الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماهير المصرية تقول كلمتها.. وحدها!

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أن يقوم الرئيس المصري قبل عشرة أيام، وفي أول ردّ فعل له على التظاهرات الشعبية المطالبة بالإطاحة به مع أركان نظامه، بتعيين عمر سليمان نائباً للرئيس، ومسؤولاً عن الحوار مع المعارضة ودراسة تطبيق الإصلاحات، والإصرار عليه بعد كلّ هذه المدّة من رفض الجماهير الشعبية له ولحواره، فإنّ النظام المصري غير جدّي أبداً حتى بالتجاوب مع أدنى المعايير الإحتجاجية.

عمر سليمان، ليس مهماً الإسم أو الصفة أو المهمة المكلّف بها اليوم والمهمات التي كلّف بها سابقاً. فالمسألة حالياً، وقبل تصريحه الشهير حتى بعدم استعداد الشعب المصري للديمقراطية! تتعلّق بإرادة الجماهير وزخمها وقدرتها على الوصول إلى خلع الرئيس مع نظامه القائم، ومن ضمنه عمر سليمان وآخرون غيره! فلماذا يقبل المحتجّون بمحاورته؟ ولماذا قبل من قبل من الأحزاب بمحاورته؟ وهل نشهد اليوم نوعاً من اللعب بورقة المعارضات التقليدية قمعاً للجماهير من الداخل، وتحقيقاً لمصالح فئوية على حساب القتلى والجرحى والمقهورين ممّن احتجوا وما زالوا منذ أواخر الشهر الماضي يطالبون بالرأس الأكبر للنظام؟

أمّا السؤال الأوّل فهو سؤال بلاغي لا غير، والجماهير المصرية التي نزلت بدمائها وأرواحها وتحديها لكلّ قوى الأمن والقوات المسلحة والبلطجية في شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس والمدن الأخرى، إنّما نزلت بهدف أساسي واحد لا غير تندرج كلّ المطالب الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والشبابية والتربوية والتنموية في إطاره؛ هدف إسقاط النظام برأسه الأكبر ورؤوسه الأصغر. وطالما أنّ الهدف كذلك لديهم نشاهده كلّ يوم على يافطاتهم ونسمعه بأصواتهم ونقرأه في مجموعاتهم الحوارية الإلكترونية، فإنّ أيّ حوار معهم، قائمٍ على الإبقاء على النظام لن يجدي أبداً، ولو غلّف بما غلّف به من وعود رئاسية بعدم ملاحقة من شاركوا بالتظاهرات! وكأنّ النظام المصري ما زال يؤمن بأنّ من نزلوا إلى الساحات خائفون منه ومن أزلامه وسلطته الواهية بما حملت من أسلحة وما ضمّت من بلطجية!

أمّا السؤال الثاني فهو منوط بالأحزاب المصرية، والشخصيات والقوى المعروفة بالمعارضة. والجواب لا بدّ أن يأتي منها بالذات، من الذين شاركوا في الحوار الذي دعاهم إليه سليمان. ولا شكّ بأنّ اندفاع من شارك في ذلك الحوار إلى المشاركة، ولو برّأ نفسه بعدها بادعاء "اختبار نيّات النظام" يضعه في موقف معادٍ للجماهير الصامدة، بشبابها وعمّالها وموظفيها ونقابييها مطالبة بعدم الحوار مع هذا النوع من السلطة. ولا شكّ أنّ مشاركة تلك القوى بالحوار، يفرض عليها التوبة إلى الجماهير والإصطفاف مع مطالبها، من دون أن يظنّ أحد أقطاب أو أحزاب المعارضة ويقنع نفسه بأنّه القائد الذي يسوق تلك الجماهير التي أرادت الحرّية من مبارك ونظامه كي تنعتق نهائياً ولا تقع تحت تسلّط جديد وطغيان أكبر، أو أصغر، لا فارق.

والسؤال الثالث يرسم أمامنا خطة النظام المصري للمرحلة القادمة، خطة بدأها النظام عبر عمر سليمان بمقولته الديكتاتورية، عن عدم استعداد الشعب المصري للديمقراطية. واستكملها أيضاً سليمان عبر قوله بأنّ الوضع في الشارع لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه، ملوّحاً بالإنتشار العسكري الذي شاهدناه اليوم في شوارع القاهرة والمدن الأخرى. وخطة تميزت بنكتة سمجة أطلقها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، الذي اتهم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون المصرية ودعاها إلى الكفّ عن ذلك، علماً أنّ أبو الغيط نفسه لم يكن يحلم مع كلّ أركان النظام المصري بالوصول إلى ما وصلوا إليه، لولا بركات كامب دايفيد، والتدخلات الأميركية المستمرة لصالح مبارك وجماعته، والدعم اللازم والدائم لاستمرار سطوته. أما رابع أركان الخطة، وربما هنالك ما هو أكثر، فهو إعادة إطلاق نكتة أخرى على لسان مندوب مصر في الأمم المتحدة، الذي ردّ الإحتجاجات والتظاهرات إلى أيادٍ خارجية، وطبعاً ليست تلك الأيادي أميركية بل معادية للأميركيين والصهاينة بطبيعة حال النظام المصري.

خطة لا بدّ سيستكمل النظام مشاهدها عبر استقطاب المعارضة التقليدية مجدداً إليه، ومحاولة إرضائها بكافة السبل، أملاً في تفريغ التظاهرات من مضمونها. وهي خطة فاشلة منذ بدايتها لأنّ النظام المصري وضع حاجباً كبيراً بينه وبين الشعب الحرّ. الشعب الذي لا يدرك مطالبه الحقيقية إلاّ من عايشه فعلاً، لا من حكمه بقبضة حديدية منذ أربعين عاماً!

مصر مقبلة على تغيير أكيد، لكنّ الجماهير التي نزلت بأرواحها وإيمانها بالديمقراطية والتعددية والحرية، هي وحدها المرجع الأكيد للثورة القائمة، وهي وحدها من سيثبت أنّ رحيل مبارك ونظامه ليس حلماً أبداً. وسيثبت أنّ تحرّكه ليس مسألة من الممكن أن يتمّ المساومة فيها. وسيثبت أنّ احتجاجاته وتظاهراته ممنوع استغلالها تحقيقاً لبعض المصالح، واستمراراً للتسلّط في بلد يثبت شعبه الحرّ كلّ يوم أنّه أهلٌ للديمقراطية أكثر ممّن يحتكرونها لأنفسهم فحسب، كما أثبت منذ انطلاق التظاهرات والإحتجاجات رقيّه في التعبير عن مطلبه الأساسي، وقدرته العالية على تنظيم أفراده، رغم كلّ التباينات بين فئاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار