الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خريف البطريرك

رحمن خضير عباس

2011 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


خريف البطريرك
رحمن خضير عباس
لم يكن البطريرك يدرك ان نهايته قد حانت . فكان يعد العدة للخلود . وهو يستحق ان يبقى الى الآبد على هذا الكرسي السحري , الذي اتّخذه اريكة ابدية منذ ثلاثين عاما . لم يدر في خلده انه لن يسبح في النهر مرتين لأن المياه تجري دائما . وان الزمن يتحرك وان الأشياء تولد وتموت في حركة جدلية مستمرة . لقد اسكرته مفاتن السلطة فهي تشريف ورُقي واموال تنهال وبذخ غير محدود وجاه كبير , فهي ليست بتكليف ومسؤولية ومحاسبة . فلماذا لايبقى الى الابد ؟ ولماذا هؤلاء الشباب في عجلة من امرهم ! لقد توهم البطريرك بانه صالح لكل زمان , فهو يتيم عصره وهو رمز الأمة وعليه ان يبقى جاثما على صدرها مادام حيّا . غير آبه لما يجري في الشارع الذي كان يغلي ويعاني ويكتوي برغيف المعيشة المر والمستحيل . حينما اخبره زبانيته عن نية الشباب بالذهاب الى ساحة التحرير . قال بسخرية ( سيبوهم يلعبو ) ولم يعلم أن العيال كبرت وان اللعب يحتمل الربح والخسارة . وانهم مصممون على الأنتصار .
في سبعينات القرن المنصرم كان عصر طيش الأنقلابات ولكي تكون قائدا ضرورة او معبود الجماهير , او ملك ملوك افريقية تحتاج الى دبابة واذاعة . وبمجرد اذاعة البيان الأول . ستصبح قائدا ملهما , وانك اتيت في الوقت المناسب لأنقاذ الوطن واسعاد الجماهير , وقد تتسع جماهيرك لمبايعة نجلك في حالة الوفاة (لاسمح الله ) فانتم الصفوة التي خُلقت للرئاسة فقط !
لقد كانت عواجيز مصر تعتقد ان الأ سرار ستبقى بين اروقة السلطة , وانهم يستطيعون ان يحتكروا المعلومة , وان يغيروا الحقائق , وان يحتكروا الأتصالات . وهكذا يمكن ان يتمترسوا خلف اسوار السلطة في قصورهم المنيفة , وان يمارسوا سياسة التجويع المبرمج . ولئلا يتفجر قدر الغضب , يرمون ببعض الفتات الى الناس . وفي ذات الوقت يبنون جهاز امن قادر على البطش . حيث يتم انتقاء افراده من الفئات الأ جتماعية المسحوقة , ويخضعون لتداريب لا انسانية لغرض غسل عقولهم وانسانيتهم فيتحولون الى وحوش مفترسة تفتك بعدو اسيادها . وهذا ما حدث في الهجوم على المتظاهرين فيما سمي بمعركة الجمل . لقد تجردت هذه الأنظمة من احتكار المعلومة –سلاحها الفتّاك - . فاصبحت المعلومة شائعة ومتداولة من قبل الجميع . فقد اصبح العالم قرية صغيرة وان الثورة الحقيفية للكومبيوتر قد غيرت وجه العالم الى الأبد وان الفيس بوك وتويتر ووسائل الأتصالات الأخرى جعلت هؤلاء مجرد نمور من القش سقطت اسنانها . لذالك فحينما تقارن بين تصريحات وائل غنيم وحسني مبارك - والتي جاءت اي التصريحات في لحظة زمنية حرجة – حيث ان تصريحات غنيم تنم عن العقلانية والثقة بالنفس والأيثار والقابلية على تقييم الواقع بشكل متوازن . فهو يصر على انه ليس بطلا وان الأبطال الحقيقين هم أبناء ساحة التحرير , اما تصريحات حسني مبارك فكانت على النقيض حيث كشفت انانية العسكري المعتد بنفسه .وجهل السياسي الغير قادر على قراءة الواقع والذي يؤمن بان كل ما قام به يستحق التقديرمن الشعب . لذالك فقد اصرّ ان يبقى في السلطة حتى اذا احترقت القاهرة , متمثلا بنيرون . ولكن العاصفة لم تسمح له ان يبقى على غروره في المكابرة والأستهانة بمصير الوطن .
لقد تهاوى البطريرك من صهوة حصانه . وسقط في مزبلة التأريخ . وفي لحظة السقوط هذه انتفض الوطن ليعبر عن نشوة الجوعى والمقهورين والشهداء والكادحين . هؤلاء الذين اضاءوا ليل القاهرة نهارا . والذين عبّروا عن افراحهم بالصراخ والهتاف والعويل , ليثبتوا للعالم اجمع ان ثورتهم لم تكن مغامرة للحصول على السلطة . وانهم اعتمدوا على انفسهم وانهم قالوا نعم للمستقبل , وقالوا لا للماضي الأليم وان الثورة ينبغي ان لاتُجيّر بالمتسلقين من الشخصيات الطامحة للسلطة ولا للآحزاب التي لاتؤمن بالديموقراطية . ولا الذين ركبوا الموجة بعد ان استشعروا نهاية البطريرك .
ينبغي على القوى الديموقراطية ان تعي ان سقوط الرئيس لا يعني تلاشي النظام القديم وحاشيته . فهي ذات تكوين هلامي لاتموت بموت الرأس , فلها القابلية على ان تؤسس نظامها , بعد ان تستبدل اساليبها بالحياة , ثم تجهض الثورة من جديد . ولنا خير مثال في شخصية بن علي في تونس حينما انقلب على نظام بورقيبة ولكنه اسس نظاما دكتاتوريا تحت واجهات كاذبة , مما جعل الشعب التونسي يعيش عقودا من سنين الجمر .
لاشك ان الأنظمة العربية ستتهاوى كاحجار الدومينو وذلك ان سونامي التغيير قادم لامحالة . وهو لايتوقف الآ بعد تساقط الأحجار كاملة وهذا لا ينطبق على رقعة جغرافية دون غيرها . فالنظام القمعي في ايران الذي احتكر منجزات ثورة 1979 هو في القائمة ايضا . وان نهاية اي بطريرك قادمة سواء قد لبس العمامة او الزي العسكري .
أوتاوة 12 / 02 / 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مومیاء اخر يريد ان يعتلي خشبة المسرح
شولبان علي ( 2011 / 2 / 12 - 08:55 )
بدأها بالقول :بأنە مستعد لخدمة مصر في اي موقع کان ولما لم يأبه احد لما قال، کذب بالفم المليان وقال ان شباب الساحة طلبوا منه ان يصبح رئيسا وأضاف بان خدمته کأمين عام للجامعة العربية ستنتهي قريبا و أنە لا يفکر بالتمديد.. يا للتضحية ! هذا الرجل الذي اصبح و منظمته مثالا صارخا للجمود و عدم الکفاءة.. و هو نفسه لم يکن سوی متملقا و ماسحا لاکتاف الطغاة يريد الآن ان يصبح رئيسا... صحيح ان اللي اختشوا ماتو... و اللي ماختشوش تنحوا... فالی اي فريق ينتمي السيد عمرو موسی

اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة