الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
رسالة مستعجلة من فهدإلى صدام
فهد محمود
2002 / 8 / 9اخر الاخبار, المقالات والبيانات
منذ عهد بعيد وأنا أتطلع كل صباح إلى النوافذ المطلة أمامي لأرى وجه العالم , لاستشف الأخبار واستطلع الأوضاع واتعرف على المستجدات المتواصلة في زمن عجيب اختلط فيه الصحو بالإغفاء .
حينما كنت خارج أسوار الوطن حالماً بالتفوق العلمي والعودة إلى الوطن , كنت اهرع مسرعاً إلى الصحف المتوفرة باللغة العربية واكثر الأحيان الصحف ذات اللغات العديدة مستعيناً بالمترجمين حيناً والوسائل المساعدة حيناً اخر , لاجد ما قد يهدأ اعصابي المتوترة منذ ان وعيت على الساسة والقادة وأصحاب الملاحم البطولية !!
وحينما احتضنتني جبال كردستان الشماء كنت أتطلع إلى السماء أتحسب للأنواء الجوية لافرق بين أسلحة الفتك الطائرة والزاحفة لأحدد جنسياتها أهي عراقية أم تركية أم إيرانية أهيئ وسائلي المتواضعة للدفاع عن النفس في زمن كانت قيمة الإنسان تقدر بطلقة البندقية.
وحينما رميت خارج أسوار الوطن ثانية , هرعت ومازلت إلى النافذة الصغيرة الرهيبة وحاملة اسم الانترنيت التي تدخلني إلى العالم اجمع دون العودة إلى جوازات السفر أو تأشيرات الدخول متجاهلاً الأجهزة المتحكمة بمصير الإنسان ووجهة سيره .
وفي هذا الصباح ذات التأريخ الذي جمع الرقم ( 8 ) في يومه وشهره وعامه 8/8/1988 وأنا أهيئ ذاكرتي إلى بدايات لعبة الحرب بين الكبار , حينما اتخذت الشرعية الدولية ! قرارها بإطلاق العنان للمدافع وأسلحة الدمار , احتفاءً بموت الإنسان في حرب البترول الأولى , بعد بروز الثورة في إيران وانهيار قلعة اخرى للأمريكان على البوابة الشرقية للعراق ! عام 1979 .
استلمت خطاباً قومياً من صدام لا يحمل في ثناياه أية مسحة أو سمة أو صفة أخلاقية عراقية وطنية نابعة من تأريخ شعبنا العريق مثلما يؤكد عليه باقر ابراهيم ( ونشكر الله اننا كعراقيين نتميز ليس الان , بل منذ الآف السنين بهذه التركيبة الرائعة من التنوع والتعايش , الذي أمد ركاب سفينتهم بوجه الأعاصير والمتاهات وكذلك بان يفنوا حياتهم ويعطوا الكثير للبشرية , في كل أرجاء العالم ) باقر ابراهيم /الديمقراطية وأساليب الحوار نتحاور لنبلغ هدفا مشتركاً مجلة حقوق الانسان للجمعية العراقية ( السلطة ) لحقوق الانسان / الصادرة في بغداد ص 5 نيسان 2001 .
حيث تشير يا صدام في خطابك القومي الموجه الى النشامى والما جدات والعرب والمؤمنون حيثما انتم " في السجون والمعتقلات فوق الارض وتحتها من الأقبية العلنية والسرية , أو المنافي والقبور " , بان ( ..... ومما يستفاد من تأريخ الإنسانية ايضاً , ان الطمع والغطرسة , عندما يتحدان , لا يؤديان بالظالم الى ظلم الاخرين فحسب , وانما الى ظلم نفسه ايضاً , بعد ان يوهمه اتحاد الطمع والغطرسة بالمكنة والقوة التي لا تقهر , حتى وهو يسلك طريق الباطل والعدوان , ويرتكب ابشع الاعمال , منطلقاً من ذاك التصور المريض ... فيهوي صاحبها الى تهلكه - ومن بعدها الى سقر ..... ) .
صدقني يا صدام وأنا لست طامعا في التعقيب على مقولات .... قائد الضرورة ... وفارس الأمة ! وبطل الزمان وعبد الله المؤمن الغارق في دماء العراقيين منذ سنيين , إلا ان اذكر مقولتك الشهيرة وبمناسبة الخطاب القومي بـ " تحرير القدس عبر عبادان " , حيث نرى عبادان قائمة على أرجلها واكثر والقدس مازالت تحت الاحتلال بعد ان ذبحت الأطفال والأبطال من الشعب الفلسطيني , لم تنفع الآلاف من الدولارات ( ثمن الشهيد الفلسطيني " البضاعة وفق تصوراتكم " ) ولا جيش تحرير القدس ( ستة ملايين - المحشورة في معسكرات التدريب قسراً منذ أعوام ) من فك اسر الاحتلال للقدس الشريفة ؟
أما الطمع والغطرسة فلن أعود إلى زمن حمامات الدم في المؤتمر الاستثنائي لمحمد عايش وأعوانه ولا إلى عبد الخالق السامرائي وأصحابه . وأما المعارضة الوطنية من الشيوعيين والإسلاميين والقوميين وحتى غير السياسيين , فانهم طالما خرجوا من خيمة ! الثورة ! هذه عاقبتهم ..... وإلا ماذا يا صدام ؟!!!.
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
...............................................................................
وأنا أسف لهذا الانقطاع وإنما كنت ابحث بين الأوراق المتراكمة أمامي لاجد ما يدحض الطمع والغطرسة في خطابك القومي ! .
" .... واعود لاقول , لم اكن مصدقاً ان احدا من الكادر المتوسط المغمور مثل صدام حسين سيكون بديلاً للسلطة العراقية التقليدية بل كنا عندما نراه او نخاطبه نتصور اننا نتحدث مع احد انصار البكر او مع البكر نفسه بالواسطة . ولكن بعد وصولهما سوية ( البكر - صدام ) الى السلطة عام 1968 ادركت يقيناً انه سيتسلم السلطة ويطيح بحليفي البكر وجناحي السلطة , وزير الدفاع حردان التكريتي ووزير الداخلية صالح مهدي عماش , وبعدها سيصبح احمد حسن البكر فريسة سهلة يمكن تأجيل افتراسها الى وقت آخر مناسب " . د. علي كريم سعيد ( عراق 8 شباط 1963 / من حوار المفاهيم الى حوار الدم , ص 352 - 353 ) .
وإذا لم يكن الكتاب متوفراً في مكتبك , فأنني على استعداد لإرساله إليك بعد أن احصل منك على عنوان مضمون خوفاً من الضياع , وهذا ما حدث عام 1988 عندما ضاع 182 ألف مواطن كردي شنت حملة ظالمة بحقهم ( لا اعلم من الذي شن تلك الحملة التي لقبت بالأنفال واقتبس الاسم من إحدى الآيات القرآنية ! قبل أن تضع حرب ثماني سنوات أوزارها وخطابكم اليوم بهذه المناسبة ؟!!.
لكنني اضطر للبقاء في ذات الصفحة من ذكريات صديقك الوفي طالب شبيب حينما مدحك أمام المسؤول الكبير في المخابرات الأمريكية CIA ( ...... وفي عام 1969 همس بأذني مسؤول المخابرات الأمريكية CIAفي الشرق الأوسط ( ........) وكنا في دعوة غداء في الأمم المتحدة في الركن الشرقي , وكنت ممثل العراق الدائم في الهيئة الدولية , قائلاً : " ان صدام حسين رجل وغد , انه وغد thug" فقلت له انه الرجل الذي سيكون حاكماً للعراق وستتعاملون معه وتخذلون الجميع ) المصدر ذاته ص 353 - 354 .
على كل حال ليس لدي الوقت الكافي للبحث بين الأوراق القديمة المتراكمة فوق منضدتي المتواضعة وأنا في بلد المنفى واعاني من الآلام التي سببتها الضربة الغادرة في ذكرى عزيزة أخرى على سيادتكم , لابد لي التوقف عند زمانها ومكانها لتراجع أوراقك المتناثرة أيضا في هذه الزحمة من لجة الهرج :
الزمان 5 حزيران عام 1987الساعة كانت لدي إن لم تخونني الذاكرة 18.51 .
المكان واعتقد سيادتكم اعلم به وانت القائد المطلع على أحوال الرعية ! فـــــــــــي منطقة بهدينان ( زيوه ) وأنت زرت يوما ما كاني ماسي على طريق زاخو .
أما أدوات الجريمة فبالتأكيد !! لم تكن طائرات عراقية بل روسية الصنع من نوع سوخوي , يبدو ان الأتراك حصلوا عليها اثناء الحرب العالمية الثانية !!؟ وهذه الطائرات أفرغت حمولتها الـ 35 قذيفة زنة نصف طن ومطعمة بغاز الخردل وانا اجهل الكيمياء !!!؟.
لا استميحك العذر بل القراء , لتجاوزي حدود الصفحات الكتابة , لذا اضطر إلى تأجيل التعقيبات على خطابكم الموجه إلى القوميين , لأنه خطاب قومي وليس وطني على أمل أن نتبادل أطراف الحديث عندما تكون خطاباتك مغلفة بطابع وطني غيور على غرار البيان الأخير الذي لم يصلك لحد ألان من الندوة الوطنية العراقية التي شكلت جيشاً احتياطيا وعلى نفس المقاييس كجيش تحرير القدس .
إلا إنني استغربت كثيراً من خطابك حينما أشرت إلى (ايها الصوت الحبيب ... يا صوت الحبيب المصطفى .... وصوت بلال .... وابي بكر , وعمر , وعلي , وعثمان .... وخالد وابي عبيدة .... وسعد ... واسامة !! ...)
وتجاهلت القعقاع وأنت من أطلقت العنان للمدافع وأسلحة الدمار عام 1980 وباسمه واتمنى أن ذلك سقط سهوا وان لم يحال على التقاعد , خاصة وأنت في دائرة الازعاجات غير المبررة من الأمريكان ودول الغرب !!؟
..................................................................................
..................................................................................
..................................................................................
..................................................................................
..................................................................................
..................................................................................
كدت ان ادخل عالم النسيان واسقط سهوا تدمير حضارة عرب الاهوار خلال عقدين من الزمن , هذه الحضارة التي تعتبر واحدة من اقدم الحضارات في العالم والتي تمتد جذورها الى الحضارة السومرية , وهي من اكبر الجرائم ضد البيئة في التأريخ المعاصر , قد تم تدميرها قبل ان تكتب خطابكم القومي بأعوام .
في الختام لابد لي العودة إلى مقولة لصاحبي لم التقي يه منذ زمن بعيد والذي يقول :
( اللهم لا تحشرني في لجة وزحمة سوق الهرج ........ الكل ضائع !!!)
فهد محمود / السويد
8 / 8 / 1988
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما الذي يحول دون وقف إطلاق النار في غزة ؟ • فرانس 24
.. سيدة بلا تذكرة تتجاوز أمن المطار وتصعد للطائرة دون اكتشافها.
.. شاهد| سيطرة المعارضة السورية على مطارات عسكرية بإدلب وحلب
.. مقاتلو المعارضة السورية داخل قصر الضيافة بمدينة حلب
.. قراءة في دلالات كمائن القسام في رفح وعمليات سرايا القدس وسط