الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون العراقيون خارج الوطن : لماذا يتم ظلمهم ؟

يوسف ابو الفوز

2004 / 10 / 7
الادب والفن


أواخر سبعينات القرن الماضي ، ومثلما يعرف كل عراقي ، اضطر عشرات ، بل المئات ، من المثقفين العراقيين ، من كتاب وصحفيين وفنانيين ، ممن رفضوا الانسجام والانسياق مع سياسة تبعيث الثقافة العراقية ، الى ترك بلادهم والتشرد في مختلف المنافي البعيدة ، العربية والأجنبية ، وبعضهم ، وبعد فترة قصيرة ، ترك منفاه مختارا وعاد الى كوردستان العراق والتحق بفصائل الأنصار وحمل السلاح في جبال كوردستان لسنوات طويلة ، لمحاربة النظام الديكتاتوري المقبور ، قبل ان يضطر ثانية الى العودة الى منفاه الاجباري بعد حملات "الأنفال " السيئة الصيت التي قمعت الحركة المسلحة بوحشية. وبعد نهاية حرب الخليج الثانية ، مطلع تسعينات القرن الماضي ، شهدت بلادنا موجات جديدة من الهجرة لمختلف الشرائح الاجتماعية من ابناء شعبنا الى خارج الوطن ، ومن بينهم كان هناك أعداد كبيرة من المثقفين العراقيين ، بما في ذلك الكثير من الأسماء التي عملت بنشاط وحماس في مؤسسات النظام الديكتاتوري المقبور الثقافية ، والتي طبلت كثيرا لحروبه المجنونة وللفكر القومي الشوفيني وسياسات النظام العدوانية التي جرت على بلادنا وشعبنا الويلات والكوارث . ورغم تشوش المشهد السياسي في نشاط أحزاب المعارضة العراقية ، فان المثقفين العراقيين خارج الوطن ، المخلصين لقضية شعبهم في نضاله من اجل عراق ديمقراطي فيدرالي ، بذلوا قصارى جهودهم ليكونوا سفراء حقيقيين لثقافة بلدهم أمام شعوب البلدان التي تستضيفهم كلاجئين ، وواصلوا العمل والنضال من اجل فضح النظام الديكتاتوري المقبور ونيل التضامن مع قضية شعبهم في مواجهته أبشع ديكتاتورية في المنطقة . كان المثقف العراقي يقتطع من خبزه ونفقات معيشته من اجل طبع كتاب ، يسجل فيه موقفه ضد ثقافة العنف والخاكي ، وكثيرا ما كان الفنان العراقي يدفع من جيبه الخاص نفقات اقامة معرض او السفر للمشاركة في فعالية فنية ، وهكذا غالبية عاش المبدعين العراقيين . باختصار شديد لم يتوقف المثقفين العراقيين خارج الوطن يوما عملهم في الابداع والفعل المعارض للنظام الديكتاتوري المقبور رغم كل المضايقات التي عانوها سواء بسبب طبيعة الحياة في الغربة وقسوتها وضغوطها المختلفة المستويات ، أو المخاطر من أساليب النظام الديكتاتوري المقبور الذي واصلت مؤسساته المخابراتية التهديد والابتزاز بمختلف الأشكال .
وحاول البعض ، ومن المحسوبين على النشاط الثقافي ، وببساطة ، ان يدق إسفين الفرقة بين مبدعي الثقافة العراقية ، سواء بإفشال الجهود لنجاح إقامة اي إطار نقابي لهم في المنفى ، أو من خلال التنظير لما سماه البعض " مثقفو الداخل ومثقفو الخارج "، وكأن هناك ثقافتين عراقيتين تقفان في تناحر وصراع . وتصدى المثقفون العراقيون لهذه التصنيفات التي تسعى لخلق شرخ بين المثقفين العراقيين الطامحين الى خلق ثقافة عراقية أصيلة تعيد لثقافتنا بهاءها بعيدا عن ثقافة الردح للفكر الشوفيني الشمولي التي ساهمت في الخراب الروحي لقطاعات واسعة من ابناء شعبنا . ولا تزال تصادفنا احيانا بعض الممارسات ، التي مهما بدت عادية ، وعفوية ، الا انها بالنتيجة تصب في مصلحة الساعين لزرع الشقاق بين مثقفينا العراقيين . ففي صحيفة عربية ، وفي حديث عن الثقافة العراقية ، يتحدث مثقف عراقي ساخرا عما يسميه " المثقفون السياحيون " غامزا بشكل واضح المثقفين العراقيين المقيمين خارج الوطن ، والذين توفرت لهم اخيرا فرصة زيارة وطنهم ولقاء اهاليهم واقاربهم واصدقائهم بعد ان كان من غير الممكن حتى التفكير بذلك لان ثمنه الموت الاكيد على ايدي اجهزة النظام الديكتاتوري المقبور ، التي تتوقف يوما عن متابعتهم ومطاردتهم ومضايقة الكثير منهم. وما اثارني لكتابة هذه السطور ، هو متابعني لبرنامج تلفزيوني شيق يعده ويقدمه الشاعر الدكتور خرعل الماجدي تقدمه فضائية " الشرقية " ، والماجدي عند كثير من المثقفين العراقيين خارج الوطن ، شاعر مبدع نأى بنفسه عن خطاب النظام الشوفيني الديكتاتوري فاستحق لهذا الاهتمام والاحترام . في برنامجه الثقافي وحواره الشيق مع الروائي العراقي عبد الخالق الركابي عن القصة والرواية وابداع الكاتب ، سأل الماجدي الروائي ضيف البرنامج عن رأيه في العديد من كتاب القصة والرواية العراقية . كان الماجدي يذكر الاسماء والركابي يعلق على أسلوب وشخصية الكاتب ارتباطا بقراءاته له أو علاقته الشخصية . كانت الأسماء تتابع ، وكنت انتظر ان يذكر الشاعر الماجدي ، ولو واحدا من أسماء المبدعين العراقيين من كتاب القصة والرواية الذين يعيشون خارج الوطن . كانت كل الأسماء ( ماعدا غائب طعمه فرمان ) من كتاب القصة المقيمين داخل الوطن ، ولا وجود لاسماء مثل إبراهيم احمد ، جنان جاسم الحلاوي ، شاكر الانباري ، محمود سعيد ، كريم عبد ، سميرة المانع ، جاسم المطير ، دنى غالي ، سعدي المالح ، علي عبد العال ، سلام ابراهيم ، والقائمة طويلة . صحيح ان الماجدي كمعد للبرنامج حر في تقديم اسئلته بالشكل الذي يريد ، ولكن من غير المعقول ان الركابي والماجدي لم يطلعا على ابداعات احد من الاسماء التي نعنيها أو لم يسمعوا بهم ؟ فلماذا اهمال السؤال ولو عن واحد منهم ؟ اهو مجرد صدفة ام انه امرا صار تقليدا يشير الى الظلم الذي يناله المثقفين العراقيين المقيمين خارج الوطن من زملائهم ، وخصوصا الناشطين في العمل الثقافي والاعلامي ؟ الامر هنا يتعلق بمستقبل الثقافة العراقية ، ومستقبل الوطن الذي يتحمل الجميع فيه مسؤليات البناء ومعالجة مخلفات عقود من الارهاب والتخلف .
في بداية كتابة هذه السطور ، كنت اريد ان يكون العنوان ( لماذا يا خزعل الماجدي ؟ ) ولكني لم اشا ان يبدو الامر وكأنه سجال شخصي ، فهو امر عام يشمل ظاهرة تحتاج الى التوقف عندها ، ومع ذلك فالسؤال يبقى قائما !
سماوة القطب
28ايلول 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها


.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف




.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب