الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبور العربية

علي الأمين السويد

2011 / 2 / 12
كتابات ساخرة


استطاع الباحث الانجليزي هاورد كارتر في عام 1922 أن يعمل ثقباً في أحد جدران قبر مصري قديم، ليتفاجأ ويفاجئ العالم بالعثور على قبر الحاكم المصري القديم توت عنخ أمون الذي طالما بحث عنه الباحثون.
شاهد كارتر فرعون مصر مسجى كمومياء ميتة بين الكنوز التي وضعت لخدمته المفترضة في مرحلة ما بعد الحياة، هذه المرحلة التي يبدو أن الفراعنة الجدد ورثوا الإيمان بها بالرغم من تسليمهم ببشريتهم، فقد استطاع ذلك الرجل وبمحض الصدفة أن يفتح عيني العالم على جانب من تاريخ مصر في تلك الحقبة.
تلك الحقبة التي كان فيها لسان حال فرعون يقول أنا ربكم الأعلى، أحي و أميت، مالك ملككم مما تدعون من أرضكم ونساءكم وأطفالكم، أفعل بكم و بهم ما أشاء وقتما أشاء، والكل يجب أن ينحني ويقبل حذائي و لا ينثني، بل ويشكرني لأني تفضلت عليهبالسماح له بتقبيل كل نجس فيّ.

و بطريقة أو بأخرى، نستطيع القول أن توت عنخ آمون، الميت، حبس تحت سطوته قبساً من تاريخ مصر المتمثل بآلاف القطع الأثرية حتى يبدو للداخل إلى قاعة قبره، لحظة فتحها، أنه اخترق الزمن خلفاً ليعبر ثلاثة آلاف عام في الماضي فيدخل مصر المختصرة في قبر هذا الملك فيراها كما هي وكأنها لقطة متجمدة من فيلم سينمائي طويل، هذا الفرعون الذي اكتسب شهرته لأسباب لا تتعلق بانجازات وطنية ولا انتصارات عسكرية وإنما بسبب سطوه على الحكم مبكراً*.
و بالأمس شاهد العالم حاكم مصر محمد حسني مبارك مسجى كمومياء حية بين الكنوز التي وضعت لخدمته في الحياة و ما بعد الحياة، هذا الحاكم الذي اكتسب شهرته بالخنوع للأجنبي وحبس طاقات شعبه بحجة "اللحظة التاريخية الحساسة من تاريخ امتنا." في قبر كبير يدعى مصر.
فاليوم استطاع الشعب المصري وبمحض الإرادة الشبابية الوطنية، وليس بمساعدة هاورد كارتر ولا جورج بوش الابن أن يفتح عيني العالم على القبر المصري المغلق منذ 22 من تموز 1952 حتى الآن.
تسع وخمسون سنة من حكم فراعنة الجيش التي كان فيها لسان حال كل فرعون جديد يتبجح "على طريقته" و باسم الشعب قائلاً أنا ربكم الأعلى، أحي و أميت ، لا هدي إلا هداي، ولا وطنية دون تقبيل مؤخرتي، وأنا الوطن و الوطن أنا.
وليس من المفارقة أن نقول أن المستحاثة الحية، أو المومياء المتنفسة المسماة محمد حسني مبارك زج تاريخ مصر في غيابة السجن ووضع طاقتها المتكونة من عقول أبنائها في ثلاجة خوفه من التقدم والتطور، فراح العالم يتقدم والأمة تحت قدميه كما كنوز عنخ آمون كنوز للعرض فقط.
وفي ظل "تسونامي" فتح القبور، ترى كم قبراً سيفتح وكم تاريخاً سينبش بعد التونسي والمصري؟ وبالانتظار و كنصيحة أخوية أتمنى على الأخوة شراء أقنعة واقية كالتي تستخدم أثناء الحروب الكيماوية استعداداً للقادم من فتح القبور، فرائحة عفن حراسها قاتلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري