أن لكل رهانه الشخصي في التعبير عن رأيه ومواقفه السياسية، وفي انتظار أن يقوم القياديان الإسلاميان بـ"المساوية" لآلاتهما الموسيقية، يمكننا طرح بعض الأسئلة حول هذا "الإستثناء المغربي" الواقي من الفتنة، والذي يزعمه بعض السياسيين وبعض الإعلاميين المغاربة، وحتى بعض المنابر الأمريكية، والذي يبدو أشبه ما يكون بتوقيع على بياض للسلطة، مما قد تكون له في حالة ما إذا أصبح وعيا عاما منتشرا نتائج غاية في السلبية على مشروع الإنتقال المأمول نحو الديمقراطية.
فمن المؤكد أن السلطة العليا في حالة إجماع الناس على أنها "الوحيدة" التي تضمن الإستقرار والتوازنات الداخلية، لن تتنازل مطلقا لصالح أي طرف عن سلطاتها المطلقة، وهذا هو بيت القصيد، مما يمنحنا الحق في التساؤل عن مدى إيمان أصحاب نظرية الإستثناء المغربي بالديمقراطية.
بل إن التوافقات التي يحلم بها بنكيران أو غيره في إطار سيادة الملك وحكمه المطلق والفردي لن تؤتي ثمارها انطلاقا من أنها توافقات محكومة مسبقا بخطوط حمراء وكوابح وطابوهات وموانع تضعها الملكية انطلاقا من موقعها وليس الأطراف السياسية المتوافقة التي تزداد ضعفا وتشرذما، ومن هنا محدودية العمل السياسي بالمغرب وفقر الحياة السياسية التي اقتربت من حدّ إسلام الروح.
فماهي هذه "البيعة" التي يربطها السيد بنكيران بأعناقنا إلى درجة الحكم علينا بالخنوع الأبدي؟ ومتى تمت وبأية طريقة؟ وما مدى مشاركتنا الفعلية فيها كمغاربة؟ هل هي انتخاب أم تعيين أم اختيار؟ وإذا لم تكن لها علاقة باختيار الشعب وأفراده فمن قام بتمثيل الشعب في غيابه ومن أوكل له فعل ذلك؟ وهل هذا ما زال جائزا اليوم؟ أليس السيد بنكيران بصدد الحديث عن مصطلح تراثي لا علاقة له بالسياق الذي نعيشه، إذ لا يوجد شيء في أنظمة العالم الديمقراطي يدعى "بيعة" في أعناق الناس، مما يضمن ولاءهم المطلق للحاكم مهما كانت السياسة المتبعة ومهما كانت ظروف الإنسان في ظلها. ثمّ إن فقهاء مسلمين اضطروا في الآونة الأخيرة إلى أن يخرجوا عن صمتهم ويلتحقوا بحركات الشعوب بعد أن رأوا إصرار الناس على الثورة والعصيان المدني من أجل المطالبة بالتغيير الجذري والشامل، ولم يقل أحد منهم إن "البيعة" التي في أعناق الناس تلزمهم بالإستكانة والطاعة والخضوع الأعمى للحكام.
كان على السيد بنكيران عوض التلويح بمفاهيم متقادمة أن يقول لنا بلغة العصر وبوضوح إن النظام السياسي في المغرب هو "ملك وراثي"؟ وأنه في حالة إن رأى المغاربة أنه ما زال نظاما مناسبا لهم فإن عليهم تدبير وضعيتهم في إطاره بالبحث في أيسر السبل لإنجاح انتقال سلمي نحو الديمقراطية عبر إصلاحات جوهرية، أولها ضرورة تفكيك المخزن التقليدي المافيوزي لإفساح المجال لعمل المؤسسات، ولعل الأسئلة الجوهرية التي على الجميع طرحها اليوم وبإلحاح هي التالية: هل يمكن الإنتقال نحو الديمقراطية في المغرب وفي إطار الملكية بدون تفكيك نظم المخزن وآلياته الجهنمية التي أثبت التاريخ المعاصر لبلدنا بأنها تعرقل بنجاح أي انتقال فعلي؟ ما طبيعة العلاقة التي تربط الملكية بالنظام المخزني، هل هما جوهر واحد أو عنصران مندمجان؟ وهل يمكن تفكيك المخزن بدون إضعاف الملكية التي يرى فيها الناس عامل استقرار؟ وهل يعني هذا التلازم بين الملكية والمخزن الذي طبع الدولة المغربية بازدواجية مزمنة وخطيرة أن علينا التخلي عن التغيير المأمول لضمان استقرار هشّ ومصطنع؟
في الواقع أننا نجتاز وضعية صعبة، فالشعوب التي أنهكها الإستبداد تتحرك من حولنا، دون أن تتوفر لنا الرؤية الواضحة عما نريده الآن في بلدنا، وأعتقد أن المسؤول عن هذا الغموض هو تشرذم القوى الديمقراطية من نخب سياسية وثقافية ومدنية، والتي عليها أن تقوم عوض ترداد اللازمة المملة عن "الإستثناء" و"صمام الأمان" الوهمي، لتتحرك عاجلا من أجل وضع تعاقد جديد مع الملكية على أسس بديلة، باقتراح آليات الإنتقال الحاسمة نحو الديمقراطية، عبر البدء بإصلاح سياسي ودستوري مستعجل، وتشكيل حكومة وطنية لإنهاء عبث العائلات الأوليكارشية الفاسية وغيرها، وتدارك أنواع الخلل التي ظهرت في التجربة المغربية خلال العشر سنوات المنصرمة.
أما "الإجماع حول الملكية" بدون أي تعاقد واضح فهو سلاح ذو حدين، إنه من جهة قد يضمن استقرارا مؤقتا يجنب البلاد المراهنة على المجهول، ولكنه من جهة ثانية استراتيجية مربحة بالنسبة لكل القوى المستفيدة من تناقضات المرحلة، تلك التي لا تريد بأية حال أن يحدث أي تغيير راديكالي يتعارض مع مصالحها، و لهذا فهي تتشبث بتأبيد الإستبداد وإطالة أجله، ومثلما أعلن النظام مجموعة من الشعارات البراقة منذ عشر سنوات، فقد قام المخزن بالتمكين لآليات احتكاره لمراكز النفوذ والثروة، معمقا بذلك العديد من أوضاع الفقر والبطالة والتهميش والميز، مما أفشل بنسبة كبيرة ما كان يدعى "الأوراش الكبرى" في بداية مرحلة التناوب التوافقي.
ما هي البدائل المقترحة الآن واليوم وقبل الغد، في السياق الراهن الذي قد لا يتكرر مثله بعد حين، والتي على النخب والجماهير المغربية أن تبلورها في شعارات سياسية واضحة للمرحلة، والتي عليها تقديمها على أعلى مستوى ليس بغرض التفاوض بشأنها، بل بهدف العمل بشكل لا رجعة فيه على تحقيقها باعتبارها "الحلم المشترك" للمغاربة؟ هذا هو السؤال الذي علينا الإشتغال عليه في الظرف الحالي، عوض الإكتفاء بموقف المتفرج على شعوب تصنع مصيرها بنفسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المخزن هو مافيا وقائدها هو الملك
رشيد المغربي ( 2011 / 2 / 9 - 18:57 )
انت تتدحدث عن الاستقرار وهذا المصطلح يستعمل فقط من طرف الانظمة الديكتاتورية. الانظمة العربية تتحدث كلها عن الاستقرار, لكن هل تعرف استقرار؟ لا. اذن فالتذهب هذه الانظمة الى الجحيم ليعود الاستقرار.
المخزن يسرق الشعب بالرشوة, لان قائدهم كذلك يسرق الشعب. كيف اصبح ملك دولة فيقرة من اثرياء الارض؟ اليس عن طرق سرقة الشعب؟ هولندا وبريطنيا من اغنى دول العالم, وملكتهما لا تملكا حتى 1/1000 ما يملكه ملك المغرب؟ هل تعرف لماذا؟ لان محمد السادس سرق الشعب, فاصبح غني والشعب فقير.المخزن هو مافيا وقائدها هو الملك نفسه.


2 - شكرا على نقر عقول الانبطاحيين
حميد جمعة ( 2011 / 2 / 10 - 00:22 )
لا جدوى بمطالبتهم بمشروع بديل بعدما دب في عروقه مرض الانبطاح وأضحوا لبنة اساسية في الاوليكارشية الناهبة،فهاهو بن عبد الله الامين العام للشيوعيين يصرح بان الملك قام بثورة الياسمين منذ عقد من الزمن في الوقت نفسه سكتت كل الافواه،كلهم،منبطحين وغيرهم،عن استقبال الملك لمستبد السعودية الذي آوى جزار تونس وهو الآن في الجديدة منها يدير تآمره عن ثورة المصريين.أمن مثل هؤلاء تنتظر البدائل؟ان ابناء الارض نفضوا ايديهم عن الاحزاب جميعها وتبرءوا منها بل اصبحوا يمرضون بكل انواع الامراض عندما يسمعون احد قادتها ينطق كلمة الشعب.مستقبلنا وآمالنا في ايدي ابناء الارض الغير المؤدلجين


3 - المغرب ليس تونس ولا مصر
محمد مغناجي ( 2011 / 2 / 10 - 01:09 )
هناك فوارق كثيرة بين المغرب وبقية دول المغرب العربي, بل وحتى دول كثيرة من العالم الثالث.المغرب هو البلد الوحيد الدي لم تتسلم فيه السلطة بعد الاستقلال الحركة التي ناضلت من أجله(الحركة الوطنية) ,عكس الجزائر وتونس. ,حيث انفرد كل من جبهة التحرير(الجزائر)والحزب الدستوري(تونس) بالحكم . بيبما لم يستطيع حزب الأستقلال فعل دلك في المغرب.كما أن النضال في المغرب لم يبرز شخصية كاريزماتية لقيادة حركة التحرير ولتجمع حولها الجماهير حتى تعطيها الشرعية الجماهيرية حتى يتسنى لها الوصول الى السلطة ..بل على العكس كان شعار النضال هو *بنيوسف الى عرشه* . وهكدا لخص كل النضال في مطلب واحد هو عودة الملك من منفاه....
وطبعا الكل يعرف ما جرى اكس ليبان وكيف, ثم بعد دلك كيف أهدرت فرصة أقامة ملكية دستورية, وكيف بدأ المخزن في تفريخ الأحزاب,والأيهام بأن هناك ديمقراطية ألخ....
لا يمكن أن نقول أن المغرب محصن ضد كل ما يقع في محيطه, ما لم يقم باصلاحات شاملة ان على المستوى الدستوري أو السياسي أو الأقتصادي أو الأجتماعي .. لابد أن نصل الى *ملكية دستوريةبرلمانية * وفي أقرب الآجال,,وعلى الأحزاب أن تفيق من بياتها الدائم


4 - البيعة عقد ديني وليس سياسي
مصطفى رضا ( 2011 / 2 / 10 - 17:43 )
المقال ارتكز على تصريح قطبي حزب وبنى عليه الكانب تحليلاته، ولم يبين الاطار القانوني الذي يحكم به ملك المغرب وهو الدستور الذي يحدد صلاحيات وعلاقات جميع السلط،أما البيعة فهي رباط ديني بين المغاربة المسلمين بصفته الامام وأمير المومنين،وهي بيعة متجددة سنويا من البرلمان والحكومة والجيش ورؤساء البلجيات والجماعات القروية ورجال الأعمال وكبار الشخصيات وأعيان القبائل..أي كل ممثلي الشعب المنتخبين والمعينين,
المخزن الذي يتجدث عنه الكاتب هو فكرة وهمية وغير موجود، ولم يبينه ولم يشرح مبكانزمات تسيير الدولة وفق الدستور
كان يمكنه أن يتحدث عن تعديل الدستور وتفعيل المؤسسات الدستورية أكثر...دون أن ينسى أن الأغلبية السابقة من المغاربة يفضلون الملكية على أي نظام آخر لعدة اعتبارات تاريخية وعرقية ولغوية لا يمكن أن يوحد بينها الا ملك...
مقال لا يرقى الى التحليل الأكاديمي الموضوعي والى رؤية سياسية عميقة للتظام السياسي المغربي, ويمكن القول أن الكاتب متأثر بالأحدات في تونس ومصر وهي لا أعتقد أن تطال المغرب لفوارق سياسية بين المغاربة والتوانسة والمصريين والجزائرييت كذلك التي تعيش حالة الطوارئ منذ 19 عاما
يمكنك


5 - نظام قروسطي مستبد فلا حاجة لتجميله
محمد السيد ( 2011 / 2 / 11 - 00:33 )
لكن الدستور الكل يعلم انه دستور طبخ في مطابخ المستعمر-دفيرجي-وانه غير ديموقراطي وهو اقرب الى وثيقة العبودية منه الى الدستور.
الرباط الديني لا يُحكم به في القرن ٢١ .
وتتكلم ايضا باسم المغاربة الساحقة!دون ان تكلف عناء نفسك شرح تلك الاعتبارات التاريخية واللغوية والعرقية التي يتميز بها المغرب دون اقطار كثيرة في العالم،مصر احداها كمثل.
لا تخف مطصفى، ولا تكلف نفسك كثيرا من المشاق في اختلاق الاكاذيب فالواقع مر وواضح يفضح كل التجميلات المخادعة

اخر الافلام

.. سيدة محجبة تحرق علما فرنسيا. ما حقيقة هذه الصورة؟


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقضي بتجنيد الطلاب -الحريديم- | #




.. غالانت يقول إنه آن الأوان لتفي واشنطن بالتزامها بمد إسرائيل


.. رائد مستقيل من الاستخبارات الدفاعية الأمريكية: الحرب لم تكن




.. فقد بصره وجزءا من أعضائه الداخلية.. الجزيرة ترصد حالة أسير ف