الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات المحلية نحو تجربة ناجحة

فاطمه قاسم

2011 / 2 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أخيراً، بعد جدل طويل، بعد تقدم وتراجع، بعد تردد وإصرار، تم الإعلان عن إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية في التاسع من تموز القادم، أي بعد ستة شهور من الآن.

الفترة ليست طويلة، وسوف تمر الأيام سريعاً مزدحمة بالإجراءات والتحضيرات لهذا الاستحقاق الوطني من الطراز الأول.

من المعروف أن الانتخابات المحلية، أي انتخاب هيئات المجالس البلدية والقروية، تتميز بكثرة عدد المنتخبين، وهذا يقتضي بالضرورة زيادة في أعداد المرشحين بأعداد كبيرة جداً.

وبعد إنجاز القانون الذي ستتم بموجبه هذه الانتخابات، وإعداد السجلات الكاملة للناخبين، والاتفاق على وجود "كوتا" نسائية، يأتي العنصر الأهم في العملية كلها، من هم هؤلاء الرجال والنساء الذين سنختارهم لتحمل المسئولية في مجالس المدن والقرى؟ ما هي المعايير، وكيف تكون هذه الانتخابات تأسيساً لقاعدة ديمقراطية صلبة من قواعد دولتنا المستقلة؟

العنصر المميز للهيئات المحلية أنها أكثر التصاقاً بحياة الناس اليومية، ابتداءً من النظافة في الأزقة والشوارع والأحياء والساحات، وصولاً إلى أشكال التنمية المستدامة، في الطرقات، والآبار، وشبكات الماء والكهرباء، وتنظيم الأسواق، إلى بقية متطلبات التنمية الزراعية وما يرتبط بها من قيام مشروعات صناعية ترتبط بالإنتاج الزراعي، أو مشاريع صناعية في نطاق الإنتاج المحلي، ومشاريع إسكان وتعليم وتنمية ثقافية...الخ

الهيئات المحلية ترتبط أكثر من غيرها بالتفاصيل، وبرامج التنفيذ على الأرض، والمتابعة الميدانية المباشرة، وبالتالي فإن المرشحين الذين نريدهم أن ينجحوا و أن يتحملوا المسئولية، وينهمكوا في تحمل أعباء الخدمة العامة، يجب أن يكونوا معروفين لمواطنيهم، بصفتهم أصحاب قدرة وخبرة في القيام بمسئولياتهم، إنهم رجال ونساء لا يرتكزون فقط على دعم أحزابهم السياسية أو عائلاتهم وشرائحهم الاجتماعية، بل على خبرة مواطنيهم معهم، بان لهم كفاءات تؤهلهم لذلك، صحيح أننا شعب ما تزال العشيرة والعائلة تلعب فيها دوراً بارزاً، ومازال الانتماء الحزبي والفصائلي له الأولوية، ولكن لماذا لا نختار من هذه العشيرة أو تلك العائلة أو ذاك الحزب أو الفصيل، الذي ارتبطنا معه بخبرة سابقة، خبرة ميدانية، بأنه إنسان كفؤ، مهيأ للعمل العام، مؤهل عبر تاريخه ونشاطه لخدمة الناس، يحب خدمة الناس، له أهلية معروفة لنا، تكون هي الأساس لترشيحه أولاً، وتكون هي الأساس لاختياره ونجاحه في هذا السياق الديمقراطي؟

من هو هذا المرشح لرئاسة مجلس بلدي أو قروي؟ هل هو الذي نعرفه، ورأيناه دائماً في حالة جاهزية في الخدمة العامة؟ هل هو صاحب الخبرة الذي رأيناه بأعيننا، وعرفناه بالتجربة، أم أنه مجرد حالة انتخابية، يظهر وقت الانتخابات ثم يذوب ويختفي؟ هل هو الذي نجح سابقاً في أعمال تفيد الناس، وصاحب مبادرات، وهمة عالية، وقريب من بعض الناس، أم أنه الشخص الذي يطل علينا من بعيد، يرتدي لباس التعصب العائلي أو القبلي أو الفصائلي، ولم يسبق له أن مد الجسور بيننا وبينه للثقة والمودة والنجاح؟

إذا كانت الانتخابات ستشهد التنافس بين برامج يقدمها المرشحون للناخبين، فما هي هذه البرامج؟ هل هي مفهومة؟ هل هي مقنعة وقابلة للتطبيق، أم أنها مجرد وعود محلقة في السماء، ولكنها غير قابلة للتطبيق على الأرض؟ هل تمثل انتصار الكلام أم انتصار الأفعال؟

نحن لسنا شعباً بمئات الملايين مثل الكثير من الشعوب، بحيث تتوه المسافات والمعايير والملامح، بل نحن شعب صغير، في مدن وقرى عديدة، وبالتالي فإننا نعرف بعضنا، الماضي والحاضر، الأقوال والأفعال، الذين كانوا دائماً في قلب الميدان، في صميم الخدمة العامة، الذين أنعم الله عليهم بالقابلية والقبول، سعة الصدر وروح التعاون، بالحكمة والرجاحة، بالاهتمام الشديد بكل التفاصيل، بالقدرة على إيجاد المخارج لحظة الأزمات والصعوبات، بأهل الخبرة في مجالات العمل.

الانتخابات أمانة في الأعناق،
الانتخابات صدق مع الذات،
الانتخابات هي من أجل عمل يدوم لك وللأبناء من بعدنا، لليوم والغد الآتي، لكل طموحاتنا المشروعة بأن نعيش حياتنا بشكل أفضل، وبالتالي نصدق مع الله ومع أنفسنا في اختيار من يساعدنا، ويعمل من أجلنا لتكون حياتنا أفضل.

الانتخابات المحلية، هي الخيار الحر والصادق والمسئول للإنسان الذي يشق لنا طريقاً، ويبني لنا فصلاً في مدرسة، ويقيم لنا تنظيماً في مدينتنا وقريتنا لتكون أجمل وأنفع، لأهل الخبرة الذين اختبرتهم الأيام، لأجمل الممكن العملي وليس شطحات المستحيل، وأكوام الكلام غير القابلة للصدق.

والأمانة في هذه الانتخابات ثقيلة جداً، لأن هذه الانتخابات المحلية هي تأسيس على أرض الواقع للتفاصيل والوقائع والحقائق التي ستقوم عليها دولتنا المستقلة قريباً جداً، ولا بد أن يكون الرجال والنساء الذين نختارهم على قدر المهمة وبحجم الأمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت