الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أوهام الثورة

مناف كريم

2011 / 2 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


إن ما وصلت اليه الثورة في مصر من التوسيع الرائع لقاعدتها الجماهيرية واسلوبها الناضج في تعاملها مع السلطة أدهشت الجميع. لكن هنالك أوهاماُ بين صفوف الطبقات الأجتماعية المقهورة وقادتها الميدانيين قد تمنع الثورة من تحقيق أهدافها.

من أولى هذه الأوهام هو الأيمان الأعمى بولأء الجيش للشعب ونسىيان ماهية الجيش. حين يهتف عشرات الألاف من "ساحة الشهيد" ويطالبون بتدخل الجيش يتجلى ضخامة هذا التوهم. هل ولاء هذا الجيش للشعب؟ أليس قائده وزير دفاع في نظام مبارك الى ساعتنا هذه. الم يكن حرياُ بقائد هذا الجيش الوطني أن يقدم استقالته عند القمع الدموي للثورة وإطلاق البلطجية ضد الشباب والشابات العزل. اليسوا قادة هذا الجيش من يجتمعون بشكل دوري بالقيادات الأمريكية؟ الم يكن هذا الجيش موجودا في مصر في فترة الثلاثين سنة من حكم مبارك ونظامه الدموي؟ هل كان بوسع مبارك أن يصول ويجول في البلاد كما يشاء ويطلق يد أزلامه لنشر الخوف والرعب وشراء الذمم، لولا مباركة الجيش له ومساندته.

إن من المدهش في هذه الثورة هو أنها رغم قوتها الجبارة لاتريد الأخذ بزمام السلطة وفرضه على كل القوى المعادية للثورة بما فيها الجيش كواقع مسلم به. إن قيادة الجيش بحاجة اكثر لشرعية الثورة ومجاملتها من حاجة الشعب له. إن حاجة الجماهير الى الجيش هي حاجة وهمية، وإن من يعمق هذا الوهم هو القوى والأحزاب البرجوازية والرجعية الدينية ذات الولاءات الأمبريالية التي لاتريد للثورة أن تستمر وتنضج وتخلص العمال والكادحين وكل التواقين الى الحرية في مصر من الظلم والعبث بحياتهم ومستقبلهم هم أولادهم. نرى الأن كيف ترتفع صيحات هؤلاء لتدخل الجيش بدعوى حماية الشعب. لكن الهدف هو حمايتها للمصالح الأمريكية والأرتزاق بها. هل ياترى من الصحيح إضعاف الشعب الذي الأن في قمة قوته وإخافته من حفنة من الحرس الجمهوري وهل ياترى الحرس الجمهوري من الحماقة أن يواجه شعباُ قرر أن يغير وجه مصر السياسي ويضع نفسه أمام كارثة ستبيده الى الأبد. إن الشعب الذي هزم الشرطة وقوى الأمن لا يجوز له أن ينجر وراء هذه الصيحات ويخنق الثورة بتسليمها الى الجيش.

إن غالبية الساسة المصريين والجيش وكذلك الأخوان هم جميعاُ مندمجون في منظومة النظام القديم والعقلية السياسية التسلطية التآمرية القديمة. فأنهم مشمولون بشعار "إرحل" كما حسني مبارك.

ثاني الأوهام هو رفع المطالب و التعامل مع الثورة بعقلية المتظاهرين. إن من يثور سيدخل في علاقة جدلية جديدة مع السلطة علاقة لاتعرف المهادنة ولاالمصالحة فتقدم الثورة ونموها والتصعيد في شعاراتها هي من السرعة بدرجة لايمكن للسلطة مجاراتها والسيطرة عليها. إن من يرفع المطالب يترك بينه وبين النظام خيطاُ من الأوهام قد يستدرج به الى الخديعة. مع الشروع بالثورة تنتهي المطالب ولا تبقى إلا الشعارات والأهداف والعمل الدئووب لحشد الجماهير وجمع القوة وخنق النظام.

ثالث الأوهام هو التوهم بالنظام البرلماني النيابي، والفضل في هذا يعود مرة أخرى للساسة المتقادمين والمثقفين ذوي النزعة الديمقراطية العمياء، الذين لم يتعرفوا على الديمقراطية إلا النيابية منها التي شاخت في أوروبا وهي في طريقها الى الزوال. إن الديمقراطية النيابية بصبغتها المتعارف عليها ما هي إلا استمرار لنظام مبارك ولكن "بدفعات". سيأتي حزب على شاكلة حزب مبارك ورئيس بقيافة مبارك ليحكمنا لمدة أربعة سنين ويفعل بنا ما يشاء ثم يرحل ويأتى مبارك آخر وهكذا تستمر لعبة المخادعة من جديد. لا أظن بأن الهدف الكامن وراء هذه الثورة العملاقة وكل التضحيات هو هكذا ديمقراطية بخسة وهزيلة. إن أصدق ديمقراطية هي سلطة هذه الملايين التي تلزم الشارع منذ 25 يناير الماضي وتزلزل أركان النظام. إيجاد طريقة لتنظيم وتقنين هذه السلطة هو ما يجب أن يصبح الشغل الشاغل لجميع طبقات وفئات المجتمع المصري بعد الثورة. إن الشعب المصري يمارس الأن سلطته وهذا هو مصدر كل الأدعاءات السياسية والدساتير. وعلى من يريد الأرتقاء بفهمه السياسي ليحضر الى ميدان التحرير ويتعلم الدروس في أروع نوع من الديمقراطية.

رابع الأوهام هو شرعية الدستور المصري. إن الدستور هذا لم يتمتع بأي شرعية قط ويعرف الشعب المصري هذه الحقيقة أكثر من غيره. على الجماهير الثائرة عدم الأستماع الى الأقوال البائسة لعمداء متقاعدين وأمثالهم من ساسة عن الشرعية الدستورية وما الى ذلك.
إن الدستور لم يفقد شرعيته مع شروع الثورة فحسب، بل حين شرع وفرض على الناس كوسيلة قمع وآستعباد.

إن لم تنجح الثورة في فرض هذه ديمقراطية الشعب، أي سلطة الشعب المباشرة، فعليها أن لا تجنح لأقل من الديمقراطية المباشرة المتبعة في سويسرا وهي أضعف الأيمان.

عاشت الثورة
عاشت الحرية والمساواة والحكومة المجالسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وبعد
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2011 / 2 / 11 - 22:18 )
أعتقد اني أتفق مع الاطار العام لمقالك على الاقل في الجانب النظري من الموضوع المتعلق بىفاق الثورة في مصر وتونس والتي أعتقد أن السلطة فيهما يجب أن تمارس من خلال المجالس الشعبية الي شكلت والتي يمكن أن تفضي الى برلمان حقيقي أوعلى الأقل الى نواة حزب ثوري يقود هده الثورة الى نتائجها المأمولة والموضوعية وقد ناقشت هده المسألة في أحد مقالاتي السابقة بشيء من التفصيل.الا أن ما أختلف معك فيه هو حول مجموعة التكتيكات التي يمارسها الثوار بميدان التحرير والتي لايمكن تقييمها تقييما علميا ونحن بعيدين عن تعقيدات الموقف وصراع القوى في داخل الثورة، المهم بالنسبة لي كمتابع أن الثوار في دلك الميدان كانوا موفقين الى حد بعيد في مجمل تكتيكاتهم فما تسميه وهما قد يكون تكتيكا من زاوية أخرى خصوصا أن الثورة في بدايتها بعد سقوط الديكتاتور .وفي كل الثورات يتم الاستناد الى بعض المؤسسات العائدة للنظام البائد خصوصا في البدايات .رفيقي الثورات هي صيرورة وليس معطى جاهز وهي ليست كبسة زر أو أزرار فالثورة الروسية مثلا دامت مدة تفوق 12سنة .المهم أن الخطوة الاولى أنجزت والثوار في كطل مكان يحتفلون.فهنيئا لنا هدا الانجاز الاولي

اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت