الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبارك.. من اين تأتيه رصاصة الرحمة?

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2011 / 2 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الذين يتابعون ثورة مصر العظيمة ، يدركون ان شعارها الاولي والاهم باسقاط حسني مبارك قد تحقق منذ جمعة الغضب واختيار عمر سليمان نائبا للرئيس ، فهناك دلائل لا تقبل الشك ان مبارك لم يعد في السلطة ، منها قبوله بنائب الرئيس بعد ان كان يرفضه لمدة ثلاثة عقود ، ومنها اقصاء ابنه جمال عن قيادة حزب السلطة وهو الذي كان يعده خلفا له ويعمل على توريثه حكم جمهورية مصر .
مبارك نفسه ، وقبل اي شخص اخر ، يدرك ان السلطة زالت من بين ايديه وان الوقت قد حان للرحيل ، واشارته الى ان الكيل قد طاف وهو يود التقاعد الا انه يخشى الفوضى ، اشارة واضحة الى انه لم يعد يمارس مهامه لا في حكم مصر ولا في قيادة الحزب الحاكم .
رجال مبارك المحيطين به من المحسوبين على النظام، انفسهم لم يعد يخفون ان رئيسهم ليس ضروريا لحكم مصر وممارسة صلاحياته كرئيس دولة ، انما يتعللون بامكانية حدوث فراغ سياسي في حالة رحيله المبكر ، بل ان معظمهم لا يكنون اي احترام للرئيس المخلوع ، لقد تحدث وزير خارجيته ، احمد ابو الغيط ، بالامس قائلا ان شيخوخة الرئيس احد اسباب الحركة الاحتجاجية ، وتحدث قبله احمد شفيق رئيس الوزراء وقال الرئيس يعتبر بحكم المتنحي لكن ( نحتاج اليه ) لاجراء عملية التنقل السلمي للسلطة ، على حد زعمه ، ورفض عمر سليمان ان ينقل مبارك سلطاته اليه لان ذلك لا يخوله تعديل الدستور ، وان تنحي مبارك لا يجعل منه رئيسا لان الدستور يوجب تولي رئيس مجلس الشعب مقام الرئاسة في حالة خلوه ، وبمعنى ان مبارك لم يعد في السلطة الا بسبب اصرار اقطاب النظام على عدم ترحيله حتى يتسنى لهم انقاذ ما يمكن انقاذه من مؤسسات النظام والافراد المحسوبين عليه ، وبمعنى اخر ، لا نستبعد ان مؤسسة النظام قد فرضت طوقا على مبارك وجعلته في غرفة التنويم المغناطيسي لفرض املاءاتهم عليه وجعله يتصرف وفق اجندة اقطاب النظام وهو في حكم الاسير عندهم .
من ناحية اخرى ، السياسة الامريكية مترددة في الافصاح عما يجب ان يفعله مبارك ، فبينما كانت ترى ، في الايام الاولى من الثورة ، ان حكمه مستقر ، وان الادارة الامريكية لا تنحاز الى حكومة مصر او الى المحتجين ، شهدنا اياما طالبت فيها الادارة بوجوب اجراء التغيير حالا مما يعني رحيل مبارك ، وعادت الادارة الامريكية في هذه الايام لتخفيف لهجتها تجاه بقاء مبارك في الحكم لفترة اخرى ولو بصورة رمزية .
من جانبها تعمل اسرائيل وبعض الدول العربية بما فيها السعودية والامارات لادامة حكم مبارك الرمزي وابقائه على رأس النظام حتى لا ينهار هذا النظام كله وتبقى السياسة المصرية كما كانت في عهد مبارك .
اما الشعب المصري فأنه ، وعلى ما يبدو ، لا يتزعزع عن موقفه وهو مصر على رحيل مبارك ، وربما محاكمته ، قبل ان تعود الاوضاع الطبيعية وتتخلص مصر من حاكم مستبد ونظام قمعي جائر ، ويوما بعد يوم يبرهن المصريون انهم اصحاب القرار في بلادهم ، فلا النظام يمكنه البقاء ، ولا امريكا تقرر متى يكون الرحيل ، ولا اسرائيل والدول العربية المتخلفة بامكانها رسم صورة الحكومة المصرية القادمة.
وبين هذا وذاك ، يحتضر حسني مبارك وينتظر ان تأتيه رصاصة الرحمة من احدى هذه الجهات ، ينتظر ان يقتنع اركان النظام ، بان الثورة تعني اول ما تعنيه نهاية نظام واحلال نظام اخر ، فيفكوا اسره ويدعوه يرحل حيثما رحل الشاه وزين العابدين .
ينتظر ان تقتنع اسرائيل والدول العربية ان ما هو قادم قادم ،وعليها التعامل مع هذا القادم الجديد وان تسبب في انهيار الانظمة المستبدة في الشرق الاوسط ، او اجبر اسرائيل على اعادة النظر في غطرستها .
انه ينتظر ان تنتبه ادارة اوباما لمصداقية الولايات المتحدة فتنحاز فعلا وقولا الى المطالبين بالحرية والديمقراطية في العالم الاسلامي، فتسحب الغطاء عن الانظمة الدكتاتورية .
انه ينتظر ان تشتد الثورة في مصر وان تتحرك خارج ميدان التحرير وتشتعل قطاعات اخرى فيسقط القصر الرئاسي .
انه ينتظر ان تثور ثائرة الجيش فينظم الى الشعب ويمسك بذراع الرئيس ويقوده الى المطار ، قائلا له اختر الجهة التي تناسبك .
حسني مبارك هو الرابح في كل هذه الفرضيات ، لان بقاءه في صورة المومياء قد تكون لها عواقب اخرى تفقده حريته وربما حياته وقد تجرده من ثروته التي جمعها ( بشق الانفس )! في السنين الغابرة وانفق شبابه في سبيلها .
فمن يطلق رصاصة الرحمة اولا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا