الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُفتي البدوي أصبح سياسيا !

عادل الخياط

2011 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


قبل ثلاثين سنة لم نسمع فتوى سياسية من بدو السعودية ( مع إحترامنا لمثقفي وعلمانيي دولة الحجاز ) فما الذي تغير في السنين الأخيرة بحيث اصبح رجل الدين السعودي يحشر خشمه في القضايا السياسية ؟ فالذي نعلمه إن رجال الدين الشيعة في تاريخ العراق السياسي وفي إيران هُم الذين يحشرون عمائمهم في المُعترك السياسي , أما المذهب الوهابي فلم نشهد له ذلك , وحتى حين حاربهم " إبراهيم باشا " فقد كانت تلك الحرب على أساس الفوضى والطائفية التي أثاروها في ربوع الجزيرة , وحتى عندما سيطر آل سعود على مقاليد الحكم في دولة الحجاز وتبنيهم للمذهب الوهابي , لم يدخل هذا المذهب معيارا في السياسة السعودية التي كان رصيدها الأول "البزنس وجمع المال " .. إلى ذلك فإن العائلة المالكة في السعودية من أشد المعارضين بأن يحشر رجل الدين خشمه في السياسة , لأن مثل هذا الدخول سوف يقود إلى جدل حول مفهوم الحُكم في الدولة الإسلامية , ما يعني طرح تساؤلات عن مدى شرعية العائلة المالكة الحاكمة ؟

لكن بعد أحداث " سبتمبر 11 " تستطيع القول أن ثمة تحول قد حدث , كون أن 15 شخص من الـ 19 الذين إشتركوا في تلك الأحداث هم سعوديون .

القيادة الحاكمة في السعودية جهدت في إبعاد الشُبهة عن نفسها , وعلى أي حال فقد كان جُهدا ضائعا , فلم يُنوه لا صقور ولا حمائم الحزب الجمهوري ولو قيد أنملة إلى تورط القيادة السعودية أو مدى علاقتها بتلك الأحداث , بالرغم من سعير بعض الصحف الأميركية المُضحك عندما نوهت أو إقترحت تدمير الكعبة وكأن .. ولا داع لمديات تلك السذاجة التي نوهت لذلك . أيضا القيادة السعودية تدرك تماما إن أحداث سبتمبر 11 سوف تقود إلى حشر من نوع ما لرجل الدين في المعترك السياسي , لكن قوة العائلة المالكة بكل تأكيد سوف تُهمش هذا الدور , أو في أقصى الأحوال ستجعله في تأييد غزلي للعائلة المالكة , غير ان نشاط القاعدة تعدى دور المؤسسة الدينية في السعودية وشن سلسلة هجمات أقلقت المؤسسة الحاكمة والدينية معا . ونتيجة لهذا المساس أخذت المؤسسة الدينية تصدر فتاوي في كل الشؤون , إلى حد سببت إزعاجا للقيادة السعودية والذي على أثره أصدر ملك السعودية بيانا أو أمرا ملكيا يُحدد فيه الشروط لإصدار الفتوى , ومع ذلك إستمرت المؤسسة الدينية تتعامل مع الشأن السياسي , لكن هذه المرة مع ما يتناسب مع توجهات المؤسسة الحاكمة , وعلى هذا صدرت تصريحات متماهية من المفتي السعودي مع ما صَدَرَ من الملك بشأن الأحداث التي تمر بها الدولة المصرية .

أحداث سبتمبر أو ثورة المعلوماتية أو إنفلاق الظاهرة الإسلامية ما بعد تبؤ ملالي إيران هو الذي قاد لهذا الحشر , هذا ليس موضوعنا , موضوعنا هو : هل المُفتي السعودي يُدرك مدى قيمته في الشارع العربي , أو المصري على وجه الخصوص , هل يُدرك هذا المُفتي البدوي أن " مِصر " صاحبة حضارة ممتدة لآلاف السنين وأنها أنتجت آلاف الأدباء والفنانين وأنها وأنها..؟ الأكيد إنه ليس على بينة بذلك , والطبيعي أن البينة تأتي من البحث , والمتعارف عليه أن رجل الدين ليست له علاقة بالبحث , مشكلة رجل الدين , أي رجل دين ومن أية مِلة إنه خارج نطاق البحث والواقع والتاريخ والحضارة , على سبيل المثال عندما تقول له : الفنانة أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ أو الكاتب الخراط أو ناظم الغزالي أو غائب طعمة فرمان , وغيرهم سواء كانوا فنانين أو أدباء أو مؤرخين أوعُلماء في مختلف المجالات .. فإنه سوف يضحك على عقلك , رجل الدين المسلم الحضارة عنده تبدأ من إنفلاق الدعوة المحمدية وتنتهي بآخر سورة قرآنية , أما ما عدا ذلك فكله هُراء , لا علوم ولا حضارات ولا بطيخ , فبالنسبة لـ " اليعقوبي " صاحب العمامة الشيعية في العراق : أن أدباء العراق لا أدب لهم مع ان هؤلاء الأدباء كل إصدار لهم سواء كان قصة قصيرة أو قصيدة شِعر أو بحثا أدبيا يتخطى كل تاريخ هذا اليعقوبي , وتسقط هذا الوضع على أدباء العالم العربي جميعا , وهذا الواقع ليس إستثنائيا عصريا , فثمة الكثير من القصص في العصر العباسي عن التقاطع والغيرة , بل الضآلة التي يشعر بها رجل الدين إزاء الباحث في آفاق الحياة , وهذا ينطبق حتى على أئمة الشيعة الإثنا عشر , فقد كانوا يرتعبون من الباحث في المجال الفلسفي , كون الفلسفة تضع الدين دوما في موضع الخاسر أو المُزدى به وليس بإمكان رجل الدين مهما كان صنفه ردع الجدل , وتلك بديهة ولا داع لذكرها , لكنه مجرد تذكير لصاحب العمامة واللحية والقارئ , وأكرر القارئ على الأقل للتذكير بمدى حجم صاحب العمامة ...

قد يكون الواقع قد إختلف نسبيا الآن مع إنفلاق المارد الإسلامي , لكن الواقع في تونس ومصر يقول غير ذلك , لأن الإنفجار تأتى على أساس الخبز والكرامة المهدورة وليس على أساس لِحى النهضة وجماعة الإخوان , ومن هنا لا يستطيع أن يدعي أي مُلتحي بماهية عقيدية الخراب في الحدث الراهن , لا يوجد عقيدة ولا أيديولوجية قبالة الجوع والمهانة , لا دين سماوي ولا أيديولوجيا أرضية , الناس تبحث عن الخبز والكرامة .. ومن هنا فإن ما يصدر عن العمائم عن أحداث " مصر وتونس " يتوجب أن يُوضع في خانة البكتريا , جميع العمائم سنية وشيعية وبدوية التي أدلت بدلوها عن أحداث " مصر وتونس " يتوجب أن تُوضع في حاويات القمامة . ( يعني مجرد تذكير : المُفتي السعودي صرح عن الأحداث , المرشد الإيراني وكذلك عمامة حسن نصر الله , وكذلك جماعات القاعدة . جميعهم أدلوا بدلوهم ) .. أولئك النغول هُم أبعد المخلوقات عن مفاهيم الحرية والكرامة والواقع البرلماني الدستوري... حذار حذار حذار أن يدخل نغول الدين السياسي في التغيرات المُرتقبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA