الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة مصر في الميزان .

الطيب آيت حمودة

2011 / 2 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الثورات يخوضها الشباب غالبا ، فهم محققوا الأمل والطموح ، مكسروا جدران الخوف والخنوع ، وشباب تونس وبعده مصر أثبتا قدرتهما على التغيير ، في بلدان ما كان أحد يتوقع زحزحة أنظمتها الإستبدادية ، فكانت ثورة تونس الرائدة ،ولحقتها ثورةالخامس والعشرين من يناير ضد فرعون مصر مجلجلة صابرة مثابرة في ( ميدان تحريرها ) من يوم غضبها الكبير إلى يوم الرحيل والتحدي ، سقط مئات الشهداء ، وجُرحت الآلاف وكل شيء يهون من أجل الكرامة والحرية لأبناء مصر المستقبل .
***ولا شك أن المتتبع لسيناريو تطور الثورة بتشعباتها ومؤثراتها يستنتج جملة من الملاحظات والقناعات والعبر التي يسترشد بها حاضرا ومستقبلا في إنجاح الثورات المستقبلية ضد الأنظمة الإستبدادية .
** الأنظمة القائمة في ( الوطن العربي ) هي أنظمة استبدادية توظف كل إمكانيات البلاد لصالحها وصالح تُبعها وخادميها وليس لفائدة شعوبها ، وتُقسم المجتمعات إلى مناصرين لها ومعارضين ، ولا تتوانى في تجنيد أتباعها ضد الخصوم ( المعارضة ) بأساليب لا ترتسم حتى في الأذهان ! وهو ما وقع على أيدي بلطجة النظام ،وتكرر في التهجم على الميدان بما يعرف بموقعة ( الجمل ) .
** النظم الإستبدادية تناصر بعضها ، لأن سقوط أحدها يعني سقوطهم الحتمي جميعا ، وهو ما برز بوضوح في مناصرة السلط في السعودية ، والبحرين ، والأردن ، والإمارات المتحدة ، لحسني مبارك ، ناهيك عن مناصرة أنظمة المغرب الكبير في ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا له في السر لا العلن .
** الدول الغربية مواقفها تنبني على المصلحة ، فمواقفها متذبذبة لأنها انتهازية في تأييدها ، فهي تنتظر المنتصر للتصفيق له ، وهي لا تساير منطق الثورة إلا مرغمة خوفا من نظام جديد ينبذها ويحارب مصالحها ، فهي غالبا لا ترتضي لنا سوى الديكتاتوريات لما لها من مصالح تعود عليها بالنفع الوفير لوجيستيا وماديا .
** الشعوب اليائسة من الإصلاح بأوجهه المختلفة ، لها قابلية للثورة ، فيكفيها سبب بسيط ( مباشر) لتفجير نقمة عارمة ( فإحراق محمد البوعزيزي لنفسه ) فجر ثورة أسقطت نظام بن علي ! .
** الثورة يخوضها الفقراء ، والبسطاء ، والطبقة المتوسطة ، الذين ينشدون الأحسن والأقوم ، أما المستفيدون والحالبون لخيرات الوطن فهم ضد الثورة التي كثيرا ما يصفون القائمين بها ( بالمرتزقة ، عملاء الخارج ، وبالبلطجة وشذاذ الآفاق ومنفذوا أجندة خارجية ....... أما المستفيد منها فسيكونون غالبا من الإنتهازيين الذين ينتظرون الفترة المناسبة لتبنيها والإننقضاض على مغنمها .
** الأنظمة العربية التي بدأت بوادر الثورة فيها ، مطالبة بإجراء تغييرات وإصلاحات في نظمها ، وأن تقوم بإصلاح نفسها بنفسها قبل أن تجبر على التغيير مكرهة ، أو قبل أن تتعرض لطوفان الثورة على شاكلة ما وقع في تونس ومصر ، وما على الحكام سوى الإعتبار بما يمكن الإعتبار به ، قبل فوات الأوان ، لأن سقف المطالب اليوم ليس حتما نفسه غدا ؟!!.
