الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوائق التغيير في سوريا

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2011 / 2 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مع ازدياد موجة التغيير في العالم العربي ، يبدو أن التغيير في سوريا ، أقل تسارعاً واستجابة عما هو عليه الحال في كثير من البلدان العربية ، ولو أن التغيير ، وليس الإصلاح ، بات مطلباً ملحاً لفئات واسعة من المجتمع السوري .
فالعوائق التي تحول دون تسارع موجة التغيير في سوريا كثيرة وعديدة ، ويمكن حصرها في شقين أساسين .
الشق الأول ، يرتبط أشد الارتباط في الشأن الداخلي ومن أبرز نقاطه :
1- الخوف الذي يتجلى في صورة القمع والاعتقال والتعذيب الوحشي ومصادرة الحريات والضرب بيد حديدية ، لا تميز بين كبير أو صغير، ولا تضع حداً لحرمة الآخرين وكراماتهم ، ولعل أجل صوره التي لا تغيب عن العقل الجمعي العام .
* مجزرة سجن تدمر.
* قصف مدينة حماة وإبادتها بسلاح الجيش.
* قصف قرى متفرقة من محافظتي حلب وإدلب.
* مجازر متفرقة على مدى ثلاثين عاماً ضد الأكراد، وخصوصاً في مناسباتهم القومية ( النوروز) وأسوأ أشكالها المجزرة الرهيبة التي تعرضوا لها في القامشلي عام 2004.
2- الطائفية السياسية والمذهبية التي يلتصق بها النظام عمودياً وأفقياً ، بل ويعتمد عليها في تدعيم قوته وتحصين بقائه بما يعزز سطوته في الحكم ، والطائفية نقطة ارتكاز أساسية في بنية نظام الأسد ، ليس لها مثيل في مختلف أنظمة الحكم العربية ، لأنها تعتمد على تطييف هياكل الدولة وتستمد قوتها من المؤسسات التالية :
* مؤسسة الجيش بكامل عتادها الحربي وتشكيلاتها المختلفة .
* مؤسسة الأمن بفروعها وأجهزتها المتعددة .
*مؤسسة الإعلام بشقيه الحكومي والخاص .
الشق الثاني ، وهو الذي يرتبط بالشأن الخارجي ومواقف الدول الإقليمية، التي على ضوء موقفها من سياسات النظام ، يتحدد مسار التغيير ، ومن أبرز تلك المواقف .
1- الموقف الإسرائيلي، لا يغفل على أي مراقب ، ما لدى إسرائيل من حضور إقليمي فاعل ، تعزز حضوره بمرور الزمن في منطقة الشرق الأوسط ، مع ازدياد المكاسب الجيوسياسية التي حققتها إسرائيل بفعل قوتها العسكرية، ومن خلفها الدعم الثابت من القوى العظمى على الساحة الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي .
إسرائيل التي تعيش على نظرية الأمن المطلق، تضع في سبيل تدعيم تلك النظرية كل إمكانياتها المادية والبشرية ، فالأمن بالنسبة لإسرائيل ، الشغل الشاغل ، وهاجسا البقاء والوجود ، يرتبطان بالأمن الداخلي (المدن) وبالأمن الخارجي (الحدود) ولهذا تقدر إسرائيل لنظام الأسد كل التقدير لهدوء جبهتها الشمالية ، منذ ما يزيد عن 38 عاماً ، فهي ( إسرائيل ) ليست بحاجة لإعادة فتح تلك الجبهة في ظل احتلالها الدائم للجولان السوري ، كما أنها تفرق جيداً في شكل الصراع وحدته ، بين أن يكون صراعاً مع منظمة ( حزب الله ) أو مع دولة ( سوريا ) .
وبالإضافة إلى عامل الأمن الذي يوفره النظام السوري لإسرائيل بشكل غير مباشر ، ثمة عامل آخر ، أكثر أهمية ويتمثل في حالة اللا سلم واللا حرب ، بما يعني التنازل شبه النهائي عن المطالبة باستعادة الجولان ، إن سلماً أو حرباً .
وطبقاً لهذا الموقف الإسرائيلي الواضح المعالم ، لا تحبذ إسرائيل تغيير نظام الأسد واستبداله بنظام آخر، حتى لو كان أكثر سلميةً وأمناً من نظام الأسد ، فالقمع والاستبداد الذي يفرزه نظام الأسد ، يحقق مكاسب كبرى لإسرائيل من أهمها :
* ضمان تفوقها العلمي والعسكري في ظل غرق المجتمع السوري في بحور القمع والتخلف .
* التأكيد على أنها واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط الراكدة مياهه في برك الاستبداد .
2- الموقف الإيراني ، وهو أحد محاور القوة الإقليمية في الشرق الأوسط ، وله في هذا الصدد مصالح كبرى تتعدى حجمه الطبيعي ، ولنظام الأسد علاقات تاريخية – تحالفية مع إيران ترجع إلى عام 1979 ، وهو العام الذي وصل فيه رجل الدين الإيراني علي الخميني بعد خلع الشاه .
البعض في إيران يرجعون التحالف مع النظام السوري إلى أسباب طائفية بحتة ، لكونهما ينتميان عقدياً إلى ذات المذهب الشيعي رغم تفرعاته وتشعباته .
والبعض الآخر في سوريا ، يرون أن أسباب التحالف بين النظامين، سياسية في المقام الأول، ويدللون على ذلك باختلاف أيديولوجيتهما .
وأياً كانت أسباب التحالف ودواعيه ، فإن الحضور الإيراني في سوريا ، بات أمراً واقعاً لا يمكن تغاضيه أو تجاهله، وهو حضور لم يعد محصوراً في مجالات السياحة، بل تعدى ذلك إلى المجالات العسكرية والأمنية، عبر انتشار القواعد العسكرية والمقرات الأمنية ( الباسدران) الحرس الثوري ، وكذلك في المجالات الاقتصادية من خلال المشاريع الصناعية والاستثمارات في مجال النفط والسيارات والمركبات ، إلى أن وصل إلى مجالات التبشير المذهبي من خلال غض النظر عن تشييد الحسينيات والحوزات والمزارات ، رغم أن نظام الأسد يقدم نفسه على أنه نظام علماني .
كل هذه الأسباب وغيرها ، تشكل عوائق أمام حركة التغيير في سوريا ، على أن التغيير إن حدث في سوريا ، ستكون أثمانه باهظة جداً ، نظراً للتجاوزات الخطيرة التي ارتكبها النظام طيلة أربعين عاماً ، فنظام الأسد ، ورغم القواسم المشتركة التي تجمعه مع كثير من الأنظمة العربية ، إلا أنه نظام ليس كمثله شيء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من النيل إلى بردى-
يامن زهرة ( 2011 / 2 / 12 - 00:03 )
الرجاء من أجل الثورة السورية استخدموا هذا العنوان- من النيل إلى بردى-

نرجوا من الجميع الابتعاد عن الصيغ الطائفية فالثورة ستكون كثورة مصر سلمية ديموقراطية إذا موافقين لنبدأ الإعداد فكل الظروف مهيئة تماماً,أزيحوا الخوف جانباً ,اتكلوا على الله,لاتلتفتوا إلى تحليلات البعض /أن النظام قوي والطائفة العلوية معه...الخ مما له بعض الكتاب ...إذاً الملتقى على فيسبووكيروج


2 - الفرعون السوري
مجبر الساعدي ( 2011 / 2 / 12 - 08:44 )
اخيرا، هل استوعب الفرعون السوري الفاسد مضمون الثورة و خلاصتها و تيقن من أنه لم يعد له من مکان في ذلك المنصب الذي لم يعطه حقه کما يجب و ساير الفاسدين و المتملقين و الدجالين و أدار بظهره للمخلصين و الصادقين و أبناء سورياالحقيقيين، فصارت سورياإقطاعية لشريحة محددة و جعلت من الاغلبية تعاني من حرمان و فقر و حياة صعبة جدا،

اخر الافلام

.. حادث مفاجئ جعله رئيساً مؤقتاً لإيران.. من هو محمد مخبر؟ | ال


.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني في تبريز| الأخبار




.. نتانياهو -يرفض باشمئزاز- طلب مدعي الجنائية الدولية إصدار مذك


.. مقتل الرئيس الإيراني: هل تتغيّر علاقات طهران بدول الخليج وال




.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس -إبادة جماعية- نحن نرفض ذلك