الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف على ثورة ميدان التحرير

عهد صوفان

2011 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مثل زهر الأقحوان تفتحت ورودُ ثورة ميدان التحرير.. وتجسدت أجملُ اللوحات في ميادين القاهرة..
ورودُك الجميلة تفتحت وفاح َعطرُها في كل أرجاء الوطن فكنتِ هديةً للمحرومين المشردين على الأرصفة..وكنتِ الحلم البعيد الذي أتى مسرعاً ليعانق الفقراءَ والمظلومين فوق ترابهم....

ثورةُ ميدان التحرير من أجمل الثورات لأنها أتت إلى محبيها في الزمن الصعب وفي اللحظة الأخيرة لتكون قارب النجاة وشط الأمان في آنٍ معاً...
ولكني أخاف أن تذبل ورودُ الثورة.. أخاف أن يأتي الخريفُ مبكراً..إنْ لم نتعلم من دروس الماضي التي قدمت الكثير من الثورات الشعبية ضد الظلم وضد الطغاة.لكنها عادت لتذبل وتتحور إلى الشكل المضاد....تحولت ضدّ الشعب وضدّ القيم....

تاريخُ الثورات تاريخٌ مليء بالعبر والأفكار التي تحتّم على ثورتنا أن تتعلم منه. فكمْ من ثورةٍ باسم الشعب انطلقت وتحت شعارات العمال والكادحين عبرت شوارعَ البلدان.....كم ْمن ثورةٍ هتف الشعبُ لها وقادها وضحى بالدماء وبالجهد والعمل في سبيلها. ولكنها وبعد حين تنكرت لدماء الشعب ولعطائه وبذله ودوره فيها....
ما أجمل أن تنطلق الثورة الشعبية, ولكن الأجمل أن تنتصر وتحقق أهدافها كل أهدافها..........

أهداف الثورات تنمو بسرعة الأحلام وتحلّق عالياً في السماء وأحياناً تجمحُ خارج الزمان. وفي كثير من الأحيان يركب جموحها بعض المتسلقين المتخفين بلباس الثوار وأخلاق الشرفاء. فيتحول هؤلاء المتسلقين إلى قادة ويفرضون أنفسهم رموزاً يجب طاعتهم والخضوع لهم وإلا فالمخالف هو عميل وخائن. وهكذا يبدأ الانحراف الثوري عن أحلام الشعوب التي قادت التظاهرات وقدمت الدماء والأرواح في سبيل الوطن..
تبدأ الثورات برفع الشعارات الشعبية الصادقة. لأنها تعبّر عن الشعب ولكن الأهم أن تحمي الثورة قيمها وتحمي شعبها وتبقى ملتصقة بجماهيرها التي هتفت لها وصنعت نجاحها...

والبعض يعتقد أن نجاح الثورات يعني إسقاط النظام السابق فقط, وهنا يكمن مقتل الثورات الشعبية....فإسقاط النظام هو نجاح مرحلي ضروري لابدّ منه. ولكن الأهم أن يتمّ الانتقال إلى الثورة على المفاهيم القديمة المتكلسة والمتحجرة...الثورة يجب أن تنظر إلى المستقبل وتعمل على ربط نفسها بالعلم والحضارة...عليها أن تتكئ على علماء النفس والاجتماع والقانون في سنّ وتشريع القوانين الجديدة التي تنظر إلى الأمام لا إلى الوراء...عليها الاعتماد على العلماء والخبراء في كل المجالات...هي ثورة قيم وأفكار وليست ثورة أشخاص ورموز...

بالأمس القريب قامت الثورة البلشفية كثورة نبتت من بين الطبقة العاملة..... رفعت شعارات ولافتات شعبية تطالب بحماية العمال والمنتجين وقالت أنها ثورة العاملين الكادحين و ثورة المظلومين .وسخّرت كلّ وسائل الإعلام والإعلاميين والكتاب والمفكرين ليحموا هذه الثورة التي حماها الشعب وقتها وقدم الدم في سبيلها ولكن ومع الزمن تحولت هذه الثورة إلى رموز مقدسة ونصوص مقدسة ومبادئ مقدسة.........

تحول الرمز إلى إله لا يجوز المساس به وتحولت فكرة الثورة إلى فكرة مقدسة تحميها القوانين والجيوش وبالنتيجة تحولنا من سيطرة شخص دكتاتور إلى شخص آخر أكثر دكتاتورية من السابق...لقد سقطت الثورة الشيوعية الشعبية في مستنقع الدكتاتورية. بل ذبحت أبناءها وسفكت دماءهم في حروبها وسجونها ومغامراتها...هكذا يقول لنا التاريخ...حتى ثوراتنا نحن فكلها انطلقت وهتفت باسم الشعب وتكلمت باسم الشعب........والكل يعلم أنها لا تمت ولا ترتبط نهائيا بالشعب. لأنها ثورات اقتنصها أشخاص اتكأوا على الشعب مرحليا للوصول إلى قمة السلطة وعندما وصلوا وامتلكوا القوة حولوا الثورات لصالحهم وهاهي ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952 تصل في عام2011 إلى خواتيمها النهائية...
الشعب يثور على ثورته القديمة وعلى أحد رموزها والتي خذلته بعد أن نشرت الفقر والفساد والظلم....ثورة الضباط الأحرار في مصر وصلت إلى حكومة وزراؤها هم رجال الأعمال. هم لصوص المال العام باعتراف النظام نفسه....لقد قرأنا الفاتحة على ثورة الضباط الأحرار لأنها لم تتعلم من التاريخ...فهل تتعلم ثورتنا الجديدة من التاريخ؟..

أخاف على ثورتنا الحلم أن تسقط كما الآخرين....فبعض ثوارها يرفعون شعارات دينية ويقولون الإسلام هو الحل.أخاف عليها من الفكر الوهابي الذي يتربص بها. كيف لهذه الثورة أن تتجاوز فكرة النصوص المقدسة التي تشدّ الإنسان إلى الوراء وتنظر إلى المستقبل؟؟.. كيف لها أن تتجاوز الأحزاب الدينية؟؟.. التي سيطرت على نسبة كبيرة من الشعب.......
كيف لها أن تتجاوز الأفكار الدينية التي جمدت العقول وأوقفت عملها؟ أخاف عليها إن لم تبدأ بعد أن سقط النظام بإسقاط المناهج الدينية والأفكار العنصرية وتدعوا لمناهج وطنية تؤمن بالوطن لكل أبنائه, تؤمن بالعلم وتعطيه المساحة المطلوبة في الحياة....

على أبناء الثورة أن يحولوها إلى ثورة علمية حضارية...ثورة تتجذّر في الأرض التي نعيش عليها ولا تعيش في السماء.ثورة ملتصقة بالأرض والواقع...عليها أن تؤمن وتطبق الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان....عليها أن تكتب دستورا جديدا يكون فيه المواطن ابن الوطن الحقيقي. لا تمييز بين إنسان وآخر مهما كان الاختلاف في العقيدة أو اللون.........
عليها أن تدعو إلى دولة مدنية حقيقية وتعمل في سبيل ذلك عندها يسقط خوفي عليها.وأنام مطمئناً على مستقبل الوطن الذي يكون لكل أبنائه....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أعدك بأن ماتنادى به سوف يحدث
زاهر زمان ( 2011 / 2 / 12 - 13:32 )
أخى / عهد
أعدك بأن ماتخشاه على الثورة ، لن يحدث ، وأن ماتنادى به وتطلبه ، هو ماينادى به ويطلبه الشعب المصرى كله ، وفى مقدمتهم الطلائع الثورية للورد اللى فتح فى الميادين .
تحياتى


2 - أخي زاهر زمان
عهد صوفان ( 2011 / 2 / 12 - 17:22 )
تحية لك وأتمنى أن تكون ثقتك بمكانها وأن لايقفز أو يتسلق على الثورة أصحاب السماء الذين يربطون كل شيء بالله. فتتحول عندها الثورة لمواجهة النصوص المقدسة ويوما بعد يوم يبدأ مسلسل التنازلات
ارجو ان تنتصر هذه الثورة بكل المعاني فتفتح بابا جديدا امام شعوبنا لنتذوق طعم الحرية بعيدا عن الخوف الذي يسيطر علينا الآن
اشكرك وأحييك


3 - حماك الله يامصر
محمد سلامة ( 2011 / 2 / 24 - 19:23 )
بسم الله الرجمن الرحيم قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها اذي اقسم بالله لقد تحققت مكاسب على غرار الثورة لم ولن كنا نتخيل اونحلم بجزء منها وعلينا ان نكتفى بما تحقق ونتابعه عن بعد لكي تقوم الحكومة بتحقيقه يااصحاب العقول المتريثة وياايته القلوب النابضة باالخير وياشريان الحياة للاجيال القادمة علينا ان نكف الان ولانقفز من فوق جبل فنهوي الي مكان سحيق لايعلم مداه الاالله سبحانه وتعالي انظروا الي المخطط الكبير الذي يدور حولنا نحن فقندنا الثهداء واخرون يركبون الثمرة لاغراض خطيرة وباختصار مصر مخطط لها ان تنقسم الي ثلاثة دول دولة سنية وعاصمتها القاهرة ودولة قبطية وعاصمتها الاسكندرية ودولة نوبية وعاصمتها اسوان تخيلوا لوحدث ذلك فانه الشرق الاوسط الذي يتكلمون عنه وانظروا الي السودان شمال جنوب والعراق اكراد وشيعة وسنة وفلسطين فتح وحماس والصومال احتلال يهودي وقطر قاعدة امريكية واليمن وتبقي الجائزة الكبري علي حد زعمهم مصر نجانا الله من كيد الكافرين والله المستعان

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجهز لنا أكلة أوزبكية المنتو الكذاب مع


.. غزة : هل تتوفر ضمانات الهدنة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. انهيار جبلي في منطقة رامبان في إقليم كشمير بالهند #سوشال_سكا


.. الصين تصعّد.. ميزانية عسكرية خيالية بوجه أميركا| #التاسعة




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الدفاع المدني بغزة: أكثر من 10 آلا