** وسائل الإعلام الرسمية عند العرب تخدم أجندة أنظمتها وليس شعوبها ، وهو ما أظهرته تغطية قنوات النظام التي أبانت عن تعتيم إعلامي مقصود ، وتشويه مبطن للثورة ، وبإجراء مقارنة بين ما تقوله وما تنقله وسائل الإعلام الأخرى يتضح البيان .
** نجاح الثورة يستدعي شمولية الطرح الذي ينبني على طموحات الشعب بكامله ، دون الخوض في خصوصياته ، وهو ما يساعد على لم الشمل، وتوحيد المشتت الحزبي الذي تغذيه الأنظمة من باب فرق تسد ، ولا شك في أن نجاح الثورتين التونسية والمصرية مردهما هو عدم انشغالهما بالمطالب الحزبية الضيقة وإنما بما ينفع عموم الشعب من عيش كريم وحرية مسؤولة ، وعزة نفس ، دون تمييز بين أبناء البلد الواحد ، وإن اختلفوا في المعتقد واللون واللسان والتوجه والثقافة .
** إسقاط الأنظمة ليس بالأمر الهين ، فهو يحتاج إلى شدة بأس وقوة إرادة ، فكل حيل النظام سقطت أمام تصميم شباب الثورة ، وكادت الثورة أن تجهض على يد بلطجة النظام وأذياله لولا قوة إرادة الشباب ودفاعهم المستميت على ميدانهم التحريري.
***شباب مصر وعي بالذات .... وحب للوطن .
الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام المرئية من( ميدان التحرير ) أبانت عن حس وطني ، ورغبة سلمية في التغيير ، فلولا أوباش ومرتزقة النظام الحاكم بزحفتهم( الجملية ) وأسلحتهم البيضاء ، وقنابلهم المحرقة التي جوبهت بمقاومة شجاعة ، لما سقط أبرياء ، ولتحققت الثورة بأيسر الخسائر و بانقلاب أبيض ، ومهما كان ويكن ، فإن عبقرية الشباب استطاعت أن تستقطب الأنصار ، وتزيد من عددهم ، وحولت ميدانها ( ميدان التحرير) إلى قبلة لطالبي التحررونشدان التغيير ، فكانت الباحة مرتعا خصبا للتنديد بالنظام والمطالبة بإسقاطه حضاريا وسلميا ، عبر تجمعات متباينة في تعابيرها ، غناءً ورسما وشعرا وتنكيتا ورقصا ، فغدا المكان مهرجانا متعدد الإختصاصات ، فهو أشبه ( بساحة جورج بومبيدو ) أو ( ساحة مراكش) الشهيرة بثرائها الثقافي ورقصاتها القناوية .
***ما بعد ثورة مصر .....
تقاس قيمة الثورة بما ستحدثه من تغيير في عقلية شعوبها والشعوب المجاورة ، وتأثير ثورة مصر سلبا وإيجابا ستظهره أيام المستقبل ، وإن بدت ملامحها في الظهور خلال حراك في اليمن ، والجزائر ، والأردن ، غير التأثير الأنجح سيتضح عندما تتكلل ثورتا تونس ومصر بالنجاح في تحقيق المبتغى منهما . وكثيرا ما قيل بأن تجربة تونس لن تتكرر ، وأن مصر عصية على التغيير ، وهاهي إرادة الشعوب تجهض كل الأقوال، وتفسد كل الآراء ، ليتبين صدق نبوة الشابي( أبو القاسم ) بأن إرادة الشعوب من إرادة القهار العليم الحكيم .
*** صفوة القول أن ثورة مصر رائدة في سلميتها ، رائدة في استقطاب المؤيدين لها ، رائدة في عفويتها ، رائدة في تحويل ملمح ثورة افتراضية على صفحات الفايسبوك والإنترنيت إلى ثورة أطاحت بأكبر فراعنة وطغاة هذا الزمان ، رائدة في اختيارها وسيطرتها على (ميدان التحرير ) الذي لم تغمض للعالم عين في متابعة مستجداته و مفجآته المتعددة ، التي انتهت بالخبر اليقين ( خبر تنحي مبارك ) عبر خطاب مقتضب لنائبه عمر سليمان ، الخبر الذي ولد فرحة عارمة في كل البلاد المصرية والعربية والعالمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