الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحني احتراما لشباب ثوار يصنعون التاريخ

سامي المالح

2011 / 2 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الشباب، احلام وأرادة وطاقات وجموح، ديناموالتغيير والتجدد والتطور، ادواة ومستلزمات الثورة –مواجهة رفض واقع مزري يستعبد فيه الشعب ويذل ويهان، والتصميم على قلبه وتغييره، وفرض واقع جديد، واقع يفتح الافاق للحلم، للحرية، للنهوض، للعمل والبناء، ولحياة نوعية لائقة ترفع ادمية الانسان وتمنحه الامل والجمال والكرامة.
انا، والملايين من امثالي، ممن لم يتوقفوا يوما عن الحلم بغد افضل للشعوب، ولم تثنيهم سنوات المواجهة والحرمان والتحديات والهزائم والانكسارات من مواصلة الايمان بقدرة الشعوب على صنع التاريخ، نحتفل منتشين بمشاعر انتصار ثورة الشباب في مصر، نحتفل وكأننا جزء من ذلك السيل الهادر من الناس، في ميدان التحرير، التي اصرت على تحقيق كامل اهدافها غير راضية بانصاف الحلول. نحتفل معهم وهم يستعيدون كرامتهم ويمرغون نظام فاسد دكتاتوري ورموزه في الوحل ويرمونهم في مزبلة التاريخ، نحتفل معهم وهم بحناجرهم وتماسكهم وتعاونهم واستعدادهم لتقديم التضحيات حققوا النصر على نظام مدجج بالسلاح يرتكز على مؤسسات قمعت وارهبت الشعب لعدة عقود. نحتفل معهم وهم يضعون الشرق الاوسط كله على اعتاب مرحلة تاريخية جديدة.
وانا اعلم، يقينا، ان ثمة ملايين اخرى، من الحكام والسلاطين والاجهزة القمعية والاعلام والابواق والمرتزقة والاتنتهازية المرتبطة بهم ومن لف لفهم، أصيبوا بصدمة قوية لن يصحوا منها قريبا. انهم مصابون اليوم بأرق تأكلهم الهواجس ويحسبون لوضعهم الف حساب. وأنهم صاغرون لايفقهون سر انتصار الجماهير العزلاء من الفقراء الغلابى والمحرومين والمقموعين والمهمشين على نظام اطبق السيطرة على حرية وحركة ونشاط وتفكير وحياة الناس اليومية في المجتمع بأسره.
ان هذه الثورة الشبابية البيضاء في مصر، البلد الذي يشكل مركز الثقل في العالم العربي، بل كل الشرق الاوسط، اضافت ذخرا انسانيا، ثوريا، الى ذخر نضال الشعوب من اجل الحرية والانعتاق. فهي:
- انطلقت من قلوب وضمائر شباب شجعان لم يهابوا المواجهة مستعدين لدفع ثمن المطالبة بالحرية والتغيير.
- اعتمدت التظاهر السلمي وبشكل حضاري اثار التقدير والاحترام وكسب تضامن الاحرار والشرفاء من جهة، وفوت على النظام واجهزته الفمعية الفرصة لاستخدام العنف المنفلت واغراق التظاهرة بالدماء.
- استخدم الشباب بابداع كل وسائل التواصل والاتصال لتنظيم صفوفهم وايصال رسالتهم والتركيز على هدفهم المركزي والتمسك به، كما افلحوا بفضح تحركات وتكتيكات وجرائم السلطة التي زجت برجالها وبلطجيتها لتشويه الثورة وجر الشباب الى معركة خاسرة وبالتالي اجهاض ثورتهم.
- ان مبادرات الشباب واصراهم وتصميمهم في تنظيم حياتهم القاسية لاكثر من اسبوعين في ميدان التحرير يثير الاعجاب والتقدير حقا، انهم اثبتوا مرة اخرى، ان الثورة هي فعل حر واستعداد لنكران الذات والتضامن والتماسك وتجاوز كل الاختلافات والفوارق والتوحد في هدف واحد جامع يجسد حرية الوطن وكرامة المواطن.
- لقد فرض الشباب انفسهم، من خلال لجانهم وتنظيماتهم التي لم تكن حزبية كلاسيكية، على كل الحركة السياسية المصرية المعارضة للنظام، وبذلك كسبوا احترام كل القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية والعلمية والناشطة في مؤسسات المجتمع المدني في الداخل والخارج، واصبحوا قاطرة سحبوا كل تلك القوة، التي تردد وشكك وكاد ان يتراجع قسم منها في منتصف الطريق، الى امام لتحقيق الهدف المنشود، فحسمت صرختهم، ارحل ..ارحل، المعركة بتحقيق النصر.
- شكل تحرك ومؤازرة المصريين في خارج مصر، وخاصة الناشطين والمثقفين والاعلاميين، دورا هاما ومساعدا، يضاف الى ذلك التضامن الدولي الواسع ووقوف الاحرار في كل ارجاء العالم معهم. ان هذا يثبت ثانية ان الشعوب التي تتحرك وتناضل وتتحدى وتقدم التضحيات من اجل الانتصار تكسب التقدير والتضامن والمساندة في هذا العصر الذي بات المجتمع البشري فيه وكانه يعيش في قرية صغيرة واحدة.
- واخيرا دشن هؤلاء الثوار، ببساطتهم وصدفهم واصراهم، وبانتصارهم، مرحلة جديدة في هذا الجزء من العالم، مرحلة الايمان بانتصار الشعوب على حكام تسلطوا لعقود على صدور شعوبهم، مرحلة تغيير انظمة دكتاتورية شمولية غارقة في الفساد والتخلف. مرحلة انطلقت شرارتها في تونس ولن ينتهي سعيرها في مصر، مرحلة ستكنس فيها الشعوب هذه الانظمة العائقة للتطور والتي اذلت شعوبها بما لم يعد يحتمل اكثر وترمي بها في المزبلة. انها مرحلة الثورات الشعبية التي تفتح الافاق نحو انظمة اكثر حضارية وعدالة وديمقراطية ولحياة افضل واكثر معنى وجدوى.
انحني اجلالا وتكريما واحتراما لشجاعة واصرار وتضحيات شباب ثورة مصر البيضاء، واملي ان تصبح مصر الجديدة، قريبا، مصر احلام وتطلعات الشباب، ان تصبح نموذجا لبناء نظام ديمقراطي علماني يضع الانسان، المواطن المصري، من دون اي تمييز هدفا رئيسيا له. ان تصبح بلد الامكانات والعمل والتعليم والابداع والانتاج والضمان الصحي والاجتماعي، ان تصبح مصر نموذجا تقتدي به دول وشعوب بلدان المنطقة الاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف