الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الإستتناء المغربي

حسن طويل

2011 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل الزخم التي فرضته ثورتي تونس و مصر ,كثر الحديث عن إمكانية إنتقال العدوى الصحية إلى مختلف البلدان العربية ومن ضمنها المغرب . فظهر من جديد مدعي الإستتناء و الخصوصية ومحبي لي الواقع ليكون ملائما لعقولهم و في أغلب الأحيان لجيوبهم.منذ أواخر التسعينات و مجيء ما سمي آنداك في المغرب حكومة التناوب التوافقي و إنتقال الحكم من الملك الحسن الثاني إلى إبنه محمد السادس ,عرف المغرب مجموعة من الخطوات تمثلت في إحداث هيأة الإنصاف و المصالحة ونوع من حرية التعبير ضمن حدود مايسمى الخطوط الحمراء و أولها الملكية المقدسة و رجوع بعض المعارضين و في مقدمتهم المناضل اليساري السرفاتي وفك الإقامة الإجبارية على شيخ الجماعة الدينية العدل و الإحسان ودخول جزء من الحركة الإسلاموية التي تعرف بملكيتها أكثر من الملك إلى حزب معترف به ,كما تم جبرالضرر لمجموعة من المعتقلين السابقين خاصة معتقلي تازمامارت و إنطلاق ما يطلق عليه رسميا الورشات الكبرى المثمتلة في بناء الطرق والمشاريع الكبرى المتطلبة لميزانيات ضخمة وحملات محاربة الفقر التي إبتدات بتوزيع الحساء و أنتهت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.عرف المشهد السياسي المغربي موجة من المفاهيم مثل المفهوم الجديد للسلطة ,الحكامة الجيدة,الملكية المواطنة ...هذه الخطوات جعلت من النخب المهيمنة تخلق أسطورة الإستتناء المغربي بإعتباره ’جزيرة للديمقراطية’ وسط صحراء الدول العربية. ولقد عاد هذا الخطاب من جديد في مواجهة زحف الإنتفاضات التي تعرفها بعض الدول العربية ,وهو في عمقه تعبير عن خوف النخب المسيطرة و نوع من النفي المرضي للواقع البئيس الذي يعيشه المغاربة.فهل ماعرفه المغرب يعد فعلا إصلاحا سيا سيا و إجتماعيا وإقتصاديا يجنبه إنتفاضة شعبية مطالبة بالتغيير ؟ و هل الشعار الدي حمله نظام محمد السادس ’التغيير ظمن الإستمرارية ’ غلب الإستمرار على التغير؟والسؤال المفصلي : هل يمكن الإصلاح بدون تفكيك البنية المخزنية للنظام المغربي بإعتبارها النواة الصلبة لكل مستويات البنية الإجتماعية السياسي و الإقتصادي والثقافي؟
المخزن هو نظام يعتمد على حكم فردي مطلق مشخصن للسلطة يعتمد في مشروعيته على مفهوم البيعة و النسب الشريف و إمارة المؤمنين و تخرق الإزدواجية جميع مستويات الدولة و أجهزتها حيث هناك عمق تقليداني يعطي الملكية الصلاحيات الحقيقية و شكل حديث هو فقط للواجهة . فالدستور أحدهما ظمني أساسه صلاحيات المؤسسة الملكية في حقيقته يلغي ما جاء به الدستور الشكلي (الفصل19 هو دستور لوحده يعطل جميع المواد الأخرى) و تزاوج بين المؤسسات المخزنية من سلطات المحلية (العمال -الولاة-الباشوات- القواد..)و مؤسسات (الوكالات التنموية-المؤسسات التنفيدية التي توجد تحث سيطرة الملك) و المؤسسات الشكلية من حكومة و برلمان و منتخبين محليين و التي هي في الأخير بحكم القانون و الواقع تحث و صاية المؤسسات الأولى.في ظل نظام مثل هدا ,تهيمن ميكانيزمات التقليد على التحديث و يصيب الشكل الباترمونالي للدولة كل مناحي الحياة ؛ فالدولة تختزل في الملك و المسؤوليات المهمة تعطى على أساس الولاء و الطاعة للملك و يصبح التنافس على أساس خدمة الملك (فحتى رقم تلفون الملك يصبح مدعاة للإفتخار هدا ما قاله بكل طفولية الوزير الأول) ,ببساطة الدولة تتشخصن في الملك.إن ما عرفه المغرب من ’إصلاحات’لم يمس هدا الجوهر و هي في حقيقتها كانت شكلية لضمان المرور السلس للسلطة من الملك الأب المتوفي إلى الإبن . فالمغرب لم يعرف إصلاحات دستورية وحثى ماسمي بطي صفحة الماضي كانت للإستهلاك الإعلامي حيث لم يتم متابعة المسؤولين عن هده الإنتهاكات و لم يتم حتى إعتدار الدولة و لم ينفد توصيات هيأة الإنصاف و المصالحة أما بخصوص الإنفراج في حرية التعبير فيمكن تلخيصها كمايلي -قل ماشئت و لا تتكلم عن الملفات الحقيقية للبلاد- أي تعبير فارغ من حريته, و لقد تم التراجع حتى عن هدا رغم علاته .فأستمر الطابع الريعي للإقتصاد و توحش أكثر بتشجيع الإستهلاك المبني على القروض ذات الفوائد العالية من طرف شركات القروض التي تعتبر وفا سلف و إيكدوم احدى اكبر مصاصي الدماء و هي تابعة للممتلكات الملك ,و بناء السكن الإجتماعي و إحتكار شركة الضحى لهدا الملف و إدخال المواطنين -خاصة-الطبقة المتوسطة في كرة ثلج جهنمية من القروض للتمكن من شراء منازل رديئة -قبور الحياة- بأثمنة غالية ,مما أدى إلى تفقير شديد للطبقة الوسطى و بؤس الطبقات الشعبية نتيجة غلاء المعيشة و إستغلال طبقات برجوازية رثة و ليبرالية متوحشة إقتصادية طفيلية إختلطت لديها نتيجة -فكرها الماقبل الرأسمالي,وعقليتها الريعية - بين البقرة التي تعيش في ضيعاتها والدولة .فأنعكس هذا و تجسد في أرقام كارتية في مؤشرات التعليم و التنمية البشرية و الصحة و الفقر و الفساد و البطالة خاصة حاملي الشهادات الدين أصبحوا يقطنوا شوارع الرباط للإحتجاج.أما المشاريع الكبرى فهي زيادة على عدم توجيهها للتنمية و إنعكاسها على حياة البؤساء ,تكلف الدولة ميزانيات ضخمة ترجمت بتصاعد مهول و مرعب للقروض الخارجية.
لقد سمى البنك الدولي مرة الوضع في المغرب باللغز المغربي ,أظن أن هذا الغز اصبح عبثا ؛فهو بلد تعلن فيه أرقام رسمية عن النمو لا تترجم إلى تنمية و حملات محاربة الفقر ميزانية بيروقراطيتها و لجانها أكبر من نتائجها(المال المخصص لحملات توزيع الحساء أكثر من ثمنه) و أحزاب سواء معارضة أو موالاة تتنافس على رضا الملك و من هو الأكثر خدمة له,و كلام عن الفساد بدون آليات عملية لمحاربته وسجن من يفضحه(حالة المناضل الخياري)و حتى تقارير المجلس الاعلى حول الفساد لا يتم التعامل معها سواء في الحكومة أو البرلمان,وحديث عن الريع و الأستمرار في تشجيعه ,ووجود برلمان تحده صلاحياته و تعبث به لامبالاة نوابه(وصلت هده اللامبالاة لدرجة من الإستهتارالإستعراضي حيث صوت على ميزانية البلاد عدد قليل جدا من النواب)و إفلاس نخبه بتزوير الواقع و السعي إلى المناصب و لو كانت فارغة وصعود نجم الشعبويين (نيني و شباط مثالين جيدين لذلك)لا يجدون أدنى مشكل في خرجاتهم المتناقضة.
إن الإ ستتناء المغربي مجرد شعودة ؛فالتفقير الممنهج للطبقات الوسطى و بؤس الفئات الشعبية ,و تزاوج السلطة والمال وإفلاس النخب و الأحزاب و غياب الحريات الأساسية و عدم الإنبتاق من مفهوم الرعايا إلى مفهوم المواطنين هي كلها عوامل تتضافر لتصنع المطالبة بالتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بدون استثناء
محمد المغربي ( 2011 / 2 / 12 - 01:17 )
اودي نوضو انحرو البلاد من الحشرات المضرة وخليونا من الاديولوجيات والتحليلات الخاوية.قادين نديروها،اقسم لكم اننا نقدوا عليها وفي ظرف وجيز.لنكنس الخونة وننعم بحريتنا وثروات بلادنا وقراراتنا السياسية.لا تعيروا اهتماما لمهللي المخزن فنحن ابناء هذا الوطن سنسقيه بدمائنا ليتفتح فيه الورد وندفن الخوف بالموت السعيد.لنا تاريخ عريق ومتسلسل في تقديم القرابين للثورة على الاستبداد ٥٨ ـ ٥٩ ـ ٦٥ ـ ٧١ ـ ٧٢ ـ ٨٠ ـ ٨١ ـ ٨٢ ـ ٨٤ ـ ٩٠ فهيا بنا لنتوج هذه المسيرة بمعركة فاصلة نتخطى بعدها الى الافق الواسع


2 - هل المغرب قادم؟
محمد أبو الطيب ( 2011 / 2 / 15 - 15:14 )
إشادة مراكز القرار في أمريكا وأوروبا ما قبل الثورتين المباركتين في تونس ومصر كانت نذير شؤم على بن علي ومبارك.. نفس هذه الأوساط تشيد حاليا كاستثناء لكونه -أنجز- العديد من الإصلاحات وكتجربة نموذجية في مقاومة الإرهاب وتعرفون المعزوفات الأخرى التي تطبل بها أبواق الدعاية الغربية لمصلحة الأنظمة التابعة المحافظة على مصالحها.. أفلا يكون هذا الإطراء فال شؤم على الاستبداد المخزني المخملي بالمغرب؟
وحدها إرادة جماهير الشعب المكتوي بموجات الغلاء الفاحش - تغذية في حدودها الدنيا تقدر ب 100 درهم يوميا لعائلة مكونة من 4 أفراد مع حد أدنى للأجور لا يتجاوز 1350 درهم بعد الاقتطاعات-، وتردي قطاع الصحة العمومي بشكل مهول - ضرب مجانية الخدمة الصحية وسريان الفوضى والرشوة كالهشيم- وتدني التعليم العمومي بشكل لا يصدق - في حين يتبجح مسؤولو التعليم في جهاز الدولة عن الحديث عن إنجازاتهم في الرقي بالتعليم ويسرقون في واضحة النهار وبلا رقيب ميزانيات إصلاحاتهم- وازدياد نسب البطالة بشكل غير مسبوق -لا يغيرنكم إحصائياتهم حول نسب البطالبة فهم يحسبون أيضا حتى المتسولين كفئة نشيطة- ... هي الذي ستحدد زمن المعركة وأهدافها

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح