الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب أراد تغيير النظام... فتغير!

شريف مليكة

2011 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



أخيرا!
وفي اليوم الثامن عشر من ثورة الشعب المصري ضد الظلم والقهر والفساد، انتصرت إرادة الشعب ضد النظام، واضطر محمد حسني مبارك على الخروج من السلطة مهزوما منكسرا ذليلا، بعد أن أهان الشعبي المصري برمته، بثلاثة خطابات لم يكترث خلالها بإرادة الملايين، ولم يعبأ في محتواها سوى بشخص واحد هو "حسني مبارك" كما قالها بنفسه عدة مرات في خطابه الأخير. أعلن نائبه السيد عمر سليمان عن تنحيه عن السلطة التي انتقلت إلى المنظمة العسكرية بصورة مؤقتة لحين استتباب الحياة المدنية والسياسية من جديد بمصر.

إرادة الشعب!
أستغرب وقع الكلمة في أذناي. لقد تعودت طيلة عمري أن أستمع لتلك الجملة: "إرادة الشعب" تعبر في الحقيقة عن إرادة النظام! سنفعل هذا وذاك تلبية لإرادة الشعب، وهم يتحدثون عن القيام بمغامرة عسكرية، أو سياسية، أو اقتصادية، تعبر عن إرادتهم هم، ويتحمل الشعب وحده عواقبها الوخيمة. سلسلة من الهزائم والويلات، وكم من الفساد والخراب، نال من شكل وروح وإرادة الشعب المصري على مدى ستين عام من حكم العسكر، لم أدرك أوله ـ بحكم السن ـ ولكني أشهد نهايته الآن. كنت أظن ـ لطيلة، وكم، ما ألم بالشعب المصري من ويلات ـ إنه مات! فكرت بأنه لم يعد قادرا أن يهب من جديد ليرفض ويقول لا.. كتبت كثيرا عنه أستنفر فيه أصالته وتاريخه وحضارته ليثور ويغير قدره، لأنني بصراحة آمنت بقوته وتفرده وبحضارته، حتى اتهمت حتى من أصدق الأصدقاء بالتعصب!

تحيا مصر!
مصر لم تمت إذن، ولكنها ربما كانت نائمة، أو مغيبة بشكل ما. صبرت مصر لعل الغمة أن تنزاح. صبرت مصر لعلها تصحو ضمائر حكامها ويدركوا عراقة وأصالة وقوة هذا الشعب المصري العظيم، فيرفعوا أياديهم عنها لأن اليوم قد يجيء وتصحو إرادة الشعب من جديد وتنتزعهم انتزاعا من كراسي الحكم الذي وضعتهم فوقها الأقدار بمحض الصدفة وحدها وفي غفلة من الزمن. حقيقي أنني لم أبصر بعيناي شعب مصر وهو ينتخب الوزراء وأعضاء مجالسها النيابية، كما يطيح بمن يخالف إرادتها بعدها قبل الثورة، ولكني طالما ما قرأت عما كانت عليه مصر وشعبها حينها وكأنني أقرأ وأتعرف على مصر أخرى لم أعرفها أو أعايشها. والآن يصرخ شاب مصري من جديد: قم يا مصري! فيصحو الشعب المصري من جديد، وتقوم معه مصر برمتها، فتطيح صحوتهم برئيسهم الذي قبع فوق كرسي حكمه لثلاثين عام، كما كان يلوح بمدها لستة سنوات جديدة، بالرغم من تشدقه بنفي ذلك بكل غرور، وهو يقف أمام الكاميرا يخاطب الشعب المصري في غرفة بمكان ما وهو لا يجرؤ أن يواجههم علانية.

وماذا بعد؟
سؤال ملح يتواثب إلى ذهني وأنا أبصر الصواريخ والألعاب النارية وهي تعانق نجوم سماء القاهرة وسط هتافات الجماهير الحاشدة وزغاريدهم. فرحة عارمة لا توصف. هذه هي المرة الأولى أن يسمع العالم بأثره صوت مصر الحقيقي، وليس صوت زعمائه أو سفرائه بشتى الأنحاء، ولكن صوت الشعب المصري من داخل شوارع وميادين مصر. والمعجزة هو أن ما حدث كان في إطار سلمي وحضاري إنحنى أمامه العالم أجمع. وعصر الحزن قلوب العالم أجمع حينما قوبلت هذه الثورة البيضاء بسفك لدماء ثلاثمائة من الشهداء. أرى إنه ينبغي لهؤلاء الشباب وهذا الشعب العريق أن يتسلم الراية اليوم ليقوم بالتغيير الذي هبوا من أجل تحقيقه قبل نحو ثلاثة أسابيع. رقص قلبي في صدري وهم يصرون ـ في قلب التظاهرات ـ على إنشاء قواعد الدولة المدنية، والديموقراطية الحقيقية، بحريتها ومساواتها وثقافتها واستنارتها، فالتف حولهم المتكالبون من أعضاء الأحزاب العقيمة البائدة، وحركة الإخوان المسلمين المسيَّسة، ورتل من المنتفعين والمتثالبين، يتصارعون على قطعة من الكعكة كما أشار أحد قادة الثورة.

كلمة أخيرة!
إلى المؤسسة العسكرية التي تقود مصر خلال هذه المرحلة الإنتقالية. صفحات التاريخ تكتب بأياديكم هذه الأيام والأسابيع والشهور. ومستقبل مصر في القرن الواحد والعشرين وما بعده يعتمد على كل خطوة تخطونها. لم أكن أقصد مدحا أو تشدقا بهذه العبارات، وإنما مسؤولية جسيمة لا أحسدكم عليها، وإنما أناشدكم أن تتسلحوا بالحكمة وبالصلابة، بالصبر وبالكفاءة، بالحزم بالمرونة، حتى تعبرون بمصر من خلال دستور جديد وانتخابات شعبية شفافة لاختيار حكومة جديدة ورئيس جديد يحكمها لفترة ثم يرحل ليعقبه رئيس جديد، لأن مصر تستحق منكم ذلك وأكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي